من تلك الجبال وروي عن مجاهد أنه قال أسس إبراهيم زوايا البيت من أربعة أحجار حجر من حراء وحجر من ثبير وحجر من طور وحجر من الجودي الذي بأرض الموصل وهو الذي استقرت عليه سفينة نوح وروي أن قواعده خلقت قبل الأرض بألفي سنة ثم بسطت الأرض من تحت الكعبة وعن قتادة بنيت الكعبة من خمسة جبال من طور سيناء وطور زيتا وأحد ولبنان وثبير وجعلت قواعدها من حراء وجعل إبراهيم طولها في السماء سبعة أذرع وعرضها في الأرض اثنين وثلاثين ذراعا من الركن الأسود إلى الركن الشمالي الذي عنده الحجر وجعل ما بين الركن الشامي إلى الركن الذي فيه الحجر اثنين وثلاثين ذراعا وجعل طول ظهرها من الركن العراقي إلى الركن اليماني أحدا وثلاثين ذراعا وجعل عرض شقها اليماني من الركن الأسود إلى الركن اليماني عشرين ذراعا ولذلك سميت الكعبة لأنها مكعبة على خلق الكعب وقيل التكعيب التربيع وكل بناء مربع كعبة وقيل سميت لارتفاع بنائها وكل بناء مرتفع فهو كعبة ومنه كعب ثدي الجارية إذا علا في صدرها وارتفع وجعل بابها في الأرض غير مبوب حتى كان تبع الحميري هو الذي بوبها وجعل عليها غلقا فارسيا وكساها كسوة تامة ولما فرغ إبراهيم من البناء أتاه جبرائيل عليه السلام فقال له طف فطاف هو وإسماعيل سبعا يستلمان الأركان فلما أكملا صليا خلف المقام ركعتين وقام معه جبرائيل وأراه المناسك كلها الصفا والمروة ومنى ومزدلفة فلما دخل منى وهبط من العقبة مثل له إبليس عند جمرة العقبة فقال له جبرائيل إرمه فرماه بسبع حصيات فغاب عنه ثم برز له عند الجمرة الوسطى فقال له جبرائيل إرمه فرماه بسبع حصيات فغاب عنه ثم برز له عند الجمرة السفلى فقال له جبرائيل إرمه فرماه بسبع حصيات مثل حصى الخذف ثم مضى وجبرائيل يعلمه المناسك حتى انتهى إلى عرفات فقال له أعرفت مناسكك فقال له إبراهيم نعم فسميت عرفات لذلك ثم أمره أن يؤذن في المسلمين بالحج فقال يا رب وما يبلغ من صوتي فقال الله D أذن وعلي البلاغ فعلا على المقام فأشرف به حتى صار أعلى الجبال وأشرفها وجمعت له الأرض يومئذ سهلها وجبلها وبرها وبحرها وجنها وإنسها حتى أسمعهم جميعا وقال يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى بيت الله الحرام فأجيبوا ربكم فمن أجابه ولباه فلا بد له من أن يحج ومن لم يجبه لا سبيل له إلى ذلك وخصائص الكعبة كثيرة وفضائلها لا تحصى ولا يسع كتابنا إحصاء الفضائل وليست أمة في الأرض إلا وهم يعظمون ذلك البيت ويعترفون بقدمه وفضله وأنه من بناء إبراهيم حتى اليهود والنصارى والمجوس والصابئة وقد قيل إن زمزم سميت بزمزمة اليهود والمجوس فأما الصابئون فهو بيت عبادتهم لا يفخرون إلا به ولا يتعبدون إلا بفضله قالوا وبقيت الكعبة على ما هي عليه غير مسقفة فكان أول من كساها تبع لما أتى به مالك ابن العجلان إلى يثرب وقتل اليهود في قصة ذكرتها في كتابي المسمى بالمبدأ والمآل في التاريخ فمر بمكة فأخبر بفضلها وشرفها فكساها الخصف وهي حصر من خوص النخل ثم رأى في المنام أن اكسها أحسن من هذا فكساها الأنطاع فرأى في المنام أن اكسها أحسن من ذلك فكساها المعافر والوصائل والمعافر ثياب يمانية تنسب إلى قبيلة من همدان يقال لهم المعافر اسم الثياب والقبيلة والموضع الذي تعمل فيه واحد وربما قيل لها المعافرية وثوب