@ 386 @ | الظاهرة والباطنة لأنه متوجه إلى مالك الملك ، منعم الكل ، منيع القوى والقدر ، | فأكسب نفسه القوة والتأثير والقدرة منه ، وتأثر منه الأكوان والأجرام وأطاعه الملك | والملكوت كما أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام : ' يا دنيا اخدمي من خدمني ، | واتعبي من خدمك ' . ثم إذا ربت همته الشريفة عن الأكوان ولم تقف بمحبته مع غير | الله ولم يلتفت إلى ما سواه زدنا في رزقه فآتيناه صفاتنا ومحونا عنه صفاته ، فعلمناه | من لدنا علماً وأقدرناه بقدرتنا ، كما قال تعالى : ^ ( لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل | حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ' ، الحديث . ^ ( فهو ينفق منه سراً | وجهراً ) ^ ينفق من النعم الباطنة كالعلم والحكمة سراً ، ومن الظاهرة جهراً ، أو ينفق من | كلتيهما سراً كالذي يصل إلى الناس من غير تسببه لوصوله ظاهراً وهو في الحقيقة منه | وصل لأنه حينئذ واسطة الوجود الإلهي ووكيل حضرته وجهراً كالذي يتسبب هو بنفسه | ظاهراً لوصوله ^ ( هل يستوون ) ^ استفهام بطريق الإنكار وكذا المشرك كالأبكم الذي لم | يكن له استعداد النطق في الخلقة لأنه ما استعد للإدراك والعقل الذي هو خاصية | الإنسان ، فيدرك وجوب وجود الحق تعالى وكماله وإمكان الغير ونقصانه فيتبرأ عن | غيره ويلوذ به عن حول نفسه وغيره وقوتهما . | | ^ ( لا يقدر على شيء ) ^ لعدم استطاعته وقصور قوته للنقص اللازم لاستعداده | ^ ( وهو كل على مولاه ) ^ لعجزه بالطبع عن تحصيل حاجته ، فهو عبد بالطبع محتاج ، | متذلل للغير ، ناقص عن رتبة كل شيء لكونه أقل من لا شيء ، فإن الممكن الذي | يعبده ليس بشيء سواء كان ملكاً أو ملكاً أو فلكاً أو كوكباً أو عقلاً أو غيرها ^ ( أينما | يوجهه لا يأت بخير ) ^ لعدم استعداده وشرارته بالطبع فلا يناسب إلا الشر الذي هو | العدم فكيف يأتي بالخير ^ ( هل يستوي هو ) ^ والموحد القائم بالله ، الفاني عن غيره | حتى نفسه يقوم بالحق ، ويعامل الخلق بالعدل ، ويأمر بالعدل ، لأن العدل ظل الوحدة | في عالم الكثرة فحيث قام بوحدة الذات وقع ظله على الكل ، فلم يكن إلا آمراً | بالعدل ^ ( وهو على صراط مستقيم ) ^ أي : صراط الله الذي عليه خاصته من أهل البقاء | بعد الفناء الممدود على نار الطبيعة لأهل الحقيقة يمرون عليه كالبرق اللامع . | | [ تفسير سورة النحل من آية 77 إلى آية 83 ] |