{ كفر } ( ه س ) فيه [ ألاَ لاَ تَرْجِعُنّ بَعْدِي كُفَّاراً يضْرب بَعْضُكم رِقابَ بَعْض ] قيل : أراد لابِسِي السَّلاح . يقال : كَفَرَ فَوْقَ دِرْعه فهو كافِر إذا لَبِس فَوْقَها ثَوباً . كأنه أراد بذَلك النَّهْيَ عن الحَرْب .
وقيل : معناه لا تَعْتَقِدوا تَكْفِير النَّاس كما يَفْعَلُهُ الخوارِجُ إذا اسْتَعْرَضوا الناسَ فيُكفِّرونهم .
( ه ) ومنه الحديث [ من قال لأِخِيه يا كافِرُ فَقَدْ بَاء به أحَدُهما ] لأنه إمّا أن يَصْدُق عليه أو يَكْذِب فإن صَدَق فهُو كافِر وإن كَذَب عاد الكُفْر إليه بِتَكْفِيره أخاه المسلم .
والكُفْرِ صِنْفان : أحدُهما الكُفْر بأصْل الإيمان وهو ضِدُّه والآخَر الكُفْر بفَرْع من فُروع الإسلام فلا يَخْرج به عن أصْل الإيمان .
وقيل : الكُفْر على أرْبَعَة أنْحاء : كُفْر إنْكار بالاّ يَعْرِف اللّه أصْلاً ولا يَعْتَرِف به .
وكُفْر جُحود ككُفْر إبليس يَعْرِف اللّه بقَلْبه ولا يُقِرّ بِلسانه .
وكُفْر عِناَد وهو أنْ يَعْتَرف بقَلْبه ويَعْتَرف بِلِسانه ولا يَدِين به حَسَداً وبَغْياً ككُفْر أبي جَهْل وأضْرَابه .
وكُفْر نِفَاق وهو أن يُقِرَّ بِلِساَنه ولا يَعْتَقد بقَلْبه .
قال الهروي : سُئل الأزهري عمَّن يقول بخَلْق القُرآن : أتُسَمِّيه كافراً ؟ فقال : الذي يَقُوله كُفْر ( في ا : [ كَفَر ] ) فأُعِيد عليه السُّؤال ثَلاَثاً ويَقُول مثل ما قال في الآخر : قَدْ يَقُول المسْلم كُفْراً .
( س ) ومنه حديث ابن عباس [ قيل له : [ وَمَنْ لم يَحْكُمْ بما أنْزَلَ اللّهُ فأولِئك هُمُ الكافِرُون ] قال : هُم كَفَرة ولَيْسوا كمن كَفَر باللّه واليوم الآخر ] .
( س ) ومنه حديثه ( في الأصل : [ الحديث ] والمثبت من : أ . وانظر تفسير القرطبي 4 / 156 ) الآخر [ إنَّ الأوْس والخَزْرَج ذَكَرُوا مَا كَان مِنْهم في الجاهليَّة فثَار بعضُهم إلى بعض بالسُّيُوف فأنْزَل اللّه تعالى [ وكيفَ تكفُروَ وأنتم تُتْلَى عليكُمْ آياتُ اللّهِ وفيكُم رسولُه ] ولم يكن ذلك على الكفُر باللّه ولكِنْ على تَغْطِيَتِهم ما كانوا عليه مِنَ الألّفة والمَودّة .
- ومنه حديث ابن مسعود [ إذا قال الرجُل للرَّجُل : أنتَ لِي عَدُوّ فقد كَفَر أحَدُهُما بالإسلام ] أراد كُفْر نعْمَته لأنَّ اللّه ألَّفَ بَيْن قلوبهم فأصبحوا بنعمته إخْواناً فَمن لَم يَعْرِفْها فَقد كَفَرَها .
- ومنه الحديث [ مَن تَرك قَتْل الحيَّاتِ خَشْيَةَ النار فقد كفَر [ أي كفَر النِّعْمة . وكذلك : .
( ه ) الحديث الآخر [ مَن أتَى حائضاً فَقد كَفَر ] .
- وحديث الأنواء [ إنَّ اللّه يُنْزل الغَيث فيُصبِح قَومٌ به كافِرين يَقولون : مُطِرْنا بَنوْء كَذا وكَذا ] أي كافرين بذلك دُونَ غيره حيْث يَنْسِبُون المَطر إلى النَّوْء دُون اللّه .
