{ حيا } ... فيه [ الحياءُ من الإيمان ] جَعل الحَياء وهو غريزة من الإيمان وهو اكتساب لأنّ المستحي يَنْقَطِع بحَيَائه عن المعاصي وإن لم تكن له تَقِيَّة فصار كالإيمان الذي يَقْطَع بينها وبينه . وإنما جعله بعضه لأنّ الإيمان يَنْقَسم إلى ائتِمار بما أمر اللّه به وانتهاء عما نهى اللّه عنه فإذا حَصَل الانتهاء بالحياء كان بعض الإيمان .
( ه ) ومنه الحديث [ إذا لم تَسْتَحيِ فاصْنَع ما شئت ] يقال : اسْتَحْيا يَسْتَحْيي واسْتَحَى يَسْتَحي والأوّل أعْلى وأكثر وله تَأوِيلان : أحدهما ظاهر وهو المشهور : أي إذا لم تَسْتَحْيِ من العيْب ولم تَخْش العارَ مما تفعله فافعل ما تُحَدّثُك به نفْسُك من أغراضها حَسَنا كان أو قبيحاً ولفظه أمر ومعناه توبيخٌ وتهديد وفيه إشعار بأن الذي يَرْدَع الإنسان عن مُواقعة السوء هو الحَياء فإذا انْخَلع منه كان كالمأمور بارتكاب كل ضلالة وتعاطي كل سيئة . والثاني أن يُحْمل الأمر على بابه يقول : إذا كنت في فعلك آمِناً أن تَسْتَحْيِي منه لجريك فيه على سَنَن الصواب وليس من الأفعال التي يُسْتَحيا منها فاصنع ما شئت .
( س ) وفي حديث حُنَين [ قال الأنصار : المَحْيا مَحْياكم والممات مَماتُكم ] المَحْيا مَفْعَلٌ من الحياة ويَقَع على المصدر والزمان والمكان .
- وفيه [ من أحْيا مَواتاً فهو أحقّ به ] المَوات : الأرض التي لم يَجْرِ عليها مِلْك أحد وإحْياؤها : مُباشرتُها بتأثير شيء فيها من إحاطة أو زَرْع أو عمارة أو نحو ذلك تشبيها بإِحياء الميت .
( س ) ومنه حديث عمر وقيل سلمان [ أحْيوا ما بين العشاءَين ] أي اشْتَغلوا بالصلاة والعبادة والذكر ولا تعطلواه فتجعلوه كالميتة بعُطْلَته . وقيل أراد لا تناموا فيه خَوفا من فَوات صلاة العشاء لأن النَّوم موت واليَقَظة حياة وإحياءُ الليل : السهرُ فيه بالعبادة وترك النوم . ومرجع الصِّفة إلى صاحب الليل وهو من باب قوله ( هو أبو كبير الهذلي . ( ديوان الهذليين 2 / 92 ) والرواية هناك : ... فأتتْ به حُوشَ الْجَنانِ مُبَطَّناً ... ) : .
فأتَتْ به حُوشَ الفُؤادِ مُبَطَّناً ... سُهُداً إذا ما نامَ لَيْلُ الهوْجَلِ .
أي نام فيه ويريد بالعشاءين المغرب والعشاءَ فَغلَّب .
( س ) وفيه [ أنه كان يصلي العصر والشمسُ حَيَّة ] أي صافية اللون لم يدخلها التغير بدُنوّ المغيب كأنه جعل مغيبها لها مَوْتاً وأراد تقديم وقتها .
( س ) وفيه [ إن الملائكة قالت لآدم عليه السلام : حَيَّاك اللّه وبَيَّاك ] معنى حَيَّاك : أبْقَاك من الحياة . وقيل : هو من اسْتقبال الْمُحَيَّا وهو الوَجْه . وقيل مَلَّكك وفَرَّحَك . وقيل سَلَّم عليك وهو من التَّحيَّة : السلام .
( ه ) ومنه حديث [ تَحِيَّات الصلاة ] وهي تَفْعِلة من الحياة . وقد ذكرناها في حرف التاء لأجْل لفظها .
( ه ) وفي حديث الاسْتِسْقاء [ اللهم اسْقِنا غَيْثاً مُغيثاً وحَياً ربيعاً ] الحيا مقصورٌ : المطر لإحْيَائه الأرضَ . وقيل الخِصْب وما يَحْيا به الناس .
- ومنه حديث القيامة [ يُصَبُّ عليهم ماءُ الحَيَا ] هكذا جاء في بعض الروايات . والمشهور يُصَبُّ عليهم ماءُ الحيَاةِ .
- ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه [ لا آكلُ السَّمِين حتى يحيا الناس من أوّل ما يَحْيَوْن ] أي حتى يُمْطَروا ويُخْصِبوا فإِن المطر سبب الخِصب . ويجوز أن يكون من الحياة لأن الخِصب سبب الحياة .
( ه س ) وفيه [ أنه كَرِه من الشَّاة سَبْعاً : الدَّمَ والمَرَارَةَ والحيَاءَ والغُدَّةَ والذَّكَرَ والأُنْثَيَيْن والمثانَة ] الحياء ممدود : الفَرْج من ذوات الخفّ والظِّلْف . وجمعه أحْيِيَة .
( ه ) وفي حديث البُرَاق [ فَدَنَوْتُ منه لأركَبه فأنْكَرني فَتَحيَّا مِني ] أي انْقَبَض وانْزَوَى ولا يخلوا إما أن يكون مأخوذا من الحياء على طريق التمثيل لأن من شأن الحيِّ أن ينقبض أو يكون أصله تَحَوَّى : أي تَجَمَّع فقلب واوه ياء أو يكون تَفَيْعَل من الحيّ وهو الجمع كتَحَيَّزَ من الحَوزِ .
( ه ) وفي حديث الأذان [ حيَّ على الصلاة حَيَّ على الفلاح ] أي هَلُمُّوا إليهما وأقبلوا وتَعَالَوا مَسْرِعِين .
( ه ) ومنه حديث ابن مسعود [ إذا ذُكر الصَّالحُون فَحَيّ هَلاً بعُمَرَ ] أي ابْدَأْ به واعْجَل بِذِكْرِه وهما كلمتان جُعلتا كلمة واحدة . وفيها لغات . وهَلاً حَثٌّ واسْتِعْجَال .
( ه ) وفي حديث ابن عمير [ إن الرجُل لَيُسأل عن كل شيء حتَّى عن حَيَّةِ أهْلِه ] أي عن كل نفْس حَيّة في بيته كالهِرَّة وغيرها