والله ما يوم يمر وليلة إلا وأنت تزور في الأحلام قال فأجابني من تستر مرت بنا بالطيب ثم بتستر ريح روائحها كنشر مدام فتوقفت حسنى إلي وبلغت أضعاف ألف تحية وسلام وسألت عن بغداد كيف تركتها قالت كمثل الروض غب غمام فلكدت من فرح أطير صبابة وأصول من جذل على الأيام ونسيت كل عظيمة وشديدة وظننتها حلما من الأحلام وبتستر قبر البراء بن مالك الأنصاري وكان يعمل بها ثياب وعمائم فائقة ولبس يوما الصاحب بن عباد عمامة بطراز عريض من عمل تستر فجعل بعض جلسائه يتأملها ويطيل النظر إليها فقال الصاحب ما عملت بتستر لتستر قلت وهذا من نوادر الصاحب .
وقال ابن المقفع أول سور وضع في الأرض بعد الطوفان سور السوس وسور تستر ولا يدرى من بناهما والأبلة وتفرد بعض الناس بجعل تستر مع الأهواز وبعضهم بجعلها مع البصرة وعن ابن عون مولى المسور قال حضرت عمر بن الخطاب Bه وقد اختصم إليه أهل الكوفة والبصرة في تستر وكانوا حضروا فتحها فقال أهل الكوفة هي من أرضنا وقال البصرة هي من أرضنا فجعلها عمر بن الخطاب من أرض البصرة لقربها منها .
وأما فتحها فذكر البلاذري أن أبا موسى الأشعري لما فتح سرق سار منها إلى تستر وبها شوكة العدو وحدهم فكتب إلى عمر Bه يستمده فكتب عمر إلى عمار بن ياسر يأمره بالمسير إليه في أهل الكوفة فقدم عمار جرير بن عبد الله البجلي وسار حتى أتى تستر وكان على ميمنة أبي موسى البراء بن مالك أخو أنس بن مالك Bه وكان على ميسرته مجزأة بن ثور السدوسي وعلى الخيل أنس بن مالك وعلى ميمنة عمار البراء بن عازب الأنصاري وعلى ميسرته حذيفة بن اليمان العبسي وعلى خيله قرظة بن كعب الأنصاري وعلى رجاله النعمان بن مقرن المزني فقاتلهم أهل تستر قتالا شديدا وحمل أهل البصرة وأهل الكوفة حتى بلغوا باب تستر فضاربهم البراء بن مالك على الباب حتى استشهد ودخل الهرمزان وأصحابه إلى المدينة بشر حال وقد قتل منهم في المعركة تسعمائة وأسر ستمائة ضربت أعناقهم بعد وكان الهرمزان من أهل مهرجان قذف وقد حضر وقعة جلولاء مع الأعاجم ثم إن رجلا من الأعاجم أستأمن إلى المسلمين فأسلم واشترط أن لا يعرض له ولولده ليدلهم على عورة العجم فعاقده أبو موسى على ذلك ووجه معه رجلا من بني شيبان يقال له أشرس بن عوف فخاض به على عرق من حجارة حتى علا به المدينة وأراه الهرمزان ثم رده إلى المعسكر فندب أبو موسى أربعين ترجلا مع مجزأة بن ثور وأتبعهم مائتي رجل وذلك في الليل والمستأمن تقدمهم حتى أدخلهم المدينة فقتلوا الحرس وكبروا على سور المدينة فلما سمع الهرمزان ذلك هرب إلى قلعته وكانت موضع خزائنه وأمواله وعبر أبو موسى حين أصبح حتى دخل المدينة واحتوى عليها وجعل الرجل من الأعاجم يقتل أهله وولده ويلقيهم في دجيل خوفا من أن تظفر بهم العرب