فوافى بها عسفان ثم أتى بها * مجنة تصفو في القلال ولا تغلى قال ابن جنى يحتمل كونها مفعلة من الجنون كأنها سميت بذلك لشئ يتصل بالجن أو بالجنة أعنى البستان أو ما هذه سبيله وكونها فعلة من مجن يمجن كأنها سميت لان ضربا من المجون كان بها هذا ما توجبه صنعة علم العرب قال فأمالا أي الامرين وفعت التسمية فذاك أمر طريقه الخبر ( و ) المجنة ( الجنون ) نقله الجوهرى ( والجان ) أبو الجن والجمع جنان مثل حائط وحيطان كذا في الصحاح * قلت وهو قول الحسن كما آدم أبو البشر كما في قوله تعالى والجان خلقناه من قبل من نار السموم وفى التهذيب الجان من الجن قاله أبو عمرو أو الجمع جنان وفى المحكم الجان ( اسم جمع للجن ) كالجامل والباقر ومنه قوله تعالى لم يطمثهن انس قبلهم ولا جان وقرأ عمرو بن عبيد لا يسئل عن ذنبه انس ولا جأن بتحريك الالف وقلبها همزة وهذا على قراءة أيوب السختيانى ولا الضألين وعلى ما حكاه أبو زيد عن ابن الاصبغ وغيره شأبة ومأدة على ما قاله ابن جنى في كتاب المحتسب قال الزجاج C تعالى ويروى أن خلقا يقال لهم الجان كانوا في الارض فافسدوا فيها وسفكوا الدماء فبعث الله تعالى ملائكة أجلتهم من الارض وقيل ان هؤلاء الملائكة صاروا سكان الارض بعدهم فقالوا يا ربنا أتجعل فيها من يفسد فيها ( و ) قوله تعالى كأنها جان قال الليث ( حية ) بيضاء وقال أبو عمرو الجان حية وجمعها جوان وقال الزجاج يعنى أن العصا تحركت حركة خفيفة وكانت في صورة ثعبان وهو العظيم من الحيات وفى المحكم الجان ضرب من الحيات ( أكحل العين ) يضرب الى الصفرة ( لا تؤذى ) وهى ( كثيرة في الدور ) والجمع جنان قال الخطفى جد جرير يصف ابلا أعناق جنان وهاما رجفا * وعنقا بعد الرسيم خيطفا .
( والجن بالكسر ) خلاف الانس والواحد جنى يقال سميت بذلك لانها تتقى ولا ترى كما في الصحاح وكانوا في الجاهلية يسمون ( الملائكة ) عليهم السلام جنا لاستتارهم عن العيون قال الاعشى يذكر سليمان عليه السلام وسخر من جن الملائك تسعة * قياما لديه يعملون محاربا وقد قيل في الا ابليس كان من الجن انه عنى الملائكة وقال الزمخشري C تعالى جنى الملائكة والجن واحد لكن من خبث من الجن وتمرد شيطان ومن تطهر منهم ملك قال سعدى چلبى وفسر الجن بالملائكة في قوله تعالى وجعلو الله شركاء الجن وقال الراغب C تعالى الجن يقال على وجهين أحدهما للروحانيين المستترة عن الحواس كلها بازاء الانس فعلى هذا تدخل فيه الملائكة كلها جن وقيل بل الجن بعض الروحانيين وذلك ان الروحانيين ثلاثة أخيار وهم الملائكة وأشرار وهم الشياطين وأوساط فيهم أخيار وأشرار وهم الجن ويدل على ذلك قل أوحى الى أنه استمع نفر من الجن الى قوله تعالى ومنا القاسطون قال شيخنا C تعالى وقال بعضهم تفسير المصنف الجن بالملائكة مردود إذ خلق الملائكة من نور لا من نار كالجن والملائكة معصومون ولا يتناسلون ولا يتصفون بذكورة وأنوثة بخلاف الجن ولهذا قال الجماهير الاستثناء في قوله تعالى الا ابليس منقطع أو متصل لكونه كان مغمورا فيهم متخلقا باخلاقهم وقيل غير ذلك مما هو مذكور في شرح البخاري أثناء بدء الخلق وفى أكثر التفاسير والله أعلم * قلت وقال الزجاج في سياق الآية دليل على انه أمر بالسجود مع الملائكة وأكثر ما جاء في التفسير أنه من غير الملائكة وقد ذكر الله تعالى ذلك فقال كان من الجن وقيل أيضا انه من الجن بمنزلة آدم من الانس وقيل ان الجن ضرب من الملائكة كانوا خزان الارض أو الجنان فان قيل كيف استثنى مع ذكر الملائكة فقال فسجدوا الا ابليس وليس منهم فالجواب انه أمر معهم بالسجود فاستثنى أنه لم يسجد والدليل على ذلك أنك تقول أمرت عبدى واخوتي فأطاعوني الا عبدى وكذلك قوله تعالى فانهم عدو لى الا رب العالمين فان رب العالمين ليس من الاول لا يقدر أحد أن يعرف من معنى الكلام غير هذا ( كالجنة ) بالكسر أيضا ومنه قوله تعالى ولقد علمت الجنة انهم لمحضرون الجنة هنا الملائكة عبدهم قوم من العرب وقال الفراء في قوله تعالى وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا يقال هم هنا الملائكة إذ قالوا الملائكة بنات الله ( و ) من المجاز الجن ( من الشباب وغيره ) المرح ( أوله وحد ثانه ) وقيل جدته ونشاطه يقال كان ذلك في جن شبابه أي في أول شبابه وفى الاساس لقيته بجن نشاطه كأن ثم جنا تسول له النزعات اه وتقول افعل ذلك الامر بجن ذلك وبحد ثانه قال المتنخل أروى بجن العهد سلمى ولا * ينصبك عهد الملق الحول يريد الغيث الذى ذكره قبل هذا البيت يقول سقى هذا الغيث سلمى بحدثان نزوله من السحاب قبل تغيره ثم نهى نفسه أن ينصبه حب من هو ملق كما في الصحاح وأما قول الشاعر لا ينفخ التقريب منه الابهرا * إذا عرته جنة وأبطرا فيجوز أن يكون جنون مرحه وقد يكون الجن هذا النوع المستتر من العالم ( و ) من المجاز الجن ( من النبت زهره ونوره وقد جنت الارض بالضم وتجننت جنونا ) أخرجت زهرها ونورها وقال الفراء جنت الارض جاءت بشئ معجب من النبت وفى الصحاح جن النبت جنونا طال والتف وخرج زهره وفى المحكم جن النبت غلظ واكتمل وقال بعض الهذليين ألما يسلم الجيران منهم * وقد جن العضاه من العميم ( و ) من المجاز ( نخلة مجنونة ) أي سحوق ( طويلة ) والجمع المجانين وأنشد الجوهرى * تنفض ما في السحق المجانين * وقال ابن