{ غرر } ( ه ) فيه [ أنه جَعل في الجَنين غُرَّةً عبْداً أو أمَة ] الغُرّة : العبْد نَفْسُه أو الأمة وأصل الغُرَّة : البياض الذي يكون في وجْه الفَرس وكان أبو عمرو بن العَلاء يقول : الغُرّة عبْدٌ أبيضُ أو أمَةٌ بَيْضاء وسُمِي غُرَّةً لِبيَاضِه فلا يُقبَل في الدِّية عبدٌ أسْودُ ولا جارية سَوْداء . وليس ذلك شَرْطاً عند الفُقهاء وإنما الغُرّة عندهم ما بَلغ ثمنُه نِصفَ عُشْر الدِّية ( في الهروي واللسان : [ الغرة من العبيد الذي يكون ثمنه عُشْر الدية ] ) من العبيد والإماء . وإنما تجب الغُرّة في الجَنين إذا سَقَط مَيِّتاً فإن سقط حَيّاً ثم مات ففيه الدِّية كاملة . وقد جاء في بعض رِوايات الحديث [ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أو أمَة أو فَرَس أو بَغْل ] . وقيل : إنَّ الفَرس والبَغْل غَلَطٌ من الراوي .
- وفي حديث ذي الْجَوْشَن [ ما كنت لأقيِضَه ( في اللسان : [ لِأَقْضِيَه ] . وأقيضه : أي أُبْدِله وأعوضه عنه . انظر ( قيض ) فيما يأتي ) اليومَ بغُرّة ] سَمَّى الفَرس في هذا الحديث غُرّة وأكثر ما يُطْلق العبد والأمَة . ويجوز أن يكون أراد بالغُرَّة النَّفيس من كلّ شيء فيكون التقدير : ما كنت لأَقِيضَه بالشيء النَّفيس المرْغُوب فيه .
( س ) ومنه الحديث [ غُرٌّ مُحَجَّلون من آثار الوضوء ] الغُرُّ : جمع الأغَر من الغُرّة : بياضِ الوجْه يُريد بَياض وجُوهِهم بنور الوُضوء يوم القيامة .
( ه ) ومنه الحديث [ في صَوْم الأيام الغُرِّ ] أي البِيضِ الليالي بالقَمَر وهي ثالث عشَر ورابع عشر وخامس عشر .
( ه ) ومنه الحديث [ إياكُم ومُشَارَّةَ الناسِ فإنها تَدْفِنُ الغُرَّة وتُظْهر العُرَّة ] الغُرّة ها هنا : الحَسَنُ والعَمل الصالح شبَّهه بِغُرّة الفَرس وكل شيء تُرْفَع قيمتَهُ فهو غُرّة .
[ ه ] ومنه الحديث [ عليكم بالأبكار فإنَّهنّ أغَرُّ غُرَّةً ] يَحْتَمِل أن يكون من غُرّة البَياض وصَفاء اللَّون ( قال الهروي : [ وذلك أن الأْيمة والتعنيس يحيلان اللون ] ) ويَحْتَمل أن يكون من حُسْن الخُلُق والعِشْرة ويؤيدِّه الحديث الآخر : .
[ ه ] [ عليكم بالأبكار فإنَّهنّ أغَرُّ أخلاقا ] أي أنَّهنّ أبْعَدُ من فِطْنَة الشَّرّ ومعرفته من الغِرَّة : الغَفْلة .
( ه ) ومنه الحديث [ ما أجِدُ لِمَا فعَل هذا في غُرَّة الإسلام مَثَلاً إلاَّ غَنَما ورَدَت فَرُمِيَ أوّلها فَنَفر آخِرُها ] غُرَّة الإسلام : أوّلُه وغُرّة كل شيء : أوّلُه .
- وفي حديث علي [ اقْتُلُوا الكَلْبَ الأسْود ذَا الغُرَّتَيْن ] هما النُّكْتَتان البَيْضَاوَان فَوْق عَيْنَيه .
( س [ ه ] ) وفيه [ المؤمِن غِرٌّ كريم ] أي ليس بذي نُكْر فهو يَنْخَدِع لانْقِيادِه وَلينِه وهو ضِدُّ الخَبِّ . يقال : فَتىً غِرٌّ وفَتاةٌ غِرٌّ وقد غَرِرْتَ تَغِرُّ غَرارَة . يُريد أنَّ المؤمنَ المحمودَ من طَبْعه الغَرارة وقِلةُ الفِطْنة للشَّرّ وتركُ البحث عنه وليس ذلك منه جَهلا ولكنه كَرَمٌ وحُسْن خُلُق .
