{ رحم } ... في أسماء اللّه تعالى [ الرحمن الرحيم ] وهما اسْمانِ مُشْتَقَّانِ من الرَّحْمة مثْل نَدْمَان ونَدِيم وهُما من أبْنِية المبالغة . ورَحْمَان أبْلَغ من رَحيم . والرَّحمان خاصٌّ للّه لا يُسمَّى به غيره ولا يُوصَف . والرَّحيمُ يُوصفُ به غيرُ اللّه تعالى فيقال رجلٌ رحيمٌ ولا يقال رَحْمان .
- وفيه [ ثلاثٌ يَنْقُصُ بهنّ العَبد في الدنيا ويُدْرِك بهنّ في الآخرة ما هو أعظم من ذلك : الرُّحْم والحياءُ وعِىُّ اللسان ] الرُّحمُ بالضم : الرَّحمة يقال رَحِم رُحْمًا ويريد بالنقُّصان ما يَنَال المَرءَ بقسوة القلب ووَقاحة الوجْه وبَسْطة اللِّسان التي هي أضدادُ تلك الخِصال من الزيادة في الدنيا .
( س ) ومنه حديث مكة [ هي أمُّ رُحْم ] أي أصلُ الرَّحمة .
- وفيه [ من مَلَك ذا رَحِمٍ مَحْرم فهو حُرُّ ] ذو الرحم هم الأقاربُ ويقعُ على كُلّ من يجمع بَيْنك وبينه نَسَب ويُطْلق في الفَرائِض على الأقارب من جهة النِّساء يقال ذُو رَحِمٍ مَحْرم ومُحَرَّم وَهُم من لا يَحلُّ نِكاحُه كالأمّ والبنت والأخت والعمة والخالة . والذي ذهَب إليه أكثر أهل العِلم من الصحابة والتابعين وإليه ذهَب أبو حنيفة وأصحابُه وأحمد أنّ مَن ملكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَم عَتَق عليه ذَكراً أو أنثى وذهب الشافعي وغيره من الأئمة والصحابة والتابعين إلى أنَّه يَعْتِق عليه الأولاد ( في الأصل : أولاد الآباء . والمثبت من أواللسان ) والآباء والأمهات ولا يَعتْق عليه غيرُهم من ذَوِي قَرَابتِه . وذهَب مالك إلى أنه يَعْتِق عليه الولدُ والوالدان والإخوةُ ولا يَعْتِق غيرهم . ( رحا ) ( ه ) فيه [ تَدُورُ رَحَا الإسلام لخمْس او ست او سَبْع وثلاثين سنَة فإن يَقُم لهم دينُهم يَقم لهم سَبْعين سَنةً وإن يَهْلِكوا فَسَبِيل من هلَك من الأمم ] وفي رواية [ تدُورُ في ثلاثٍ وثلاثين سَنةً أو أربع وثلاثين سنة قالوا : يا رسول اللّه سِوَى الثَّلاث والثَّلاثين ؟ قال نعم ] .
يقال دارَتْ رَحا الحَرب إذا قامَت على سَاقِهَا . وأصل الرَّحا : التي يُطْحَن بها . والمَعْنى أن الإسلام يمتد قيامُ أمره على سَنَن الأسْتقامة والبُعْد من إحداثاتِ الظَّلَمة إلى تَقَضِّي هذه المُدَّة التي هي بضْعٌ وثلاثون . وَوَجْهُه أن يكون قاله وقد بقِيت من عُمُره السّنون الزائدةُ على الثلاثين باخْتلاف الرِّوايات فإذا انضمَّت إلى مُدَّة خلافة الأئمة الراشدين وهي ثلاثون سَنة كانت بَالِغَةً ذلك المَبْلغَ وإن كان أرادَ سَنةَ خمْس وثلاثين من الهِجْرة فَفِيها خرجَ أهلُ مِصر وحَصَروا عُثْمان رضي اللّه عنه وجَرى فيها ما جَرى وإن كانت سِتًّا وثلاثين ففيها كانت وقعةُ الجمل وإن كانت سبعاً وثلاثين ففيها كانت وقْعةُ صِفِّينَ . وأما قوله : يَقُم لهم سَبْعين عاماً فإن الخطَّابي قال : يُشْبه أن يكون أرادَ مُدَّة مُلْك بني أُميَّة وانْتِقالِه إلى بَني العبَّاس فإنه كانَ بين استقْرَار المُلْكِ لبني أُمَيَّة إلى أن ظَهرت دُعَاةُ الدَّولة العبَّاسية بخُرَاسان نحو من سَبعين سنة وهذا التأويلُ كما تَراه فإنَّ المُدّة التي أشار إليها لم تكُن سبعين سنة ولا كان الدِّينُ فيها قائماً . ويُروى [ تَزُول رَحَا الإسلام ] عِوضَ تَدُورُ : أي تَزُول عن ثُبوتها واسْتِقْرارها .
( س ) وفي حديث صفة السحاب [ كيف تَرونَ رَحَاها ] أي اسْتِدَارته أو ما اسْتدارَ منها .
( ه ) وفي حديث سليمانَ بن صُرَد [ أتَيت عليًّا حين فرَغ من مَرْحَى الجَمَل ] المَرْحى : الموضعُ الذي دَارَت عليه رَحَا الحرب . يقال رَحَيْت الرَّحا ورَحَوْتُها إذا أدَرْتَها