قال أبو الحسن محمد ابن علي بن عامر الكندي البندار أنبأنا علي بن الحسن بن صبيح البزاز قال سمعت بشر بن عبد الوهاب القرشي مولى بني أمية وكان صاحب خير وفضل وكان ينزل دمشق ذكر أنه قدر الكوفة فكانت ستة عشر ميلا وثلثي ميل وذكر أن فيها خمسين ألف دار للعرب من ربيعة ومضر وأربعة وعشرين ألف دار لسائر العرب وستة آلاف دار لليمن أخبرني بذلك سنة 264 وقال الشعبي كنا نعد أهل اليمن اثني عشر ألفا وكانت نزار ثمانية آلاف وولى سعد بن أبي وقاص السائب بن الأقرع وأبا الهياج الأسدي خطط الكوفة فقال ابن الأقرع لجميل بن بصبهري دهقان الفلوجة اختر لي مكانا من القرية قال ما بين الماء إلى دار الإمارة فاختط لثقيف في ذلك الموضع وقال الكلبي قدم الحجاج بن يوسف على عبد الملك بن مروان ومعه أشراف العراقيين فلما دخلوا على عبد الملك بن مروان تذاكروا أمر الكوفة والبصرة فقال محمد بن عمير العطاردي الكوفة سفلت عن الشام ووبائها وارتفعت عن البصرة وحرها فهي برية مريئة مريعة إذا أتتنا الشمال ذهبت مسيرة شهر على مثل رضراض الكافور وإذا هبت الجنوب جاءتنا ريح السواد وورده وياسمينه وأترنجه ماؤنا عذب وعيشنا خصب فقال عبد الملك بن الأهتم السعدي نحن والله يا أمير المؤمنين أوسع منهم برية وأعد منهم في السرية وأكثر منهم ذرية وأعظم منهم نفرا يأتينا ماؤنا عفوا صفوا ولا يخرج من عندنا إلا سائق أو قائد فقال الحجاج يا أمير المؤمنين إن لي بالبلدين خبرا فقال هات غير متهم فيهم فقال أما البصرة فعجوز شمطاء بخراء دفراء أوتيت من كل حلي وأما الكوفة فبكر عاطل عيطاء لا حلي لها ولا زينة فقال عبد الملك ما أراك إلا قد فضلت الكوفة وكان علي عليه السلام يقول الكوفة كنز الإيمان وحجة الإسلام وسيف الله ورمحه يضعه حيث شاء والذي نفسي بيده لينتصرن الله بأهلها في شرق الأرض وغربها كما انتصر بالحجاز وكان سلمان الفارسي يقول أهل الكوفة أهل الله وهي قبة الإسلام يحن إليها كل مؤمن وأما مسجدها فقد رويت فيه فضائل كثيرة روى حبة العرني قال كنت جالسا عند علي عليه السلام فأتاه رجل فقال يا أمير المؤمنين هذه راحلتي وزادي أريد هذا البيت أعني بيت المقدس فقال عليه السلام كل زادك وبع راحلتك وعليك بهذا المسجد يعني مسجد الكوفة فإنه أحد المساجد الأربعة ركعتان فيه تعدلان عشرا فيما سواه من المساجد والبركة منه إلى اثني عشر ميلا من حيث ما أتيته وهي نازلة من كذا ألف ذراع وفي زاويته فار التنور وعند الأسطوانة الخامسة صلى إبراهيم عليه السلام وقد صلى فيه ألف نبي وألف وصي وفيه عصا موسى والشجرة اليقطين وفيه هلك يغوث ويعوق وهو الفاروق وفيه مسير لجبل الأهواز وفيه مصلى نوح عليه السلام ويحشر منه يوم القيامة سبعون ألفا ليس عليهم حساب ووسطه على روضة من رياض الجنة وفيه ثلاث أعين من الجنة تذهب الرجس وتطهر المؤمنين لو علم الناس ما فيه من الفضل لأتوه حبوا وقال الشعبي مسجد الكوفة ستة أجربة وأقفزة وقال زادا نفروخ هو تسعة أجربة ولما بنى عبيد الله بن زياد مسجد الكوفة جمع الناس ثم صعد المنبر وقال يا أهل الكوفة قد بنيت لكم مسجدا لم يبن على وجه الأرض مثله وقد أنفقت على كل أسطوانة سبع عشرة مائة ولا يهدمه إلا باغ أو جاحد وقال عبد الملك بن عمير شهدت زيادا وطاف بالمسجد فطاف به وقال ما أشبهه بالمساجد