- ومنه حديث الجنة [ يَدْخُلُني غِرَّة الناس ] أي البُلْهُ الذين لم يُجَرّبوا الأمور فَهمُ قَليلُو الشَّرّ مُنْقادُون فإنَّ مَنْ آثرَ الخُمول وإصْلاح نَفْسِه والتَّزوُّد لِمَعاده ونَبذَ أمُور الدنيا فليس غِرّاً فيما قَصَد له ولا مَذْموما بنوع من الذَّم .
[ ه ] ومنه حديث ظَبْيان [ إنَّ مُلوك حِمْيَر مَلَكُوا مَعاقِلَ الأرض وقَرارَها ورُءوسَ المُلُوك وغِرارَها ] الغِرَار والأغرار : جمع الغِرِّ .
( س ) ومنه حديث ابن عمر [ إنَّك ما أخَذْتَها بَيْضاء غَرِيرة ] هي الشَّابَّة الحديثة التي لم تُجَرِّب الأمور .
( س ) وفيه [ أنه قَاتَل محارِب بن خَصَفة ] فَرأوْا مِن المسلمين غِرَّة فصَلى صلاة الخوف ] الغِرَّة : الغَفْلة : أي كانوا غافلين عن حِفْظ مَقامِهم وما هُم فيه من مُقابلة العَدُوّ .
- ومنه الحديث [ أنه أغار على بَنِي المصْطَلِق وهم غارُّون ] أي غافِلون .
- ومنه حديث عمر [ كتَب إلى أبي عُبَيدة أن لا يُمْضِيَ أمْرَ اللّه إلاَّ بَعِيدُ الغِرّة حصَيف العُقْدة ] أي مَن بَعُد حفْظُه لغَفْلة المسلمين .
( ه ) وفي حديث عمر [ لا تَطْرُقوا النِّساءَ ولا تَغْتَرُّوهُنّ ] أي لا تَدْخُلوا إليهنّ على غِرَّة . يُقال : اغْتَرَرْتُ الرَّجُل إذا طَلَبْتَ غِرَّتَه أي غَفْلَته .
( س ) ومنه حديث سارق أبي بكر [ عَجِبْتُ من غِرَّتِه باللّه عزَّ وجَلّ ] أي اغتِرَارِه .
( ه س ) وفيه [ أنه نَهى عن بَيْع الغَرَر ] هو ما كان له ظاهِر يَغُرّ المشتَرِيَ وباطِنٌ مجهول . وقال الأزهري : بَيْع الغرَر : ما كان على غَيْر عُهْدَة ولا ثِقة وتَدخُل فيه البيوع التي لا يُحيِط بِكُنْهِها المُتَبَايعان من كل مَجْهول . وقد تكرر في الحديث .
( ه ) ومنه حديث مُطَرِّف [ إنّ لي نَفْسا واحِدة وإنّي أكْره أن أغَرِّرَ بها ] . أي أحْمِلها على غَيْرِ ثِقَة وبه سُمّي الشيطان غَرُوراً لأنه يَحْمِل الإنسان على مَحَابِّه وورَاء ذلك ما يَسُوء . ... ومنه حديث الدعاء [ وتَعَاطى ما نَهَيْتَ عنه تَغْريراً ] أي مُخَاطَرَة وغَفْلَة عن عاقِبة أمْره .
- ومنه الحديث [ لأنْ أغْتَرَّ بهذه الآية ولا أقاتِل أحَبُّ إليّ من أنْ أغْتَر بهذه الآية ] يُريد قوله تعالى [ فقاتلِوا التي تَبْغي ] وقوله [ ومَنْ يَقْتُلْ مؤمِنا متَعَمِّدا ] المعنى أنْ أخاطِر بِتْركي مُقْتَضى الأمْرِ بالأُولَى أحَبُّ إليّ من أن أخاطِر بالدُّخول تَحت الآية الأخْرى .
