يعني قصر الرصافة حصن دون دار الخلافة ببغداد مبني بالحجارة وفيه بيعة عظيمة ظاهرها بالفص المذهب أنشأه قسطنطين بن هيلانة وجدد الرصافة وسكنها هشام بن عبد الملك وكان يفزع إليها من البق في شاطىء الفرات وتحت البيعة صهريج في الأرض على مثل بناء الكنيسة معقود على أساطين الرخام مبلط بالمرمر مملوء من ماء المطر وسكان هذا الحصن بادية أكثرهم نصارى معاشهم تخفير القوافل وجلب المتاع والصعاليك مع اللصوص وهذا القصر في وسط برية مستوية السطح لا يرد البصر من جوانبها إلا الأفق ورحلها منها ألى حلب في أربع رحلات وكان ابن بطلان كتب هذه الرسالة في سنة 044 وحدث برصافة الشام أبو بكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري فروى عنه من أهلها أبو منيع عبيد الله بن أبي زياد الرصافي وكان الحجاج من العلماء كان أعلم الناس بخلق الفرس من رأسه إلى رجله والنبات روى عنه هلال بن العلاء الرقي وغيره .
وكان ثقة ثبتا حديثه في الصحيح ومات في سنة 122 قاله ابن حباب .
وقال محمد بن الوليد أقمت مع الزهري بالرصافة عشر سنين وقال مدرك ابن حصين الأسدي وكان قدم الشام هو ورجل من بني عمه يقال له ابن ماهي وطعن ابن ماهي فكبر جرحه فقال عليك ابن ماهي ليت عينك لم ترم بلادي وإن لم يرع إلا درينها ويا ذكرة والنفس خائفة الردى مخاطرة والعين يهمي معينها ذكرت وأبواب الرصافة بينها وبيني وجعدياتها وقرينها وصفين والنهي امنيء ولجة من البحر موقوف عليها سفينها بدائبة للحفر فيها عجاجة وللموت أخرى لا يبل طعينها وقال جرير طرقت جعادة بالرصافة أرحلا من رامتين لشط ذاك مزارا وإذا نزلت من البلاد بمنزل وقي النحوس وأسقي الأمطارا .
رصافة قرطبة وهي مدينة أنشأها عبد الرحمن ابن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان وهو أول من ملك الأندلس من الأموية بعد زوال ملكهم أنشأها وسماها الرصافة تشبيها ونظر فيها إلى نخلة منفردة فقال تبدت لنا وسط الرصافة نخلة تناءت بأرض الغرب عن بلد النخل فقلت شبيهي بالتغرب والنوى وطول التنائي عن بني وعن أهلي نشأت بأرض أنت فيها غريبة فمثلك في الإقصاء والمنتأى مثلي سقتك غوادي المزن من صوبها الذي يسح ويستمري السماكين بالوبل وقال ابن الفرضي هذه الأبيات لعبد الملك بن بشر ابن عبد الملك بن مروان وكان قد دخل الأندلس أيام عبد الملك بن مروان وقال أبو الوليد بن زيدون يذكر رصافة قرطبة على المنعت السعدي مني تحية زكت وعلى وادي العقيق سلام