إنّ أبَيْضَ بن حَمّال المأربى استقطعه صلى الله عليه وآله وسلم المِلْحَ الذى بَمأرب فأقطعه إياه فلما وَلّى قال له رجل : يا رسول الله أتَدْرِى ما أْقَطْعَته ؟ إنما أقطعت له الماء العِدّ فرجعه منه . وسأله أيضاً : ماذا يُحمى من الأراك ؟ فقال : ما لم تَنَلْهُ أخفافُ الإبل .
عدد العدّ : الذى لا انقطاع له كماءِ العين والبئر إنما رجعه منه لأنّ الماء جميعُ الناس فيه شركاء وكذلك ما كان كلأ للإبل من الأراك لكونه بحيث تَصلُ إليه وتهجم عليه فأما ما كان بمعزلِ من ذلك فسائغ أن يحمى . وقيل : الأخْفَاف مَسَانُّ الإبل قال الأصمعى : الخُفّ : الجمل المِسَّن . وأنشد : ... سألت زيداً بعَد بكْرٍ خُفا ... والدَّلوُ قد تُسمع كىْ تخفّا ... .
والمعنى أنَّ ما قُرب من الَمرْعَى لا يُحمْىَ بل يُترك لمسانّ الإبل وما فى معناها من الضِّعاف التى لا تقْوى على الإمعان فى طلب المرْعَى . فى حديث المبعث : أنه A قال لخديجة رضى الله تعالى عنها : أظُنّ أنه عرض لى شِبْه جنوُن فقالت : كلا إنّك تَكِسبُ المعدوم وتحمل الكلّ .
عدم يقال فلان يَكْسِب المعدوم إذا كان مجدوداً يُرزْقَ ما يُحَرمُه غيره . وفى كلامهم : هو آكلُكم للمأْدُوم وأكسبُكم للمعدوم وأعطاكم للمْحُروم . عُمر رضى الله تعالى عنه لما عزل حبيب بن مَسْلمَة عن حِمصْ وولّى عبد الله بن قُرْط قال حبيب : رحم الله عُمر ينزعَ قوْمه ويبعثُ القوم العِدىَ