يعرف بجبل بني صنم وبنو صنم كانوا يعبدونه في موضع يعرف اليوم بكفرنبو والعمائر الموجودة في هذا الجبل إلى اليوم هي آثار المقيمين في جوار هذا الصنم وقيل إن بلعام بن باعور البالسي إنما بعثه الله إلى عباد هذا الصنم لينهاهم عن عبادته وقد جاء ذكر هذا الصنم في بعض كتب بني إسرائيل وأمر الله بعض أنبيائهم بكسره ولما ملك بلقورس الأثوري الموصل وقصبتها يومئذ نينوى كان المستولي على خطة قنسرين حلب بن المهر أحد بني الجان بن مكنف من العماليق فاختط مدينة سميت به وكان ذلك على مضي ثلاثة آلاف وتسعمائة وتسعين سنة لآدم وكانت مدة ملك بلقورس هذا ثلاثين عاما وكان بناها بعد ورود إبراهيم عليه السلام إلى الديار الشامية بخمسمائة وتسع وأربعين سنة لأن إبراهيم ابتلي بما ابتلي به من نمرود زمانه واسمه راميس وهو الرابع من ملوك أثورا ومدة ملكه تسع وثلاثون سنة ومدة ما بينه وبين آدم عليه السلام ثلاثة آلاف وأربعمائة وثلاث عشرة سنة وفي السنة الرابعة والعشرين من ملكه ابتلي به إبراهيم فهرب منه مع عشيرته إلى ناحية حران ثم انتقل إلى جبل البيت المقدس وكانت عمارتها بعد خروج موسى عليه السلام من مصر ببني إسرائيل إلى التيه وغرق فرعون بمائة وعشرة أعوام وكان أكبر الأسباب في عمارتها ما حل بالعماليق في البلاد الشامية من خلفاء موسى وذلك أن يوشع بن نون عليه السلام لما خلف موسى قاتل أريحا الغور وافتتحها وسبى وأحرق وأخرب ثم افتتح بعد ذلك مدينة عمان وارتفع العماليق عن تلك الديار إلى أرض صوبا وهي قنسرين وبنوا حلب وجعلوها حصنا لأنفسهم وأموالهم ثم اختطوا بعد ذلك العواصم ولم يزل الجبارون مستولين عليها متحصنين بعواصمها إلى أن بعث الله داود عليه السلام فانتزعهم عنها .
وقرأت في رسالة كتبها ابن بطلان المتطبب إلى هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابي في نحو سنة 044 في دولة بني مرداس فقال دخلنا من الرصافة إلى حلب في أربع مراحل وحلب بلد مسور بحجر أبيض وفيه ستة أبواب وفي جانب السور قلعة في أعلاها مسجد وكنيستان وفي إحداهما كان المذبح الذي قرب عليه إبراهيم عليه السلام وفي أسفل القلعة مغارة كان يخبىء بها غنمه وكان إذا حلبها أضاف الناس بلبنها فكانوا يقولون حلب أم لا ويسأل بعضهم بعضا عن ذلك فسميت لذلك حلبا وفي البلد جامع وست بيع وبيمارستان صغير والفقهاء يفتون على مذهب الإمامية وشرب أهل البلد من صهاريج فيه مملوءة بماء المطر وعلى بابه نهر يعرف بقويق يمد في الشتاء وينضب في الصيف وفي وسط البلد دار علوة صاحبة البحتري وهو بلد قليل الفواكه والبقول والنبيذ إلا ما يأتيه من بلاد الروم وفيها من الشعراء جماعة منهم شاعر يعرف بأبي الفتح بن أبي حصينة ومن جملة شعره قوله ولما التقينا للوداع ودمعها ودمعي يفيضان الصبابة والوجدا بكت لؤلؤا رطبا ففاضت مدامعي عقيقا فصار الكل في نحرها عقدا وفيها كاتب نصراني له في قطعة في الخمر أظنه صاعد بن شمامة خافت صوارم أيدي المازجين لها فألبست جسمها درعا من الحبب