{ حرم } [ ه ] فيه [ كلُّ مُسْلم عن مُسْلم مُحْرِم ] يقال إنه لمُحْرِم عنك : أي يَحْرم أذاك عليه . ويقال : مُسْلم مُحْرِم وهو الذي لم يُحِلَّ من نفْسه شيئاً يُوقِع به . يريد أنّ المسلم مُعْتَصِم بالإسلام ممتَنِع بحُرْمته ممن أراده أو أراد مالَه .
[ ه ] ومنه حديث عمر [ الصيام إحرام ] لاجتِناب الصائم ما يَثْلِم صَومَهُ . ويقال للصائم مُحْرِم . ومنه قول الراعي : .
قتَلُوا ابنَ عَفَّانَ الخَلِيفة مُحْرِماً ... ودَعا فَلمْ أرَ مِثْلَه مَخْذُولا .
وقيل : أراد لم يُحِلّ من نَفْسه شيئا يُوقِع به . ويقال للحالف مُحْرِم لتَحَرُّمه به .
- ومنه قول الحسن [ في الرجل يَحْرِم في الغضب ] أي يَحْلف .
( س ) وفي حديث عمر [ في الحَرام كفّارة يمين ] هو أن يقول : حَرامُ اللّه لا أفعل كذا كما يقول يمين اللّه وهي لغة العقيليّين . ويحتمل أن يريد تَحْرِيم الزوجة والجارية من غير نِيَّة الطلاق . ومنه قوله تعالى [ يا أيها النبيُّ لِمَ تُحرّم ما أحَلَّ اللّهُ لك ] ثم قال [ قد فرَض اللّهُ لكم تَحِلَّةَ أيمانكم ] .
- ومنه حديث عائشة [ آلَي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من نسائه وحَرَّم فجَعل الحرَام حلالا ] تَعْنِي ما كان قد حَرَّمَه على نفْسه من نسائه بلْإِيلاء عاد أحَلَّه وجعل في اليمين الكفارة .
- ومنه حديث علي [ في الرجل يقول لامرأته أنت عليَّ حَرام ] .
- وحديث ابن عباس [ من حَرَّم امرأتَه فليس بشيء ] .
- وحديثه الآخر [ إذا حَرَّم الرجُل امرأته فهي يمين يُكّفِرُها ] .
( ه ) وفي حديث عائشة [ كنتُ أطَيِّبُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لِحِلّه وحُرْمه ] الحُرْم - بضم الحاء وسكون الراء - الإحرام بالحج وبالكسر : الرجُل المُحْرِم . يقال : أنت حِلٌّ وأنت حِرْم . والإحرام : مصدر أحْرَم الرجل يُحْرِم إحراما إذا أهلَّ بالحج أو بالعمرة وباشَر أسْبابَهُما وشُروطَهما من خَلْع المَخِيط واجتِناب الأشياء التي مَنَعه الشرعُ منها كالطِّيب والنكاح والصَّيد وغير ذلك . والأصل فيه المنع . فكأنّ المُحْرم مُمتَنِع من هذه الأشياء . وأحْرم الرجُل إذا دخل الحرَم وفي الشُّهُور الحُرُم وهي ذُو القَعْدة وذو الحِجَّة والمُحرّم ورَجَب . وقد تكرر ذكرها في الحديث .
- ومنه حديث الصلاة [ تَحْريمها التكبير ] كأنّ المُصَلّيَ بالتكبير والدخول في الصلاة صار ممنوعا من الكلام والأفعال الخارجية عن كلام الصلاة وأفعالِها فقيل للتكبير : تحريم لمَنْعِه المُصَلّيَ من ذلك ولهذا سُمّيتْ تكبيرةَ الإحرام : أي الإحرام بالصلاة .
- وفي حديث الحديبية [ لا يسألوني خُطَّة يُعَظِّمون فيها حُرُماتِ اللّه إلا أعطيتهم أيَّاها ] الحُرُمات : جمع حُرْمة كظُلْمة وظُلُمات يريد حُرْمة الحَرم وحُرْمة الإحرام وحُرْمة الشهر الحرام . والحُرْمة : ما لا يَحِلُّ انْتِهاكُه .
- ومنه الحديث [ لا تُسافر المرأة إلاّ مع ذِي مَحْرَم منها ] وفي رواية [ مع ذي حُرْمة منها ] ذو الْمَحرم : من لا يَحِلّ له نكاحُها من الأقارب كالأبِ والإبن والأخ والعم ومن يَجْري مَجْراهُم .
[ ه ] ومنه حديث بعضهم [ إذا اجتمعَتْ حُرْمَتان طُرِحَت الصُّغْرَى للكُبْرى ] أي إذا كان أمْرٌ فيه مَنْفعة لعامّة الناس ومَضَرَّة على الخاصَّة قُدّمَتْ منفعة العامة .
