وأنيابها وأحناك كأحناك الإبل وعليهم من الشعر ما يواري أجسادهم ولكل واحد أذنان عظيمتان إحداهما على ظاهرها وبر كثير وباطنها أجرد والأخرى باطنها وبر كثير وظاهرها أجرد يلتحف إحداهما ويفترش الأخرى وليس منهم ذكر ولا أنثى إلا ويعرف أجله والوقت الذي يموت فيه وذلك أنه لا يموت حتى يلد ألف ولد وهم يرزقون التنين في أيام الربيع ويستمطرونه إذا أبطأ عنهم كما نستمطر المطر إذا انقطع فيقذفون في كل عام بواحد فيأكلونه عامهم كله إلى مثله من قابل فيكفيهم على كثرتهم وهم يتداعون تداعي الحمام ويعوون عواء الكلاب ويتسافدون حيث ما التقوا تسافد البهائم وفي رواية أن ذا القرنين إنما عمل السد بعد رجوعه عنهم فانصرف إلى ما بين الصدفين فقاس ما بينهما وهو منقطع أرض الترك مما يلي الشمس فوجد بعد ما بينهما مائة فرسخ فحفر له أساسا بلغ به الماء وجعل عرضه خمسين فرسخا وجعل حشوه الصخور وطينه النحاس المذاب يصب عليه فصار عرقا من جبل تحت الأرض ثم علاه وشرفه بزبر الحديد والنحاس المذاب وجعل خلاله عرقا من نحاس أصفر فصار كأنه برد محبر من صفرة النحاس وسواد الحديد فلما أحكمه انصرف راجعا وأما ذكر التنين فرأينا منه بنواحي حلب ما ذكرته في ترجمة كلز وجعلته حجة على ما أورده ههنا من خبره وشجعني على كتابته فإن الإنسان شديد التكذيب بخبر ما لم ير مثله روي عن شداد بن أفلح المقري أنه قال عدت عمر البكالي فذكرنا لون التنين فقال عمر البكالي أتدرون كيف يكون التنين قلنا لا قال يكون في البر حية متمردة فتأكل حيات البر فلا تزال تأكلها وتأكل غيرها من الهوام وهي تعظم وتكبر ثم يزيد أمرها فتأكل جميع ما تراه من الحيوان فإذا عظم أمرها ضجت دواب البر منها فيرسل الله تعالى إليها ملكا فيحتملها حتى يلقيها في البحر فتفعل بدواب البحر مثل فعلها بدواب البر فتعظم ويزداد جسمها فتضج دواب البحر منها أيضا فيبعث الله إليها ملكا حتى يخرج رأسها من البحر فيتدلى سحاب فيحتملها فيلقيها إلى يأجوج ومأجوج وحدث المعلى بن هلال الكوفي قال كنت بالمصيصة فسمعتهم يتحدثون أن البحر ربما مكث أياما وليالي تصطفق أمواجه ويسمع لها دوي شديد فيقولون ما هذا إلا بشيء آذى دواب البحر فهي تضج إلى الله تعالى قال فتقبل سحابة حتى تغيب في البحر ثم تقبل أخرى حتى تعد سبع سحابات ثم ترتفع جميعا في السماء وقد حملن شيئا يرون أنه التنين حتى يغيب عنا ونحن ننظر إليه يضطرب فيها فربما وقع في البحر فتعود السحابة إلى البحر بالرعد الشديد الهائل والبرق العظيم حتى تغوص في البحر وتستخرجه ثانية فتحمله فربما اجتاز وهو في السحاب وذنبه خارج عنها بالشجر العادي والبناء الشامخ فيضربه بذنبه فيهدم البناء من أصله ويقلع الشجر بعروقه ولقد احتمله السحاب من بحر أنطاكية فضرب بذنبه بضعة عشر برجا من أبراج سورها فرمى بها ويقال إن السحاب الموكل به يختطفه حيثما رآه كما يختطف حجر المغناطيس الحديد فهو لا يطلع رأسه من الماء خوفا من السحاب ولا يخرج إلا في الفرط إذا صحت الدنيا وذكر بقراط الحكيم اليوناني في كتاب الثراء أنه كان في بعض السواحل فبلغه أن هناك قرى كثيرة قد فشا فيها الموت فقصدها ليعرف السبب في ذلك فلما فحص عن الأمر إذا هو بتنين قد احتمله السحاب من البحر فوقع على نحو عشرين فرسخا من هذه القرى فنتن