( ه ) ومنه حديث عمر [ أيُّما رَجُل بايَعَ آخر فإنَّه لا يُؤمَّر واحِدٌ منهما تَغِرَّةَ أنْ يُقْتَلا ] التَّغِرَّة : مصْدر غَرَّرْتُه إذا ألْقَيْتَه في الغَرَر وهي من التَّغْرير كالتَّعِلَّة من التَّعْليل . وفي الكلام مضاف محذوف تقديره : خَوْفَ تَغِرَّة أنْ يُقْتَلا : أي خَوْفَ وقُوعِها في القتل فحذف المُضاف الذي هو الخوْف وأقام المُضاف إليه الذي هو تَغِرَّة مُقامَه وانْتَصب على أنه مفعول له . ويجوز أن يكون قوله [ أن يُقْتَلا ] بدلا من [ تغرة ] ويكون المُضاف مَحْذوفاَ كالأوّل . ومَن أضاف [ تَغِرّة ] إلى [ يُقْتَلا ] فمعناه خَوْفَ تَغِرَّته قَتْلَهما . ومعْنى الحديث : أنّ البَيْعة حقُّها أنْ تقع صادِرة عن الْمُشورة والاتِّفاق فإذا اسْتَبَدَّ رجُلان دُون الجماعة فبايع أحدهُما الآخَر فذلك تَظَاهُر منهما بِشَقّ العصَا واطِّراح الجماعة فإن عُقِد لِأحَدٍ بَيْعة فلا يكون المعقودُ لَه واحِداً منهما ولِيَكُونا مَعزولَين من الطائفة التي تَتَّفق على تَمْييز الإمام منها لأنه إن عُقِد لواحدٍ منْهما وقد ارْتَكَبَا تِلك الفَعْلة الشَّنيعة التي أحْفَظَت الجَماعة من التَّهاوُن بهم والاسْتغناء عن رأيهم لم يؤَمن أن يُقْتَلا .
( س ) ومنه حديث عمر [ أنه قَضى في ولد المغرور بغُرَّة ] هو الرجُل يتَزوّج امْرأة على أنها حُرة فتظْهر مَمْلوكة فَيَغْرَم الزوجُ لموْلَى الأمَة غُرَّةً عَبْداً أو أمةً ويَرجع بها على مَن غَرَّه ويكون وَلَدُه حُرّاً .
( ه ) وفيه [ لا غِرَارَ في صَلاة ولا تَسْليم ] الغِرَارُ : النُّقصان . وغِرَار النَّوم : قِلَّتُه . ويُريد بغِرَار الصَّلاة نُقْصانَ هَيْآتها وأركانِها . وغرَارُ التَّسليم : أن يقول المُجِيبُ : وعَلَيْك ولا يقول : السَّلام . وقيل : أراد بالغرار النَّوْم : أي ليْسَ في الصلاة نوم . [ والتسليم ] يُرْوَى بالنَّصْب والجِرّ فَمَنْ جَرَّه كان معطُوفا على الصلاة كما تقدم ومن نصب كان معطوفا على الغِرَار ويكون المعنى : لا نَقْصَ ولا تَسْليمَ في صلاة لأن الكلام في الصلاة بَغْير كلامها لا يجوز .
( ه ) ومنه الحديث الآخر [ لا تُغارُّ التَّحيّة ] أي لا يُنْقص السلام .
- وحديث الأوْزاعيّ [ كانوا لا يَرون بِغِرَار النوم بَأساً ] أي لا ينْقُض قليلُ النوم الوُضُوءَ .
( ه ) وفي حديث عائشة تَصِف أباها [ فقالت : رَدَّ نَشْر الإسلام على غَرِّه ] أي على طَيّهِ وكَسْرِه . يقال : اطْوِ الثَّوب على غَرِّه الأول كما كان مَطْوِيّاً أرادت تدبيره أمْرَ الرِّدّة ومُقابلة دَائِها بدَوَائها .
- وفي حديث معاوية [ كان النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم يَغُرّ عليا بالعلم ] أي يُلقمهُ إيَّاه . يقال : غَرّ الطَّائر فَرْخَه إذا زَقَّه .
- ومنه حديث علي [ مَن يُطِع اللّه يَغُرّه كما يَغُرّ الغُرَابُ بُجَّه ( البُجّ بالضم : فرخ الطائر . ( قاموس ) ) ] أي فرْخَه .
- ومنه حديث ابن عمر وذَكَر الحسَن والحُسين رضي اللّه عنهم فقال : [ إنَّما كانا يُغَرّان العِلْمَ غَرّاً ] .
- وفي حديث حاطب [ كنتُ غَرِيراً فيهم ] أي مُلْصَقاً مُلازماً لهم . قال بعض المتأخرين : هكذا الرواية . والصواب من جِهَة العَربيَّة [ كنتُ غَرِيّاً ] أي مُلْصَقا . يقال : غَرِىَ فُلانٌ بالشيء إذا لَزِمَه . ومنه الغِرَاء الذي يُلْصَق به . قال : وذكره الهرويّ في العين المهملة وقال [ كنت عَرِيرا ] : أي غرِيباً . وهذا تصحيف منه . قلت : أمَّا الهروي فلم يُصَحّف ولا شَرح إلاَّ الصحيح فإنَّ الأزهريّ والجوهريّ والخَطّابيّ والزمخشريّ ذكَرُوا هذه اللَّفْظة بالعَين المهملة في تَصانِيفهم وشَرحُوها بالغَريب وكَفاك بواحِدٍ منهم حُجَّةً للهروي فيما رَوَى وشَرح