والعرب لا تقول : ودعته فأنا وادع .
في معنى تركته فأنا تارك .
ولكنّهم يقولون في الغابر : لم يدع وفي الأمر : دعْه وفي النّهي : لا تدعه إلاّ أن يُضطرّ الشّاعرُِ كما قَالَ : .
( وكانَ ما قدّموا لأنفُسِهمْ ... أكْثَرَ نفعاً منَ الّذي وَدَعُوا ) .
أيْ تركوا . . . وقال الفرزدق : .
( وعضّ زمان يا ابن مروانَ لم يدَعْ ... من المال إلاّ مُسْحَتٌ أو مُجَلَّفُ ) .
فمن قَالَ : لم يدع تفسيرهِ لم يتركِ فإنَّه يضمر في المسحت والمجلف ما يرفعه مثل الذي ونحوهِ ومن روى : لم يُدَعْ في معنى : لم يُتْرَكْ فسبيلُه الرّفعُ بلا علّةِ كقولك : لم يُضْرَبْ إلاّ زيدٌِ وكان قياسُه : لم يُودَعْ ولكنّ العربَ اجتمعتْ على حذفِ الواو فقالتْ : يَدَع ولكنّكَ إذا جَهِلْتَ الفاعل تقول : لم يُودَعْ ولم يُوذَرْ وكذلك جميعُ ما كانَ مِثلَ يودع وجميع هذا الحدّ على ذلك .
إلاّ أنّ العرب استخفّت في هذين الفعلين خاصّة لما دخل عليهما من العلّة التي وصفنا فقالوا لم يُدَعْ ولم يُذَرْ في لغةِ وسمعنا من فصحاء العرب من يقول : لم أُدَعْ وراءه ولم أُذَر وراءً .
والمُوادَعَةُ : شِبْهُ المُصالَحَةِ وكذلك التَّوَادُعْ .
والوَديعةُ : ما تستودعه غيرَك ليحفظَهِ وإذا قلت : أَوْدَعَ فلانٌ فلاناً شيئاً فمعناه : تحويل الوديعة إلى غيره .
وفي الحديث : ( ما تَقولُ في رجلٍ استُودِعَ وديعةً فأودَعهَا غيرَه قَالَ : عليه الضّمان ) .
وقول الله عزّ وجلّ : ( فمُسْتَقَرٌّ ومُسْتَوْدَع ) .
يُقَالُ : المستودَع : ما في الأرحام