( س ) ومنه الحديث [ فرأيْتُ أكْثَر أهْلِها ( أي النار ) النَّساء لِكُفْرِهِنَّ . قيل : أيَكْفُرْن باللّه ؟ قال : لا ولكنْ يَكْفُرْنَ الإحْسان ويَكْفُرْن العَشير ] أي يَجْحَدْنَ إحْسان أزْواجِهنّ .
- والحديث الآخر [ سِبَابُ المُسلمِ فُسُوقٌ وقِتَالُهُ كُفْر ] .
( س ) [ ومَنْ رَغِبَ عن أبيه فقد كَفَرَ ] .
( س ) [ وَمَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ فنعْمَةً كَفَرَها ] .
وأحاديث من هذا النوع كثيرة .
وأصْل الكُفْر : تَغْطِيَةُ الشيء تغطيةً تَسْتَهْلِكُهُ .
( س ) وفي حديث الرِّدّة [ وكَفَر مَنْ كَفَر من العَرب ] أصحابُ الردّة كانوا صِنْفَيْنِ : صِنْف ارْتَدّوا عن الدِّين وكانوا طائِفَتَين : إحْدَاهُما أصحاب مُسَيْلِمة والأسْوَد العَنْسِيّ الذين آمَنُوا بِنُبُوَّتِهما والأخْرَى طائفة ارتَدُّوا عن الإسلام وعادوا إلى ما كانوا عليه في الجاهلية وهؤلاء اتفَّقَتِ الصحابة على قِتالهم وسَبْيِهِمْ واسْتَوْلَدَ عليٌّ مِن سَبْيهِمْ أمَّ محمد ابن الحَنَفِيَّة ثم لم يَنْقَرِض عصر الصَّحَابةِ حتى أجْمَعُوا على أنَّ الْمُرْتَدَّ لا يُسْبَى .
والصِّنْف الثاني من اهْل الرّدّة لم يَرْتَدُّوا عن الإيمان ولكن أنْكَرُوا فَرْض الزكاة وزَعَمُوا أن الخِطَاب في قوله تعالى : [ خُذْ من أموالِهم صَدَقةً ] خاصٌّ بِزَمن النبي E ولذلك اشْتَبه على عُمَر قِتالُهم لإقْرارِهِم بالتَّوحيد والصلاة . وثَبَت أبو بكر على قتاَلِهم لِمَنْع الزكاة فَتَابَعه الصحابة على ذلك لأنهم كانوا قَرِيِبي العَهْد بزمانٍ يَقَع فيه التَّبْديل والنَّسْخ فلم يُقَرّوا على ذلك . وهؤلاء كانوا أهل بَغْي فأضيفوا إلى أهْل الردّة حيْث كانوا في زمانهم فانْسَحَب عليهم اسْمُها فأمَّا مَا بَعْد ذلك فَمن أنْكَرَ فَرْضيَّة أحَد أركان الإسلام كان كافِراً بالإجْماع .
- ومنه الحديث [ لا تُكَفِّر أهْل قِبْلَتِك ] أي لاَ تَدْعهُم كُفَّاراً أو لاَ تَجْعَلهم كفَّاراً بقولك وزَعْمك .
- ومنه حديث عمر [ ألاَ لاَ تَضْربوا المسْلمين فَتُذِلُّوهم ولا تَمنعُوهُم حَقَّهم فَتُكَفِّروهم ] لأنهم رُبَّما ارْتَدّوا إذا مُنِعوا عن الحقّ .
( س ) وفي حديث سعيد [ تمَتَّعْنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ومعاويةُ كافِرٌ بالعُرُش ] أي قَبْل إسْلامِه .
والعُرُش : بُيوت مكة .
وقيل : مَعْناه أَنه مُقِيم مُخْتَبِىء بمكة لأنَّ التَّمتُّع كان في حَجَّة الودَاع بَعْد فَتْح مكة ومعاويةُ أسْلم عام الفتْح .
وقيل : هو من التَّكْفير : الذُّل والخُضوع .
( س ) وفي حديث عبد الملك [ كَتَب إلى الحجَّاج : من أقَرّ بالكُفْرِ فَخلِّ سَبيله ] أي بكُفْر مَنْ خالف بَني مَرْوَان وَخرج عليهم .
- ومنه حديث الحجاج [ عُرِض عليه رجُل من بني تَميم ليَقْتُلَه فقال : إني لأرَى رجُلاً لاَ يُقِرّ اليوم بالكُفْر فقال : عن دَمِي تَخْدَعُني إني أكْفَرُ مِن حِمار ] حِمَارٌ : رَجُل كان في الزمان الأوّل كَفَر بَعْد الإيمان وانْتَقل إلى عِباَدة الأوثان فصَار مثلاً .
