{ بَدأ } ... في أسماء اللّه تعالى [ المبدئ ] هو الذي أنشأ الأشياء واخْتَرعها ابتداء من غير سابق مثال .
( ه ) وفي الحديث [ أنه نَفَّل في البَدْأة الرُّبعَ وفي الرّجْعَة الثلثَ ] أراد بالبَدْأة ابْتِداء الغَزْو وبالرجعة القُفُول منه . والمعنى : كان إذا نَهَضت سريّة من جملة المعسكَر المقْبل على العدوّ فأوْقَعت بهم نَفَّلَها الربع مما غنِمت وإذا فعلت ذلك عند عود العسكَر نفلها الثلث لأن الكَرَّة الثانية أشَقّ عليهم والخَطَرَ فيها أعظم وذلك لقُوّة الظَّهْر عند دخولهم وضعفه عند خروجهم وهم في الأوّل أنشَط وأشْهَى للسير والإمعان في بلاد العدوّ وهم عند القُفول أضعف وأفتَر وأشْهَى للرجوع إلى أوطانهم فزادَهم لذلك .
- ومنه حديث علي رضي اللّه عنه [ واللّه لقد سمعْتُه يقول : ليَضْرِبُنكم عَلى الدِّين عَوْداً كما ضَرَبْتُمُوهم عليه بَدْءًا ] أي أوَّلا يعني العَجم والموَالي .
- ومنه حديث الحديبية [ يكون لهم بَدْوُ الفُجور وثناه ] أي أوّله وآخره .
( ه ) ومنه الحديث [ مَنَعت العراقُ درْهَمها وقَفِيزَها ومنعت الشام مُدْيَها ودينَارَها ومنعت مصْر إرْدَبَّها وعدتم من حيث بدَأتم ] هذا الحديث من معجزات النبي صلّى اللّه عليه وسلم لأنه أخبر بما لم يكن وهو في علم اللّه كائن فخرّج لفظه على لفظ الماضي ودلَّ به على رضاه من عمر بن الخطاب بما وظَّفه على الكفرة من الجِزية في الأمصار .
وفي تفسير المنع وجهان : أحدهما أنه علم أنهم سيُسْلمون ويسقط عنهم ما وُظِّف عليهم فصاروا بإسْلامِهم مانعين ويدل عليه قوله : وعُدْتم من حيث بَدَأتم لأن بَدْأهم في علم اللّه تعالى أنهم سيُسْلمون فعادُوا من حيث بدأوا . والثاني أنهم يَخْرجُون عن الطاعة ويَعْصُون الإمام فيمنعون ما عليهم من الوظائف . والمُدْيُ مكيال أهل الشام والقَفِيز لأهل العراق والإرْدَبُّ لأهل مصر .
( ه ) وفي الحديث [ الخيل مُبْدَّأة يوم الوِرْد ] أي يُبْدأ بها في السَّقي قبل الإبل والغنم وقد تحذف الهمزة فتصير ألفاً ساكنة .
( س ) ومنه حديث عائشة رضي اللّه عنها [ أنها قالت في اليوم الذي بُدئ فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : وارَأسَاه ] يقال متى بُدِئ فلان ؟ أي متى مرض ويُسأل به عن الحيّ والميت .
- وفي حديث الغلام الذي قتله الخَضِر [ فانطلق إلى أحدهم بَادِي الرأي فقتله ] أي في أوّل رَاي رآه وابْتَدأ به ويجوز أن يكون غير مهموز من البُدُوّ : الظهور أي ظاهر الرأْي والنَّظر .
( س ) وفي حديث ابن المسيّب في حَرِيم البئر [ البَدِئ خمس وعشرون ذراعا ] البَدِئ - بوزن البَدِيع - : البئر التي حُفِرت في الإسلام وليست بعَاديَّة قديمة