يسايرونه في غم وكآبة وحزن وأحضر سجلا كبيرا ملفوفا فأمر القضاة والفقهاء والكتاب بختمه فأمر نوحا ابنه أن يعمل بما فيه واستدعى شيئا من حسا في زبدية من الصيني الأصفر فتناول منه شيئا يسيرا ثم تغرغرت عيناه بالدموع وحمد الله تعالى وتشهد وقال هذا آخر زماد نصر من دنياكم وسار إلى قبره ودخله وقرأ عشرا فيه واستقر به مجلسه ومات C وتولى الأمر نوح ابنه قلت ونحن نشك في صحة هذا الخبر لأن محدثنا به ربما كان ذكر شيئا فسأل الله أن لا يؤاخذه بما قال ونرجع إلى كلام رسول نصر قال وأقمت بسندابل مدينة الصين مدة ألقى ملكها في الأحايين فيفاوضني في أشياء ويسألني عن أمور من أمور بلاد الإسلام ثم استأذنته في الانصراف فأذن لي بعد أن أحسن إلي ولم يبق غاية في أمري فخرجت إلى الساحل أريد كله وهي أول الهند وآخر منتهى مسير المراكب لا يتهيأ لها أن تتجاوزها وإلا غرقت قال فلما وصلت إلى كله رأيتها وهي تعظيمة عالية السور كثيرة البساتين غزيرة الماء ووجدت بها معدنا للرصاص القلعي لا يكون إلا في قلتها في سائر الدنيا وفي هذه القلعة تضرب السيوف القلعية وهي الهندي العتيقة وأهل هذه القلعة يمتنعون على ملكهم إذا أرادوا ويطيعونه إن أحبوا ورسمهم رسم الصين في ترك الذباحة وليس في جميع الدنيا معدن للرصاص القلعي إلا في هذه القلعة وبينها وبين مدينة الصين ثلاثمائة فرسخ وحولها مدن ورساتيق وقرى ولهم أحكام حبوس جنايات وأكلهم البر والتمور وبقولهم كلها تباع وزنا وأرغفة خبزهم تباع عددا وليس عندهم حمامات بل عندهم عين جارية يغسلون بها ودرهمهم يزن ثلثي درهم ويعرف بالقاهري ولهم فلوس يتعاملون بها ويلبسون كأهل الصين الإفرند الصيني المثمن وملكهم دون ملك الصين ويخطب لملك الصين وقبلته إليه وبيت عبادته له وخرجت منها إلى بلد الفلفل فشاهدت نباته وهو شجر عادي لايزول الماء من تحته فإذا هبت الريح تساقط حمله فمن ذلك تشنجه وإنما يجتمع من فوق الماء وعليه ضريبة للملك وهو شجر حر لا مالك له وحمله أبدا فيه لا يزول شتاء ولا صيفا وهو عناقيد فإذا حميت الشمس عليه انطبق على العنقود عدة من ورقة لئلا يحترق بالشمس فإذا زالت الشمس زالت تلك الأوراق وانتهيت منه إلى لحف الكافور وهو جبل عظيم فيه مدن تشرف على البحر منها قامرون التي ينسب إليها العود الرطب المعروف بالمندل القامروني ومنها مدينة يقال لها قماريان وإليها ينسب العود القماري وفيه مدينة يقال لها الصنف ينسب إليها العود الصنفي وفي اللحف الآخر من ذلك الجبل مما يلي الشمال مدينة يقال لها الصيمور لأهلها حظ من الجمال وذلك لأن أهلها متولدون من الترك والصين فجمالهم لذلك وإليها تخرج تجارات الترك وإليها ينسب العود الصيموري وليس هو منها إنما هو يحمل إليها ولهم بيت عبادة عرى رأس عقبة عظيمة وله سدنة وفيه أصنام في الفيروزج والبيجاذق ولهم ملوك صغار ولباسهم لباس أهل الصين ولهم بيع وكنائس ومساجد وبيوت نار لا يذبحون ولا يأكلون ما مات حتف أنفه وخرجت إلى مدينة يقال لها جاجلى ولها ملك مثل ملك كله يأكلون البر والبيض ولا يأكلون السمك ولا يذبحون ولهم بيت عبادة كبيرة معظم لم يمتنع على الإسكندر في بلدان الهند غيرها وإليها يحمل الدارصيني ومنها يحمل إلى سائر الآفاق وشجر