أحدهما لصاحبه إنه لن تحملني وإياك الارض أبدا فاما أن تغرب وأنا أشرق وإما أن أغرب وتشرق أنت فقال ثقيف فاني أغرب وقال النخع فأنا أشرق وكان اسم ثقيف قسيا واسم النخع جسرا فمضى النخع حتى نزل ببيشة من أرض اليمن ومضى ثقيف حتى أتى وادي القرى فنزل على عجوز يهودية لا ولد لها فكان يعمل نهارا ويأوي إليها ليلا فاتخذته ولدا لها واتخذها أما له فلما حضرها الموت قالت له يا هذا إنه لا أحد لي غيرك وقد أردت أن أكرمك لإلطافك إياي انظر إذا أنا مت وواريتني فخذ هذه الدنانير فانتفع بها وخذ هذه القضبان فاذا نزلت واديا تقدر فيه على الماء فاغرسها فإني أرجو أن تنال من ذلك فلاحا بينا .
ففعل ما أمرته به فلما ماتت دفنها وأخذ الدنانير والقضبان ومضى سائرا حتى إذا كان قريبا من وج وهي الطائف إذا هو بأمة حبشية ترعى مائة شاة فطمع فيها وهم بقتلها وأخذ الغنم فعرفت ما أراد فقالت إنك أسررت في طمعا لتقتلني وتأخذ الغنم ولئن فعلت ذلك لتذهبن نفسك ولا تحصل من الغنم شيئا لأن مولاي سيد هذا الوادي وهو عامر بن الظرب العدواني وإني لأظنك خائفا طريدا قال نعم فقالت فإني أدلك على خير مما أردت فقال وما هو قالت إن مولاي يقبل إذا طفلت الشمس للغروب فيصعد هذا الجبل ثم يشرف على الوادي فإذا لم ير فيه أحدا وضع قوسه وجفيره وثيابه ثم انحدر رسوله فنادى من أراد اللحم والدرمك وهو دقيق الحواري والتمر واللبن فليأت دار عامر بن الظرب فيأتيه قومه فاسبقه أنت إلى الصخرة وخذ قوسه ونباله وثيابه فإذا رجع وقال من أنت فقل رجل غريب فأنزلني وخائف فأجرني وعزب فزوجني ففعل ثقيف ما قالت له الأمة وفعل عامر صاحب الوادي فعله فلما أن أخذ قوسه ونشابه وصعد عامر قال له من أنت فأخبره وقال أنا قسي بن منبه فقال هات ما معك فقد أجبتك إلى ما سألت وانصرف وهو معه إلى وج وأرسل إلى قومه كما كان يفعل فلما أكلوا قال لهم عامر ألست سيدكم قالوا بلى قال وابن سيدكم قالوا بلى قال ألستم تجيرون من أجرت وتزوجون من زوجت قالوا بلى قال هذا قسي بن منبة بن بكر بن هوازن وقد زوجته ابنتي فلانة وأمنته وأنزلته منزلي فزوجه ابنة له يقال لها زينب فقال قومه قد رضينا بما رضيت فولدت له عوفا وجشما ثم ماتت فزوجه أختها فولدت له سلامة ودارسا فانتسبا في اليمن فدارس في الأزد والآخر في بعض قبائل اليمن وغرس قسي تلك القضبان بوادي وج فنبتت فلما أثمرت قالوا قاتله الله كيف ثقف عامرا حتى بلغ منه ما بلغ وكيف ثقف هذه العيدان حتى جاء منها ما جاء فسمي ثقيفا من يومئذ فلم يزل ثقيف مع عدوان حتى كثر ولده وربلوا وقوي جأشهم وجرت بينهم وبين عدوان هنات وقعت في خلالها حرب انتصرت فيها ثقيف فأخرجوا عدوان عن أرض الطائف واستخلصوها لأنفسهم ثم صارت ثقيف أعز الناس بلدا وأمنعه جانبا وأفضله مسكنا وأخصبه جنابا مع توسطهم الحجاز وإحاطة قبائل مضر واليمن وقضاعة بهم من كل وجه فحمت دارها وكاوحت العرب عنها واستخلصتها وغرست فيها كرومها وحفرت بها أطواءها وكظائمها وهي من أزد السراة وكنانة وعذرة وقريش ونصر بن معاوية وهوازن جمعا والأوس والخزرج ومزينة وجهينة وغير ذلك من القبائل ذلك كله يجري والطائف تسمى وجا إلى