@ 324 @ | فطرهم ، ولهذا سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم لقولهم : واستمع إلى كلامهم . فإن الصباحة وحسن | المنظر لا يكون إلا من صفاء الفطرة في الأصل . ولما رأى غلبة الرين على قلوبهم | وانطفاء نور استعدادهم وإبطال الهيئات البدنية العارضية خواصهم الأصلية آيس منهم | وتعجب من حالهم بقوله : ! 2 < أنى يؤفكون > 2 ! أي : يصرفون عن النور إلى الظلمة وعن | الحق إلى الباطل . وروي عن بعض الحكماء أنه رأى غلاما حسنا وجهه ، فاستنطقه لظنه | ذكاءه وفطنته فما وجد عنده معنى فقال : ما أحسن هذا البيت ولو كان فيه ساكن ، وهذا | معنى قوله : ! 2 < كأنهم خشب مسندة > 2 ! أي : أجرام خالية عن الأرواح لا نفع فيها ولا ثمر | كالأخشاب المسندة إلى الجدران عند الجفاف وزوال الروح النامية عنها ، فهم في زوال | استعداد الحياة الحقيقية والروح الإنساني بمثابتها ! 2 < يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو > 2 ! لأن الشجاعة إنما تكون من اليقين ، واليقين من نور الفطرة وصفاء القلب ، وهم | منغمسون في ظلمات صفات النفوس محتجبون باللذات والشهوات أهل الشك | والارتياب ، فلذلك غلبهم الجبن والخور فاحذرهم فقد بطل استعدادهم فلا يهتدون | بنورك ولا تؤثر فيهم صحبتك ! 2 < لووا رؤوسهم > 2 ! لضراوتهم بالأمور الظلمانية واعتيادهم | بالكمالات البهيمية والسبعية فلا يألفون النور ولا يشتاقون إليه ولا إلى الكمالات | الإنسانية لمسخ الصورة الذاتية ! 2 < ورأيتهم يصدون > 2 ! يعرضون لانجذابهم إلى الجهة | السفلية والزخارف الدنيوية فلا ميل في طباعهم إلى الجهة العلوية والمعاني الأخروية | ! 2 < وهم مستكبرون > 2 ! لغلبة الشيطنة واستيلاء القوة الوهمية واحتجابهم بالأنانية وقصور | الخيرية ^ ( لن يغفر الله لهم ) ^ لرسوخ الهيئات الظلمانية فيهم وزوال قبول استعداداتهم | للهداية لفسقهم وخروجهم عن دين الفطرة القيم . | | ! 2 < يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا > 2 ! لاحتجابهم بأفعالهم عن | رؤية فعل الله وبما في أيديهم عما في خزائن الله فيتوهمون الإنفاق منهم لجهلهم وكذا | توهموا العزة والقدرة ولأنفسهم لاحتجاجهم بصفاتهم عن صفات الله فقالوا : ! 2 < ليخرجن الأعز منها الأذل > 2 ! ولم يشعروا أن العزة والقوة والقدرة كلها أنوار ذات الله تعالى وصفاته | اللازمة لذاته فبقدر القرب منه والفناء فيه والمحو في صفاته تظهر على المظاهر الإنسية | ولا أقرب إليه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم المؤمنين المحققين الموقنين فلا أعز منه عليه السلام | من جميع الخلق ثم الذين يلونه من المؤمنين ! 2 < ولكن المنافقين لا يعلمون > 2 ! لمكان | احتجابهم وشدة ارتيابهم . ولقد قيض من نفس من تكلم بهذا الكلام من أخرجه وحبسه ولم | يدعه يدخل المدينة حتى أقر بأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين . روي أن القائل لذلك هو عبد | الله بن أبي ، فلما رجعوا إلى المدينة سل ابنه السيف ومنع أباه من الدخول ، فلم يزل حبيسا | في يده حتى أذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد هو بعزة الله ورسوله والمؤمنين . |