( ه ) وفي حديث القنوت [ واجْعَل قلوبهم كَقُلوب نِساء كَوافِرَ ] الكَوافِر : جَمْع كافِرة يعني في التَّعادِي والاخْتِلاف . والنِّساء أضْعَفُ قُلوباً من الرّجال لا سِيَّما إذا كُنّ كَوافِرَ .
( ه ) وفي حديث الخَدْرِيّ [ إذا أصْبَح ابنُ آدم فإنَّ الأعْضَاء كُلَّها تُكَفَّر لِلِّسَان ( في الأصل وا والهروي : [ اللِّسان ] وأثبتُّ ما في لسان العرب والفائق 2 / 418 ] ) أي تَذِلّ وتَخْضَع ( بعده في الهروي : [ له ] ) .
والتَّكْفير : هو أن يَنْحَنِي الإنسان ويُطَأطِىء رأسَه قريباً من الرُّكوع كما يَفْعل من يُريد تَعْظِيم صاحِبه .
( س ) ومنه حديث عَمرو بن أميَّة والنَّجَاشي [ رأى الحَبشةَ يَدْخُلون من خَوْخَةٍ مُكَفِّرين فَولاّه ظَهْره ودَخل ] .
( س ) ومنه حديث أبي مَعْشَر [ أنه كان يَكْره التَّكْفِير في الصلاة ] وهو الانْحِناء الكَثِير في حالة القِيام قَبْل الركوع .
- وفي حديث قضاء الصلاة [ كَفَّارتُها أن تُصَلِّيَهَا إذا ذكَرْتَها ] .
وفي رواية [ لا كَفّارَة لها إلاَّ ذلك ] .
قد تكرر ذكر [ الكَفَّارةِ ] في الحديث اسْماً وفْعِلاً مُفْرداَ وَجَمعاً . وهي عبارة عن الفَعْلة والخَصْلة الَّتي من شَأنها أن تُكَفِّر الخَطيئة : أي تَسْتُرها وَتَمْحُوها . وهي فَعَّالة للْمبالَغة كَقَتَّالة وضَرَّابة وهي من الصِّفات الغالِبَة في باب الاسْمِية .
ومعنى حديث قَضاء الصَّلاة أنه لا يَلزمه في تَرْكها غَيْرُ قَضائها من غُرْم أو صَدَقة أو غيرِ ذلك كما يلزم المُفْطِرَ في ومضان من غير عُذْر والمُحْرِمَ إذا تَرك شيئأ من نُسُكه فإنه تَجِب عليهما الفِدْية .
( ه ) ومنه الحديث [ المُؤمِن مُكَفَّر ] أي مُرَزَّأٌ في نَفْسَه ومَالِه لتُكَفَّر خَطاياه .
- وفيه [ لا تَسْكُنِ الكُفُورَ فإِن ساكِنَ الكُفُور كسَاكِن القُبُور ] قال الحربي : الكُفُور : ما بَعُد من الأرض عن الناس فَلا يَمُرّ به أحد وَأهْل الكُفور عند أهْل المُدُنِ كالأموات عِند الأحْياء فَكأنّهم في القُبور . وأهْل الشَّام يُسمُّون القَرْيةَ الكَفْر .
- ومنه الحديث [ عُرِض على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما هو مَفْتوح على أمَّتِه مِن بَعْده كَفْراً كَفْراً فَسُرَّ بذلك ] أي قَرْيَة قَرْية .
- ومنه حديث أبي هريرة [ لَتُخْرجنَّكم الرُّومُ منها كَفْراً كَفْراً ] .
( ه ) ومنه حديث معاوية [ أهْل الكُفورِ هُمْ أهلُ القُبُور ] أي هُم بمنْزلة الموْتَى لا يُشَاهِدون الأمْصار والجُمَع والجَماعَاتِ .
- وفيه [ أنه كان اسْم كِنانةَ النبيّ E الكَافُور ] تَشْبِيهاً بِغِلاف الطَّلْع وأكْمَام الفَواكِه لأنها تَستُرها وهي فيها كالسّهام في الكِنَانة .
- وفي حديث الحسن [ هُو الطِّبِّيع في كُفُرَّاه ] الطَّبَّيعُ : لُبُّ الطَّلْع وكُفُرَّاهُ - بالضَّم وتشديد الراء وَفتح الْفاء وَضَمَّها مَقْصُور : هُو وعاء الطَّلْع وقِشْره الأعلى وكذلك كافُورُه .
وقيل : هو الطَّلْع حين يَنْشَقُّ . ويَشْهد للأوّل قوله في الحديث : [ قِشْرُ الكُفُرَّي ]