{ ودع } ( ه ) فيه [ لَيَنْتَهِينَّ أقوامٌ عن وَدْعِهم الجمُعَاتِ أو لَيْخْتَمَنّ على قُلوبهم ] أي عن تَرْكِهم إيَّاها والتَّخَلُّف عنها . يقال : ودَعَ الشيءَ يدَعُه وَدْعاً إذا تَركَه . والنُّحاة يقولون : إنَّ العرب أمَاتوا ماضِي يَدَعُ ومصدَرَه واسْتَغْنَوا عنه بَتَركَ . والنبي صلى اللَّه عليه وسلم أفصَح . وإنما يُحْمَل قولُهم على قِلة اسْتعمالِه فهو شاذٌ في الاستعمال صحيح في القِياس . وقد جاء في غير حديث حتى قُرِىء به قولُه تعالى [ ما وَدَعَكَ ربُّك وما قَلَى ] بالتخفيف .
( س [ ه ] ) ومنه الحديث [ إذا لم يُنْكِرِ الناسُ المُنْكَرَ فقد تُوُدِّع منهم ] أي أُسْلِموا إلى ما اسْتَحقُّوه من النَّكير عليهم وتُرِكُوا ( في الهروي : [ كأنهم تُرِكوا وما استحقُّوه ] ) وما اسْتَحَبُّوه من المَعاصي حتى يُكْثِروا ( في الهروي : [ حتى يصيروا فيها ] ) منها فَيَسْتَوْجِبوا العُقوبة ( بعد هذا في الهروي زيادة : [ فيُعاقَبُوا ] ) .
وهو من المَجازِ لأنَّ المُعْتَنِيَ بإصلاح شأنِ الرجُل إذا يئِس من صَلاحِه تَركَه واسْتَرَاح من مُعاناةِ النَّصَب معه .
ويجوز أن يكون من قولِهم : تَوَدَّعْتُ الشيءَ إذا صُنْتَه في مِيدَعٍ يعني قد صاروا بِحَيْثُ يُتَحَفَّظُ منهم ويُتَصوَّنُ كما يُتَوَقَّى شِرارُ الناس .
- ومنه حديث علي [ إذا مَشَتْ هذه الأمّةُ السُّمَّيْهاءَ فقد تُوُدِّع منها ] .
( س ) ومنه الحديث [ اركَبوا هذه الدَّوابَّ سالِمةً وايْتَدِعوها ( في الأصل : [ وابتدعوها ] بالباء الموحدة . والتصحيح من ا واللسان . ) سالمة ] أي اتركوها ورَفِّهوا عنها إذا لم تَحْتاجوا إلى رُكوبها وهو افْتَعَل من وَدُع بالضم ودَاعةً ودَعَةً : أي سَكَن وتَرفَّه وايْتَدَع فهو مُتَّدِع : أي صاحِب .
دَعة أو مِن وَدَع إذا تَرك . يقال : اتَّدَع وايْتَدعَ على القلب والإدْغام والإظْهار .
( ه ) ومنه الحديث [ صلَّى ( في الهروي : [ سَعَى ] ) معه عبدُ اللَّه بن أُنَيْس وعليه ثوبٌ مُتَمزِّق ( في الهروي [ فتمزَّق ] ) فلما انصرف دَعا له بِثَوبٍ فقال : تَوَدَّعْه بخَلَقِك هذا ] أي صُنْه به يريد الْبَسْ هذا الذي دَفَعْتُ إليك في أوقاتِ الاحتِفال والتَّزَيُّن . والتوديعُ : أن تَجعل ثَوْبا وِقايَةَ ثوْبٍ آخَرَ وأن تَجْعَله أيضا في صِوَانٍ صُوَانٍ ( الصوان مثلَّث الصاد كما في القاموس ) يَصُونه .
( س ) وفي حديث الخَرْص [ إذا خَرَصْتُم فَخُذوا ودَعُوا الثُّلُث فإن لم تَدعُوا الثُّلُث فَدَعُوا الرُّبُع ] .
