{ فقر } ... قد تكرر ذكر [ الفَقْر والفقير والفُقَراء في الحديث ] وقد اختلف الناس فيه وفي المِسْكين فقيل : الفَقِير الذي لا شيء له والمِسْكين الذي له بعض ما يكْفيه وإليه ذهب الشافعي . وقيل فيهما بالعَكْس وإليه ذهب أبو حنيفة . والفقير مَبْنيٌّ على فَقُرَ قِياساً ولم يُقَلْ فيه إلا افْتَقَر يَفْتَقر فهو فَقِير .
( س ) وفيه [ ما يَمْنَع أحَدَكم أن يفَقِر البَعير من إبله ] أي يُعِيره للرُّكوب . يقال : أفْقَر البَعِيرَ يُفْقِره إفْقارا إذا أعاره مأخوذ من رُكُوب فِقار الظَّهْر وهو خرزاتُه الواحدة : فَقَارة .
( س ) ومنه حديث الزكاة [ مِن حَقِّها إفْقارُ ظهرها ] .
- وفي حديث جابر [ أنه اشْترى منه بَعِيرا وأفْقَرَه ظهره إلى المدينة ] .
- ومنه حديث عبد اللّه [ سُئل عن رجُل اسْتَقْرَض من رجُلٍ دراهم ثم إنه أفْقَرَ المُقْرِضَ دابَّتَه فقال : ما أصاب مِن ظَهْرِ دابَّتِه فهو رِباً ] .
- ومنه حديث المُزارَعة [ أفْقِرْها أخاك ] أي أعِرْه أرضك للزرَاعة اسْتعاره للأرض من الظهْر .
( ه ) وفي حديث عبد اللّه بن أُنَيْس [ ثم جَمَعْنا المفاتيح وتَركْناها في فَقِيرٍ من فُقُر خَيْبر ] أي بِئر من آبارِها .
( س ) ومنه حديث عثمان [ أنه كان يَشْرب وهو مَحْصور من فقيرٍ في دارِه ] أي بئر وقيل : هي القليلة الماء .
- ومنه حديث مُحَيِّصَة [ أن عبد اللّه بن سَهْل قُتِل وطُرِح في عَيْنٍ أو فَقير ] والفقير أيضا : فَمُ القَناة وفقير النخلة : حُفْرة تُحْفَر للفَسِيلة إذا حُوّلت لتُغْرَس فيها .
( س ) ومنه الحديث [ قال لسَلْمان : اذْهب ففَقِّرْ للفَسيل ] أي احْفِرْ لها موضعاً تُغْرَس فيه واسم تلك الحُفْرة : فُقْرَة وفَقِير .
( ه ) وفي حديث عائشة [ قالت في عثمان : المرْكُوب منه الفِقَرُ الأربع ] القُتَيْبي : الفِقَر بالكسر : جمع فِقْرة وهي خَرَزات الظَّهْر ضَرَبَتْها مثلا لما ارْتُكِبَ منه لأنَّها موضع الرُّكوب أرادت أنهم انْتَهَكوا فيه أربع حُرَم : حُرْمة البَلَد وحُرْمة الخِلافة وحُرْمة الشهر وحُرْمة الصُّحْبة والصِّهْر . وقال الأزهري : هي الفُقَر بالضم أيضا جَمْع فُقْرة وهي الأمر العظيم الشِّنيع .
( ه ) ومنه الحديث الآخر [ اسْتَحُّلوا منه الفُقَر الثلاث ] حُرْمة الشَّهْر الحرام وحُرْمة البَلد الحرام وحُرْمة الخِلافة .
[ ه ] ومنه حديث الشَّعْبِيّ [ فُقَراتُ ابن آدم ثلاث : يومَ وُلِد ويومَ يموت ويومَ يُبْعث حَيّاً ] هي الأمور العِظام جمع فُقْرة بالضم . ومن المكسور الأوّل ( س ) حديث زيد بن ثابت [ ما بين عَجْب الذَّنَب إلى فِقْرة القَفا ثِنْتان وثلاثون فِقْرة في كل فِقرة أحدٌ وثلاثون دينارا ] يعني خَرَز الظَّهْر .
( س ) وفيه [ عادَ البَراء بن مالك في فَقَارة من أصحابه ] أي فِقَر .
( س ) وفي حديث عمر [ ثلاث من الفَواقِر ] أي الدَّواهي واحِدتُها فاقِرَة كأنها تَحْطِم فَقَار الظَّهْر كما يُقال : قاصِمَة الظَّهر .
( س ) وفي حديث معاوية أنه أنشد : .
لَمالُ المَرء يُصْلِحُه فيُغْنِي ... مَفاقرِةُ أعَفُّ من القُنوِع ( البيت للشماخ بن ضرار . ديوانه ص 56 بشرح الشنقيطي . القاهرة 1327 ه ) .
المَفاقِر : جَمْع فَقْر على غير قِياس كالمَشابه والمَلامِح . ويجوز أن يكون جمع مَفْقَر مصدر أفْقَره أو جَمْع مُفْقِر .
( ه ) وفي حديث سعد [ فأشار إلى فَقْرِ في أنْفِه ] أي شَقٍّ وحَزٍّ كان في أنْفه .
( ه ) وفيه [ أنه كان اسم سَيْف النبي صلى اللّه عليه وسلم ذا الفَقار ] لأنه كان فيه حُفَرٌ صِغارٌ حِسان . والمُفَقَّر من السّيوف : الذي فيه حُزُوز مطْمَئنة .
- وفي حديث الإيلاء [ على فَقِيٍر من خَشَب ] فسَّره في الحديث بأنه جِذْع يُرْقَى عليه إلى غُرْفة : أي جُعلَ فيه كالدَّرَج يُصْعَد عليها ويُنْزل . والمعروف [ على نَقِير ] بالنون : أي مَنْقور .
( ه ) وفي حديث عمر وذكر امرأ القيس فقال [ افْتَقر عن مَعانٍ عُورٍ أصَحّ بَصَرٍ ] أي فتَح عن مَعانٍ غامِضَة .
- وفي حديث القَدَر [ قِبَلَنا ناسٌ يَتَفَقَّرون العِلم ] هكذا جاء في رواية بتقديم الفاء على القاف والمشهور بالعكس . قال بعضُ المتأخِّرين : هي عندي أصحُّ الروايات وألْيَقُها بالمعنى . يعني أنهم يَسْتخرِجون غامِضَه ويَفْتَحون مُغْلقَه . وأصلُه من فَقَرْتُ البئر إذا حَفْرَتها لاسْتِخْراج مائها فلما كان القَدَرِيَّة بهذه الصِّفَة من البحث والتَّتَبُّع لاسْتخراج المعاني الغامِضة بدقائق التأويلات وَصَفهم بذلك .
( ه ) وفي حديث الوليد بن يزيد بن عبد الملك [ أفْقَر بَعد مَسْلَمَةَ الصَّيْدُ لِمَنْ رَمَى ] أي أمْكَن الصَّيدُ مِن فَقَار لِرامِيه وأراد أن عَمَّه مَسْلَمة كان كثير الغَزْو يَحْمِي بَيْضة الإسلام ويَتولَّى سِدادَ الثُّغور : فلما مات اخْتَلَّ ذلك وأمكَن الإْسلامُ لمَنْ يَتَعرض إليه . يقال : أفْقَرَك الصَّيدُ فارْمِه : أي أمْكَنك مِن نفْسِه