{ غنا } ... في أسماء اللّه تعالى [ الغَنِيّ ] هو الذي لا يَحْتاج إلى أحَد في شيء وكُلّ أحَدٍ يَحْتاج إليه وهذا الغنِي المُطْلَق ولا يشارِك اللّهَ تعالى فيه غيرُه .
- ومنه أسمائه [ المُغْني ] وهو الذي يُغْني مَن يشاء من عبِادِه .
( ه ) وفيه [ خير الصَّدَقة ما أبقَت غنِىً ] وفي رواية [ ما كان عن ظَهْرِ غنىً ] أي ما فَضَل عن قُوت العِيال وكِفايَتِهم فإذا أعْطَيَتها غيرك أبقَت بَعْدها لك ولَهُم غِنىً وكانت عن اسْتِغْناء منك ومنهم عنها . وقيل : خَير الصَّدقة ما أغْنَيْتَ به مَن أعْطَيْتَه عن المسألة .
- وفي حديث الخيل [ رجُل رَبَطها تَغَنِّيا وتَعَفُّفا ] أي اسْتِغَناءً بها عن الطَّلَب من الناس .
( ه س ) وفي حديث القرآن [ مَن لم يَتَغَنَّ بالقرآن فليس مِنَّا ] أي لم يَسْتَغْنِ به عن غيره . يقال : تَغَنَّيْت وتغانَيْت واستغنيت . وقيل : أراد من لم يَجْهَر بالقراءة فليس مِنَّا . وقد جاء مُفَسَّرا .
( ه س ) في حديث آخر [ ما أذِنَ اللّه لشيءٍ كإذْنِه لنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بالقرآنِ يَجْهُر به ] قيل إنَّ قوله [ يَجْهَر به ] تَفْسير لقوله [ يَتَغَنَّى به ] . وقال الشافعي : معناه تَحْسِين ( في الهروي : [ تحزين ] ) القراءة وتَرْقِيقُها ويَشْهد له الحديث الآخر [ زَيِّنُوا القرآنَ بأصْواتِكم ] وكل من رَفَع صَوْته ووالاَه فصَوْته عند العرب غِنَاء . قال ابن الأعرابي : كانت العرب تَتَغَنَّى بالرُّكْبانِيِّ ( هو نشيد بالمدّ والتمطيط . الفائق 1 / 458 ) إذا رَكِبَت وإذا جَلَستْ في الأفْنِيَة . وعلى أكثر أحوالها فلما نزل القرآن أحَبَّ النبي صلى اللّه عليه وسلم أن تكون هِجِّيراهُم بالقرآن مكان التَّغَنِّي بالرُّكْبانيِّ . وأوّل من قَرأ بالألحان عُبَيدُ اللّه بن أبي بَكْرة فَورِثَه عنه عُبَيْد اللّه بن عُمَر ولذلك يُقال : قِراءة العُمَرِيّ ( كذا بالأصل وفي ا : [ قرأ العُمَرِيّ ] . وفي اللسان : [ قرأتُ العُمَرِيّ ] ) . وأخذ ذلك عنه سَعِيد العَلَّاف الإباضِيّ .
( ه ) وفي حديث الجمعة [ مَن اسْتَغْنى بِلَهْوٍ أَو تجارةٍ استغنى اللّه عنه واللّه غَنِيٌّ حَميد ] أي اطَّرَحَه اللّه ورَمَى به من عَيْنه فِعْل مَن اسْتَغنى عن الشيء فلم يَلْتَفت إليه . وقيل : جَزاه جزاء اسْتِغْنائه عنها كقوله تعالى : [ نَسُوا اللّهَ فنَسِيَهم ] .
( س ) وفي حديث عائشة [ وعندي جاريتان تُغَنِّيان بِغِناء بُعاث ] أي تُنْشِدان الأشْعار التي قِيلت يوم بُعَاث وهو حَرْب كانت بين الأنصار ولم تُرِد الغِنَاء المعروف بين أهْل اللَّهو واللَّعِب . وقد رخَّص عمر في غِناء الأعراب وهو صَوْتٌ كالحُداء .
- وفي حديث عمر [ أنّ غُلاما لأناسٍ فُقراء قطعَ أُذُن غلام لأغنياء فأتى أهلُه النبي صلى اللّه عليه وسلم فلم يَجْعل عليه شيئا ] . قال الخطَّابي : كَان الغلام الجاني حُرّاً وكانت جِنَايته خَطأ وكانت عاقِلتُهُ فُقَراء فلا شيء عليهم لفقرهم . ويُشْبه أن يكون الغلام المَجْنِيُّ عليه حُرّاً أيضا لأنه لو كان عبداَ لم يكن لاعْتذار أهل الجاني بالفقْر مَعْنىً لأن العاقِلة لا تَحْمل عَبْداً كما لا تَحْمل عَبْداً ولا اعترِافا . فأمّا المملوك إذا جَنَى على عَبدٍ أو حُرٍّ فجِنايَتُه في رقَبَتِه . وللفُقهاء في اسْتيفائها منْه خلاف .
( ه ) وفي حديث عثمان [ أنّ عليّاً بَعَث إليه بصَحيفَة فقال للرَّسول : أغْنِها عَنَّا ] أي اصرفها وكُفَّها ( بهامش ا : [ قال الكِرْماني في شرح البخاري : أرسل عليٌّ صحيفة فيها أحكام الصدقة فردها عثمان لأنه كان عنده ذلك العلم فلم يكن محتاجا إليها ] ) كقوله تعالى : [ لِكُلِّ امْرىءٍ منهمْ يومَئِذٍ شأْنٌ يُغنيه ] أي يكفه ويكفيه . يقال : أغنِ عني شرك : أي اصْرِته وكُفَّه . ومنه قوله تعالى [ لَنْ يُغنُوا عَنْكَ مِنَ اللّه شيئاً ] .
- ومنه حديث ابن مسعود [ وأنا لا أُغِني لو كانت مَنَعَة ] أي لو كان مَعي من يَمنَعُني لَكَفَيْتُ شَرَّهم وصَرَفْتُهم .
[ ه ] ... وفي حديث علي [ ورَجُلٌ سَماه الناس عَالمِاً ولم يَغنَ في العلْمِ يوماً سالماً ] أي لم يَلْبث في العلم يوماً تامَّا من قولك : غَنيتُ بالمكان أغَنى : إذا أقَمْتَ به