حتى نذر بهما إخوة سلمى وهم الغميم والمضل وفدك وفائد والحدثان وزوجها .
فخافت سلمى وهربت هي وأجأ والعوجاء وتبعهم زوجها وإخوتها فلحقوا سلمى على الجبل المسمى سلمى فقتلوها هناك فسمي الجبل باسمها .
ولحقوا العوجاء على هضبة بين الجبلين فقتلوها هناك فسمي المكان بها .
ولحقوا أجأ بالجبل المسمى بأجإ فقتلوه فيه فسمي به .
وأنفوا أن يرجعوا إلى قومهم فسار كل واحد إلى مكان فأقام به فسمي ذلك المكان باسمه قال عبيد الله الفقير إليه وهذا أحد ما استدللنا به على بطلان ما ذكره النحويون من أن أجأ مؤنثة غير مصروفة لأنه جبل مذكر سمي باسم رجل وهو مذكر .
وكأن غاية ما التزموا به قول امرىء القيس أبت أجأ أن تسلم العام جارها فمن شاء فلينهض لها من مقاتل وهذا لا حجة لهم فيه لأن الجبل بنفسه لا يسلم أحدا إنما يمنع من فيه من الرجال .
فالمراد أبت قبائل أجإ أو سكان أجإ وما أشبهه فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه يدل على ذلك عجز البيت وهو قوله فمن شاء فلينهض لها من مقاتل والجبل نفسه لا يقاتل والمقاتلة مفاعلة ولا تكون من واحد ووقف على هذا من كلامنا نحوي من أصدقائنا وأراد الاحتجاج والانتصار لقولهم فكان غاية ما قاله أن المقاتلة في التذكير والتأنيث مع الظاهر وأنت تراه قال أبت أجأ .
فالتأنيث لهذا الظاهر ولا يجوز أن يكون للقبائل المحذوفة بزعمك فقلت له هذا خلاف لكلام العرب ألا ترى إلى قول حسان بن ثابت يسقون من ورد البريس عليهم بردى يصفق بالرحيق السلسل لم يرو أحد قط يصفق إلا بالياء آخر الحروف لأنه يريد يصفق ماء بردى فرده إلى المحذوف وهو الماء ولم يرده إلى الظاهر وهو بردى .
ولو كان الأمر على ما ذكرت لقال تصفق لأن بردى مؤنث لم يجيء على وزنه مذكر قط .
وقد جاء الرد على المحذوف تارة وعلى الظاهر أخرى في قول الله D وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أوهم قائلون ألا تراه قال فجاءها فرد على الظاهر وهو القرية ثم قال أوهم قائلون فرد على أهل القرية وهو محذوف وهذا ظاهر لا إشكال فيه .
وبعد فليس هنا ما يتأول به التأنيث إلا أن يقال إنه أراد البقعة فيصير من باب التحكم لأن تأويله بالمذكر ضروري لأنه جبل والجبل مذكر وإنه سمي باسم رجل باجماع كما ذكرنا وكما نذكره بعد في رواية أخرى وهو مكان موضع ومنزل وموطن ومحل ومسكن .
ولو سألت كل عربي عن أجإ لم يقل إلا أنه جبل ولم يقل بقعة .
ولا مستند إذا للقائل بتأنيثه البتة .
ومع هذا فإنني إلى هذه الغاية لم أقف للعرب على شعر جاء فيه ذكر أجإ غير مصروف مع كثرة استعمالهم لترك صرف ما ينصرف في الشعر حتى إن أكثر النحويين قد رجحوا أقوال الكوفيين في هذه المسألة وأنا أورد في ذلك من أشعارهم ما بلغني منها البيت الذي احتجوا به وقد مر وهو قول امرىء القيس أبت أجأ ومنها قول عارق الطائي ومن مبلغ عمرو بن هند رسالة إذا استحقبتها العيس تنضى من البعد