الانتساب على ذكر مساقط رؤوسهم وكانوا قديما عباد أصنام ومدبري هياكل إلى أن ظهر دين النصرانية بمصر فتنصروا وبقوا على ذلك إلى أن فتحها المسلمون في أيام عمر بن الخطاب Bه فأسلم بعضهم وبقي البعض على دين النصرانية وغالب مذهبهم يعاقبه قال أما أخلاقهم فالغالب عليها اتباع الشهوات والانهماك في اللذات والاشتغال بالتنزهات والتصديق بالمحالات وضعف المرائر والعزمات قالوا ومن عجائب مصر النمس وليس يرى في غيرها وهو دويبة كأنها قديدة فإذا رأت الثعبان دنت منه فيتطوى عليها ليأكلها فإذا صارت في فمه زفرت زفرة وانتفخت انتفاخا عظيما فينقد الثعبان من شدته قطعتين ولولا هذا النمس لأكلت الثعابين أهل مصر وهي أنفع لأهل مصر من القنافذ لأهل سجستان قال الجاحظ من عيوب مصر أن المطر مكروه بها قال الله تعالى وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته يعني المطر وهم لرحمة الله كارهون وهو لهم غير موافق ولا تزكو عليه زروعهم وفي ذلك يقول بعض الشعراء يقولون مصر أخصب الأرض كلها فقلت لهم بغداد أخصب من مصر وما خصب قوم تجدب الأرض عندهم بما فيه خصب العالمين من القطر إذا بشروا بالغيث ريعت قلوبهم كما ريع في الظلماء سرب القطا الكدر قالوا وكان المقوقس قد تضمن مصر من هرقل بتسعة عشر ألف ألف دينار وكان يجبيها عشرين ألف ألف دينار وجعلها عمرو بن العاص عشرة آلاف ألف دينار أول عام وفي العام الثاني اثني عشر ألف ألف ولما وليها في أيام معاوية جباها تسعة آلاف ألف دينار وجباها عبد الله بن سعد بن أبي سرح أربعة عشر ألف ألف دينار وقال صاحب الخراج إن نيل مصر إذا رقي ستة عشر ذراعا وافى خراجها كما جرت عادته فإن زاد ذراعا آخر زاد في خراجها مائة ألف دينار لما يروي من الأعالي فإن زاد ذراعا آخر نقص من الخراج الأول مائة ألف دينار لما يستبحر من البطون قال كشاجم يصف مصر أما ترى مصر كيف قد جمعت بها صنوف الرياح في مجلس السوسن الغص والبنفسج وال ورد وصنف البهار والنرجس كأنها الجنة التي جمعت ما تشتهيه العيون والأنفس كأنما الأرض ألبست حللا من فاخر العبقري والسندس وقال شاعر آخر يهجو مصر مصر دار الفاسقينا تستفز السامعينا فإذا شاهدت شاهد ت جنونا ومجونا وصفاعا وضراطا وبغاء وقرونا وشيوخا ونساء قد جعلن الفسق دينا فهي موت الناسكينا وحياة النائكينا وقال كاتب من أهل البندنيجين يذم مصر هل غاية من بعد مصر أجيئها للرزق من قذف المحل سحيق