- ومنه الحديث [ أمَا عَلِمتَ أنّ الصُّورة مُحَرَّمة ] أي مُحَرّمة الضَّرب أو ذَات حُرْمة .
- والحديث الآخر [ حَرَّمْتُ الظُّلْم على نفسي [ أي تقَدَّسْت عنه وتَعَالَيْتُ فهو في حقِّه كالشيء المُحرّم على الناس .
- والحديث الآخر [ فهو حَرام بِحُرمة اللّه ] أي بتَحْريمه . وقيل الحُرْمة الحقُّ : أي بالحق المانِع من تَحْلِيه .
- وحديث الرضاع [ فَتحرّم بلَبنِها ] أي صار عليها حَراماً .
- وفي حديث ابن عباس وذُكِر عنده قولُ عليٍّ في الجمْع بين الأمَتَين الأخْتَين [ حَرَّمَتْهُنَّ آيةٌ وأحَلَّتهنّ آية ] فقال : [ تُحَرّمُهنّ عليَّ قرابتي منهنّ ولا تُحرمهنّ عليّ قرابةُ بعِضهنّ من بعْض ] أراد ابنُ عباس أن يُخْبر بالعلة التي وقع من أجْلِها تحريم الجمْع بين الأختين الحُرّتَين فقال : لم يَقع ذلك بقرَابة إحداهُما من الأخرى إذ لو كان ذلك لم يَحِلَّ وطْء الثانية بَعْدَ وَطْء الأولى كما يَجْري في الأم مع البنت ولكِنَّه قد وَقع من أجْلِ قرابة الرجل منهما فَحَرُمَ عليه أن يَجمَع الأخت إلى الأخت لأنها من أصْهاره وكأنّ ابن عباس رضي اللّه عنهما قد أخرج الإمَاء من حُكم الحرَائر لأنه لا قَرابة بين الرجُل وبين إمَائه . والفقهاءُ على خلاف ذلك فإنهم لا يُجِيزون الجمع بين الأختين في الحرائر والإمَاء . فأمَّا الآية المُحرّمة فهي قوله تعالى [ وأن تَجمَعوا بين الأختين إلاّ ما قد سلف ] وأما الآية المُحِلة فقوله تعالى [ أوْ ما ملكَتْ أيمانُكم ] .
( ه ) وفي حديث عائشة [ أنه أراد البَدَاوَةَ فأرسل إليّ ناقة مُحَرَّمة ] المحرَّمة هي التي لم تُرْكب ولم تُذَلَّلْ .
( ه ) وفيه [ الذين تُدْرِكُهُم الساعة تُبْعَث عليهم الحِرْمة ] هي بالكسر الغُلْمَةُ وطلَب الْجِمَاع وكأنها بغَير الآدَمِيِّ من الحيوان أخَصُّ . يقال اسْتَحْرَمَت الشَّاة إذا طلبَت الفحل .
( س ) وفي حديث آدم عليه السلام [ أنه اسْتَحْرَم بعد مَوت ابْنه مائة سنة لم يَضْحَك ] هو من قولهم أحْرم الرجلُ إذا دَخَل في حُرْمة لا تُهْتَك وليس من اسْتحْرَام الشَّاة .
( ه ) وفيه [ إنّ عياض بن حماد ( في نسخة [ ابن حمار ] ومثله في اللسان . قاله مصحح الأصل ) المُجاشِعِيّ كان حِرْميَّ رسولِ اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فكان إذا حَجَّ طاف في ثِيابه ] كان أشْرَاف العرب الذين كانوا يَتَحَمَّسُون في دِينهم - أي يَتَشَدّدُون - إذا حَجَّ أحدُهم لم يأكلْ إلاَّ طعام رجُل من الحرم ولم يَطُف إلاَّ في ثيابه فكان لِكل شرِيف من أشْرَافهم رجل من قُريش فيكون كلُّ واحدٍ منهما حِرْميَّ صاحِبه كما يُقال كَرِيٌّ لِلمُكْرِي والمُكْتّرِي . والنَّسَب في الناس إلى الحرَم حِرْمِيٌّ بكسر الحاء وسكون الراء . يقال رجُل حِرْميٌّ فإذا كان في غير الناس قالوا ثَوْبٌ حَرَميٌّ .
( ه ) وفيه [ حَرِيم البئر أربعون ذرَاعا ] هو الموضع المُحِيط بها الذي يُلقى فيه ترابُها : أي إن البئر التي يَحْفِرُها الرجُل في مَوَات فحريمُها ليس لأحد أن يَنْزل فيه ولا يُنَازِعه عليه . وسُمّي به لأنه يَحْرُم منعُ صاحِبه منه أو لأنه يَحْرم على غيره التصرُّفُ فيه