{ كسب } ... فيه [ أطْيَبُ ما يأكلُ الرَّجلُ من كَسْبه وَوَلَدُه مِن كَسْبه ] إنما جَعل الولد كِسْباً لأنَّ الوالد طَلبه وسَعى في تَحْصِيله .
والكَسْب : الطَّلَب والسَّعْي في طَلَب الرزِق والمَعِيشة . وأراد بالطَّيِّب ها هنا الحلال . ونَفَقةُ الوَالدين على الوَلد واجِبة إذا كانا مُحْتاجَيْن عاجِزَين عن السَّعي عند الشافعي وغيرُه لا يَشْترِط ذلك .
- وفي حديث خديجة [ إنك لَتَصِلُ الرَّحِم وتَحْمِل الكَلَّ وتُكْسِبُ المَعْدومَ ] يقال : كَسَبْتُ مالاً وكَسَبْت زيداً مالاً وأكْسَبْت زَيْداً مالاً : أي أعَنْتُه على كَسْبه أو جَعَلْتُه يَكْسِبه .
فإنْ كان ذلك مِن الأوّل فتُرِيد أنك تَصِل إلى كلّ مَعْدوم وتَنَالُه فلا يَتَعَذَّر لبُعْدِه عليك .
وإن جَعَلْتَه مُتَعَدِّياً إلى اثنين فتُرِيد أنَّك تُعْطِي الناس الشيء المعْدوم عِنْدهم وتُوصِلُه إليهم .
وهذا أوْلَى القَوْلَين لأنه أشْبَه بما قبله في باب التَّفَضُّل والإنْعام إذ لا إِنْعَام في أن يَكسِب هو لِنَفْسه مالاً كان مَعْدُوماً عنده وإنما الأنْعامُ أن يُوليَه غيرَه . وباب الحَظِّ والسَّعادة في الاكْتِساب غير باب التَّفَضُّل والإِنْعام .
- وفيه [ أنه نَهى عن كَسْب الإماء ] هكذا جاء مُطْلقاً في رواية ابي هريرة .
وفي رواية رافع بن خَديج مُقَيَّداً [ حتى يُعْلَم من أين هُو ] .
وفي رواية أخرى [ إلاَّ ما عَمِلَت بِيَدها ] .
وَوَجْه الإطلاق أنه كان لأهل مكة والمدينة إمَاءٌ عليهنّ ضرائب يَخْدِمْنَ الناس ويأخُذْنَ أجُورَهنّ ويُؤدَّين ضَرائِبَهُنّ ومَن تكون مُتَبَذِّلةً خارجةً داخِلة وعليها ضَربية فلا تُؤْمِنُ أنْ تَبْدُوَ منها زّلَّة إمّا لللاْستِزادة في المَعَاش وإمّا لِشَهْوة تَغْلِب أو لغير ذلك والمَعْصوم قليل فَنُهي عن كَسْبهنّ مُطْلقاً تَنَزُّهاً عنه .
هذا إذا كان للِلأَمة وَجْه مَعْلوم تَكْسِب منه فكيف إذا لم يكُن لها وَجْهٌ مَعْلوم ؟