خوزستان كما نذكره في مواضعه إن شاء الله تعالى وقال أحمد بن محمد الهمداني أهل الأهواز ألأم الناس وأبخلهم وهم أصبر خلق الله على الغربة والتنقل في البلدان وحسبك أنك لا تدخل بلدا من جميع البلدان إلا ووجدت فيه صنفا من الخوز لشحهم وحرصهم على جمع المال وليس في الأرض صناعة مذكورة ولا أدب شريف ولا مذهب محمود لهم في شيء منه نصيب وإن حسن أو دق أو جل ولا ترى بها وجنة حمراء قط وهي قتالة للغرباء على أن حماها في وقت انكشاف الوباء ونزوع الحمى عن جميع البلدان وكل محموم في الأرض فان حماه لا تنزع عنه ولا تفارقه وفي بدنه منها بقية فإذا نزعت فقد وجد في نفسه منها البراءة إلا أن تعود لما يجتمع في بطنه من الأخلاط الرديئة والأهواز ليست كذلك لأنها تعاود من نزعت عنه من غير حدث لأنهم ليس يوتون من قبل التخم والإكثار من الأكل وإنما يوتون من عين البلدة ولذلك كثرت بسوق الأهواز الأفاعي في جبلها الطاعن في منازلها المطل عليها والجرارات في بيوتها ومنازلها ومقابرها ولو كان في العالم شيء شر من الأفاعي والجرارات وهي عقارب قتالة تجر ذنبها إذا مشت لا ترفعه كما تفعل سائر العقارب لما قصرت قصبة الأهواز عنه وعن توليده ومن بليتها أن من ورائها سباخا ومناقع مياه غليظة وفيها أنهار تشقها مسايل كنفهم ومياه أمطارهم ومتوضآتهم فإذا طلعت الشمس طال مقامها واستمر مقابلتها لذلك الجبل قبل تشبب الصخرية التي فيها تلك الجرارات فإذا امتلأت يبسا وحرا وعادت جمرة واحدة قذفت ما قبلت من ذلك عليهم وقد انجرت تلك السباخ والأنهار فإذا التقى عليهم ما انجر من تلك السباخ وما قذفه ذلك الجبل فسد الهواء وفسد بفساده كل شيء يشتمل عليه ذلك الهواء وحكي عن مشايخ الأهواز أنهم سمعوا القوابل يقلن أنهن ربما قبلن الطفل المولود فيجدنه محموما في تلك الساعة يعرفون ذلك ويتحدثون به .
ومما يزيد في حرها أن طعام أهلها خبز الأرز ولا يطيب ذلك إلا سخنا فهم يخبزون في كل يوم في منازلهم فيقدر أنه يسجر بها في كل يوم خمسون ألف تنور فما ظنك ببلد يجتمع فيه حر الهواء وبخار هذه النيران ويقول أهل الأهواز إن جبلهم إنما هو من غثاء الطوفان تحجر وهو حجر ينبت ويزيد في كل وقت وسكرها جيد وثمرها كثير لا بأس به وكل طيب يحمل إلى الأهواز فإنه يستحيل وتذهب رائحته ويبطل حتى لا ينتفع به وقد نسب إليها خلق كثير ليس فيهم أشهر من عبد الله بن أحمد بن موسى بن زياد أبي محمد الجواليقي الأهوازي القاضي المعروف بعبدان أحد الحفاظ المجودين المكثرين ذكره أبو القاسم وقال قدم دمشق نحو سنة 042 فسمع بها هشام بن عمار ودحيما وهشام بن خالد وأبا زرعة الدمشقي وذكر غيرهم من أهل بغداد وغيرها وروى عنه يحيى بن صاعد والقاضي الحسين بن إسماعيل الضبي وإسماعيل بن محمد الصفار وذكر جماعة حفاظا أعيانا وكان أبو علي النيسابوري الحافظ يقول عبدان يفي بحفظ مائة ألف حديث وما رأيت من المشايخ أحفظ من عبدان وقال عبدان دخلت البصرة ثماني عشرة مرة من أجل حديث أيوب السختياني كلما ذكر لي حديث من حديثه رحلت إليها بسببه وقال أحمد بن كامل القاضي مات عبدان بعسكر مكرم في أول سنة 036 ومولده سنة 012 وكان في الحديث إماما