الأَوّلُ غروبُ الشَّمْسِ . والثَّانِي : الدِّلاءُ العَظِيمَةُ . والثَالِثُ : الوَهْدَةُ المُنْخَفِضَةُ . فكمل بذلك ثَلاَثُونَ . ثم إِنّي وَجَدْتُ في شرح البَدِيعِيَّة لبَدِيع زَمَانِه عَلِيِّ بْنِ تاج الدِّين القلعيّ المَكّيّ رَحِمه اللهُ تَعالى قال ما نَصُّه في سَانْحَات دُمَى القَصْر للعَلاَّمَة دَرْوِيش أَفندي الطَّالُوِي رَحِمَه اللهُُ : كَتَب إِليّ الأَخ الفَاضِل دَاوود بْن عُبَيْد خَلِيفَة نَزِيل دِمَشْق عن بعض المدارس في لفظ مشترك الغرب طالِباً مِنّي أَنْ أَنْسُج على مِنْوَالِهَا وأَحذُوَ على أَمثالها وهي : .
لقد ضَاءَ وجهُ الكَوْنِ وانْسلَّ غَرْبُهُ ... فَلَمْ يَدْرِ أَيْمَا شرقُه ثم غَرْبُهُ .
وسائِل وَصْلٍ منه لَمَّا رأَى الجَفَا ... بما قَدْ جَرَى من بعده سَالَ غَرْبُهُ .
يَمُرُّ عليه الحَتْفُ في كُلِّ ساعَةٍ ... ولكنْ بِحُجِبِ السُّقْم يُمْنَعُ غَرْبُهُ .
تَدَلَّى إِليه عندما لاَح فَقْدُه ... بثَغْرٍ شَنِيبٍ قد رَوَى الغلَّ غربُهُ فكتبتُ إِليه هَذِه الأَبياتِ العربية التي هي لا شَرْقِيَّة ولا غَرْبيَّة وهي : .
أَمِنْ رَسْم دَارٍ كاد يُشْجِيك غَربُهُ ... نَزَحْتَ ركيّ الدَّمْع إِذْ سَالَ غَرْبُهُ عرق الجبين .
عفا آيَةُ نَشْرُ الجَنُوبِ مَعَ الصَّبَا ... وكُلُّ هَزِيم الوَدْقِ قد سَال غَرْبُه الدلو .
به النَّوْء عَفَّى سطْرَه فكأَنَّه ... هِلالٌ خِلاَ الدَارِ يَجْلوه غَرْبُهُ محل الغروب .
وقَفْتُ به صَحْبِي أُسائِلُ رَسْمه ... على مِثْلِها والجَفْنُ يَذْرِف غَرْبُهُ الدمع .
على طَلَلٍ يَحْكِي وُقُوفاً برَسْمِه ... بحاجة صَبٍّ طالَ بالدَّارِ غَرْبُهُ التمادي .
أَقُولُ وقد أَرْسَى العَنَا بعِراصِه ... وأَتْرفَ أَهليه البِعادُ وغرْبُهُ النوم .
سَقَى ربعَك المعهودَ رَيْعَانُ عارضٍ ... يَسُحُّ على سُحْم الأَثَافِيّ غَربُهُ الراوية .
وليل كيوْمِ البَيْن مُلْقٍ رِوَاقَه ... عليَّ وقد حَلَّى الكواكبَ غربُهُ أَول الشيء .
أُراعِي به زُهْرَ النُّجُوم سَوابحاً ... ببَحْرٍ من الظَّلماءِ قد جَاشَ غَرْبُهُ أَعلى الماء .
يُرَاقِب طَرْفي السَّابِحَاتِ كأَنَّما ... لِطُولِ دَوَامٍ نيطَ بالشُّهْب غُرْبُهُ مُقْدِم العين .
كأَنَّ جَنَاحَيْ نَسْرِه حُصَّ مِنهما ... قَوَادِمُ حتى ما يُزايِل غَرْبُهُ التنحّي .
ذكرْتُ به لُقْيَا الحَبِيبِ وبَيْنَنَا ... أَهاضِيبُ أَعلامِ الحِجَاز وغَرْبُهُ شجر .
فهَاجَ لِيَ التَّذْكَارُ نَارَ صَبَابَةٍ ... لها الجَفْنُ أَضْحَى سائِلَ الدَّمْع غَرْبُه المبل .
إِلى أَنْ نَضَا كَفُّ الصباح سِلاحَه ... وأُغْمِد من سَيْفِ المَجَرَّةِ غربُهُ الحد .
وولّت نجومُ اللَّيْل صَرْعَى كأَنَّما ... أُرِيقَ عليهَا من فَم الكأْسِ غَربُهُ فيض .
وأَقبلَ جيشُ الصُّبْح يُغْمِد سيفَه ... بنَحْرِ الدُّجَى والليلُ يركُضَ غربُهُ فرس يجري .
وزَمْزم فوق الأَيْكِ قُمْرِيُّ بانَةٍ ... بروضٍ كَفَاه عن نَدَى السُّحْب غَربُهُ يوم السَّقْي .
فهَبَّ يُدِيرُ الرَاحَ بدرٌ يَزْينُه ... إِذَا قامَ يجلُوه على الشّرب غَربُهُ النشاط .
من الرِّيم خُوطِيّ القَوَامِ بثَغْرِه ... وسَلْسَال راحٍ يُبْرِئُ السُّقْمَ غَربُهُ سيلان الريق .
بِخَدٍّ أَسِيلٍ يَجْرَحُ اللُّبَّ خَدُّه ... وطَرْفٍ كَحِيل ينفُثُ السِّحْرَ غَرْبُهُ مُؤْخِر العين .
يُرِيكَ شَبِيهَ الدُّرِّ منه مُنْضَّداً ... كمَنْطِق داوُودٍ إِذا صَالَ غَرْبُهُ اللسان .
فتىً قد كَسَاه الفضلُ ثَوْبَ مَهَابَةٍ ... لها خَصْمُه قد نَسَّ بالفَم غَرْبُهُ الريق .
إِلَيْكَ أَتَتْ تَفْلِي الفَلاَ بَدَوِيَّةٌ ... ولم يُنضِهَا طُولُ المَسِير وغَرْبُهُ البعد