بعد أبرق العزاف للقاصد إلى مكة .
بطياس بكسر الباء وسكون الطاء وياء وأهل حلب كالمجمعين على أن بطياس قرية من باب حلب بين النيرب وبابلى كان بها قصر لعلي بن عبد الملك بن صالح أمير حلب وقد قرجت القرية والقصر وقال الخالديان في كتاب الديرة الصالحية قرية قرب الرقة وعندها بطياس ودير زكى وقد ذكرته الشعراء قال أبو بكر الصنوبري إني طربت إلى زيتون بطياس بالصالحية ذات الورد والآس من ينس عهدهما يوما فلست له وإن تطاولت الأيام بالناسي يا موطنا كان من خير المواطن لي لما خلوت به ما بين جلاسي وقائل لي أفق يوما فقلت له من سكرة الحب أو من سكرة الكاس لا أشرب الكاس إلا من يدي رشإ مهفهف كقضيب البان مياس مورد الخد في قمص موردة له من الآس إكليل على الراس قل للذي لام فيه هل ترى خلفا يا أملح الروض بل يا أملح الناس وقال البحتري وهو يدل على أنها بحلب يا برق أسفر عن قويق فطرتي حلب فأعلى القصر من بطياس عن منبت الورد المعصفر صبغه في كل ضاحية ومجنى الآس أرض إذا استوحشت ثم أتيتها حشدت علي فأكثرت إيناسي وقال أيضا نظرت وضمت جانبي التفاتة وما التفت المشتاق إلا لينظرا إلى أرجواني من البرق كلما تنمر علوي السحاب تعصفرا يضيء غماما فوق بطياس واضحا يبص وروضا تحت بطياس أخضرا وقد كان محبوبا إلي لو أنه أضاء غزالا عند بطياس أحورا البطيحاء تصغير البطحاء رحبة مرتفعة نحو الذراع بناها عمر خارج المسجد بالمدينة .
البطيحة بالفتح ثم الكسر وجمعها البطائح والبطيحة والبطحاء واحد وتبطح السيل إذا اتسع في الأرض وبذلك سميت بطائح واسط لأن المياه تبطحت فيها أي سالت واتسعت في الأرض وهي أرض واسعة بين واسط والبصرة وكانت قديما قرى متصلة وأرضا عامرة فاتفق في أيام كسرى إبرويز أن زادت دجلة زيادة مفرطة وزاد الفرات أيضا بخلاف العادة فعجز عن سدها فتبطح الماء في تلك الديار والعمارات والمزارع فطرد أهلها عنها فلما نقص الماء وأراد العمارة أدركته المنية وولي بعده ابنه شيرويه فلم تطل مدته ثم ولي نساء لم تكن فيهن كفاية ثم جاء الإسلام فاشتغلوا بالحروب والجلاء ولم يكن للمسلمين درية بعمارة الأرضين فلما ألقت الحروب أوزارها واستقرت الدولة الإسلامية قرارها استفحل أمر البطائح وانفسدت مواضع البثوق وتغلب الماء على النواحي ودخلها العمال بالسفن فرأوا فيها مواضع عالية لم يصل الماء إليها فبنوا فيها قرى وسكنها قوم