الكل بالضم : اسم لجميع الأجزاء ونص المحكم : يجمع الأجزاء يقال : كلهم منطلق وكلهن منطلقة للذكر والأنثى وفي العباب والصحاح : كل لفظه واحد ومعناه الجمع فعلى هذا تقول : كل حضر وكل حضروا على اللفظ مرة وعلى المعنى أخرى قال الله تعالى : " قل كل يعمل على شاكلته " وقال جل وعز : " كل له قانتون " أو يقال : كل رجل وكلة امرأة قال شيخنا : أنكره المحققون وقالوا : إنه وقع في كلام بعضهم ازدواجا فلا يثبت لغة وكلهن منطلق وكلتهن منطلقة وهذه حكاها سيبويه وقال أبو بكر بن السيرافي : إنما الكل عبارة عن أجزاء الشيء فكما جاز أن يضاف الجزء إلى الجملة جاز أن تضاف الأجزاء كلها إليه فأما قوله تعالى : " وكل أتوه داخرين " " وكل له قانتون " فمحمول على المعنى دون اللفظ وكأنه إنما حمل عليه هنا لأن كلا فيه غير مضافة فلما لم تضف إلى جماعة عوض من ذلك ذكر الجماعة في الخبر ألا ترى أنه لو قال : له قانت لم يكن فيه لفظ الجمع البتة ولما قال سبحانه : " وكلهم آتيه يوم القيامة فردا " - فجاء بلفظ الجماعة مضافا إليها - استغنى عن ذكر الجماعة في الخبر . وفي التهذيب : قال أبو الهيثم فيما أفادني عنه المنذري : تقع كل على اسم منكور موحد فتؤدي معنى الجماعة كقولهم : ما كل بيضاء شحمة ولا كل سوداء تمرة وسئل أحمد بن يحيى عن قوله تعالى : " فسجد الملائكة كلهم أجمعون " وعن توكيده بكلهم ثم بأجمعون فقال : لما كانت كلهم تحتمل شيئين تكون مرة اسما ومرة توكيدا جاء بالتوكيد الذي لا يكون إلا توكيدا حسب وسئل المبرد عنها فقال : جاء بقوله كلهم لإحاطة الأجزاء فقيل له : فأجمعون ؟ فقال : لو جاءت كلهم لاحتمل أن يكون سجدوا كلهم في أوقات مختلفات فجاءت أجمعون لتدل أن السجود كان منهم كلهم في وقت واحد فدخلت كلهم للإحاطة ودخلت أجمعون لسرعة الطاعة . قلت : وللشيخ تقي الدين بن السبكي رسالة مستقلة في : مباحث كل وما عليه يدل . وهي عندي وحاصل ما ذكر فيها ما نصه : لفظة كل إذا لم تقع تابعة فإما أضن تضاف لفظا وإما أن تجرد وإذا أضيفت فإما إلى نكرة وإما إلى معرفة . القسم الأول : أن تضاف إلى نكرة فيتعين اعتبار المعنى فيما لها من ضمير وغيره والمراد باعتبار المعنى أن يكون على حسب المضاف إليه إن كان مفردا فمفرد وإن كان مثنى فمثنى وإن كان جمعا فجمع وإن كان مذكرا فمذكر وإن كان مؤنثا فمؤنث ثم أورد لذلك شواهد من كلام الشعراء . والقسم الثاني : أن تضاف لفظا إلى معرفة فقد كثر إضافته إلى ضمير الجمع والخبر عنه مفرد كقوله تعالى : " وكلهم آتيه يوم القيامة فردا " ونقل عن شيخه أبي حيان قال : ولا يكاد يوجد في لسان العرب : كلهم يقومون ولا كلهن قائمات وإن كان موجودا في تمثيل كثير من النحاة ونقل عن ابن السراج أن كلا لا يقع على واحد في معنى الجمع إلا وذلك الواحد نكرة وهذا يقتضي امتناع إضافة كل إلى المفرد المعرف بالألف واللام التي يراد بها العموم . والقسم الثالث : أن تجرد عن الإضافة لفظا فيجوز الوجهان قال تعالى : " وكل أتوه داخرين " " وكل في فلك يسبحون " وقال ابن مالك وغيره من النحاة هنا : إن الإفراد على اللفظ والجمع على المعنى وهذا يدل على أنهم قدروا المضاف إليه المحذوف في الموضعين جمعا فتارة روعي كما