قال الخطَّابي : ذهب بعضُ أهل العلم إلى أنه يُتْرَكُ لهم من عَرَضِ المال تُوْسِعةً عليهم لأنه إن أُخِذَ الحقُّ منهم مُسْتَوْفَىً أضرَّ بهِم فإنه يكون منه السَّاقِطةُ والهالِكةُ وما يأكُله الطَّيرُ والناس . وكان عمر يأمُر الخُرّاص ( ضبط في ا بفتح الخاء المعجمة ) بذلك . وقال بعضُ العُلماء : لا يُتْرك لهم شيءٌ شائِع في جُمْلةِ النَّخْل بل يُفْرَدُ لهم نَخَلاتٌ معدُودة قد عُلِم مقدارُ ثَمَرِها بالخَرْص .
وقيل : معناه أنهم إذا لم يَرْضَوْا بِخَرْصكم فدَعُوا لهم الثُّلُث أو الرُّبُع ليَتَصَرَّفوا فيه ويَضْمَنوا حَقَّه ويَتْركوا الباقِيَ إلى أن يَجِفَّ ويؤخَذَ حقُّه .
لا أنه يُترك لهم بلا عِوَض ولا إخراج .
( ه ) ومنه الحديث [ دَع دَاعِيَ اللَّبَن ] أي اتْرك منه في الضَّرْع شيئا يَسْتَنْزِل اللَّبَنَ ولا تَسْتَقِص حَلَبه .
( ه ) وفي حديث طَهْفة [ لكم يا بَني نَهْدٍ ودَائعُ الشِّرك ] أي العهود والمَواثيق . يقال : تَوادَعَ الفريقان إذا أعْطَى كلُّ واحدٍ منهما الآخَرَ عَهْداً ألا يَغْزوَه . واسم ذلك العهد : الوَديعُ ( بعد ذلك في الهروي : [ قال ذلك أبو محمد القتيبي ] ) يقال : أعْطَيْتُه وديعا : أي عَهْدا .
وقيل : يَحْتَمِل أن يُريد بها ما كانوا اسْتُودِعُوه من أموال الكفار الذين لم يدخلوا في الإسلام : أراد إحلالَها لهم لأنها مالُ كافِرٍ قُدِر عليه من غير عَهْد ولا شَرْط . ويدل عليه قوله في الحديث : [ ما لم يكن عَهْدٌ ولا مَوْعِدٌ ] .
( س ) ومنه الحديث [ أنه وَادَعَ بني فلان ] أي صالَحهم وسالمَهُم على تَرْك الحَرب والأذَى . وحقيقة المُوادَعة : المُتَاركة أي يدَعُ كلُّ واحِدٍ منهما ما هو فيه .
- ومنه الحديث [ وكان كعبٌ القُرَظِيّ مُوادِعاً لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ] .
- وفي حديث الطعام [ غير مَكْفُورٍ ولا مُوَدَّعٍ ولا مُسْتَغْنىً عَنْه رَبَّنا ] أي غير مَتْروك الطَّاعة . وقيل : هو مِن الوَدَاع وإليه يَرْجع .
( ه ) وفي شعر العباس يمدح النَّبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم : .
مِن قَبْلِها طِبْتَ في الظِّلالِ وَفِي ... مُسْتَوْدَعٍ حَيْثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ .
المُسْتَوْدَع : المكان الذي تُجْعل فيه الوَدِيعة . يقال : اسْتَوْدَعْتُه وَدِيعَةً إذا اسْتَحْفَظْتَه إيَّاها وأراد به الموضعَ الذي كان به آدمُ وحَوَّاءُ من الجنة . وقيل : أراد به الرَّحِم .
( ه ) وفيه [ من تَعَلَّق وَدَعَةً لا وَدَع اللَّهُ له ] الوَدَع الوَدْع بالفَتْح والسُّكون : جَمْع وَدَعَة وهو شيءٌ أبيضُ يُجْلَب من البَحْر يُعَلَّق في حُلُوق الصِّبْيان وغَيْرِهم . وإنَّما نَهَى عنها لأنهم كانوا يُعَلِّقُونها مَخافَةَ العَيْن .
وقوله : [ لا وَدَع اللَّه له ] : أي لا جَعَله في دَعَةٍ وسُكُون .
وقيل : هو لَفْظٌ مَبْنيٌّ من الوَدَعَةَ : أي لا خَفَّفَ اللَّهُ عنه ما يَخَافُه