قالَ بعضُهُم : أَرادَ الوَقَاحَةَ وقيلَ : أَرادَ أَنَّهُ كانَ أَسْوَدَ الوَجْهِ . والعَرَبُ تَقُولُ : ليسَ شَيْءٌ أَظَلَّ مِنْ حَجَرٍ ولا أَدْفَأَ مِنْ شَجَرٍ ولا أَشَدَّ سَواداً مِنْ ظِلٍّ وكُلَّما كانَ أَرْفَعَ سَمْكاً كانَ مَسْقَطُ الشَّمْسِ أَبْعَدَ وكُلَّما كانَ أَكْثَرَ عَرْضاً وأَشَدَّ اكْتِنازاً كانَ أَشَدَّ لِسِوَادِ ظِلِّهِ . وأَظَلَّتْنِي الشَّجَرَةُ وغيرُها ومنهُ الحديثُ : ما أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ ولاَ أَقَلَّتْ الْغَبْرَاءُ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْ أَبِي ذَرٍّ . واسْتَظَلَّ بها : اسْتَذْرَى . ويُقالُ : للمَيِّتِ : قد ضَحَى ظِلُّهُ . وعَرْشٌ مُظَلَّلٌ مِنَ الظِّلِّ . وفي الْمَثَلِ : لَكِنْ عَلى الأَثَلاتِ لَحْمٌ لا يُظَلَّلُ . قالَهُ بَيْهَسٌ في إِخْوَتِهِ المَقْتُولِينَ لَمَّا قالُوا : ظَلِّلُوا لَحْمَ جَزُورِكُم . نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ . وقولُهُ تَعالَى : " وظَلَّلْنَا عَلَيْكُم الْغَمَامَ " . قيل : سَخَّرَ اللهُ لهم السَّحابَ يُظِلُّهُم حَتى خَرَجُوا إلى الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ والاسْمُ الظَّلاَلَةُ بالفَتْحِ . وقولُهم : مَرَّ بِنا كَأَنَّهُ ظِلُّ ذِئْبٍ : أي سَرِيعاً كسُرْعَةِ الذِّئْبِ . والظُّلَلُ : بُيُوتُ السَّجْنِ . وبهِ فُسِّرَ قولُ الرَّاجِزِ : .
" وَيْحَكَ يا عَلْقَمَةُ بنَ ماعِزِ .
" هَلْ لَكَ في اللَّواقِحِ الْحَرائِزِ .
" وفي اتِّبَاعِ الظُّلَلِ الأَوَارِزِ وفي الحديثِ : الْجَنَّةُ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ . كِنَايّةً عن الدُّنُوِّ مِنَ الضِّرابِ في الْجِهَادِ حتى يَعْلُوَهُ السَّيْفُ ويَصِيرَ ظِلُّهُ عَلَيْهِ . وفي آخَرَ : السُّلْطَانُ ظِلُّ اللَّهِ في الأَرْضِ لأَنَّهُ يَدْفَعُ الأَذَى عن النَّاسِ كَما يَدْفَعُ الظِّلُّ أَذَى حَرِّ الشَّمْسِ . وقيلَ : مَعْناهُ سِتْرُ اللَّهِ . وقيلَ : خاصَّةُ اللَّهِ . وقَوْلُ عَنْتَرَةَ : .
ولقد أَبِيتُ عَلى الطَّوَى وأَظَلُّهُ ... حَتَّى أنالَ بهِ كَرِيمَ المَأْكَلِ أَرادَ : وأَظَلُّ عليه . نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ . ويُقالُ : انْتَعَلَتِ الْمَطَايَا ظَلالَها إِذا انْتَصَف النَّهارُ في القَيْظِ فلَمْ يَكُنْ لها ظِلُّ قالَ الرَّاجِزُ : .
" قد وَرَدَتْ تَمِشِي عَلى ظِلاَلِهَا .
" وذَابَتِ الشَّمْسُ عَلى قِلاَلِهَا وقال آخَرُ في مِثْلِهِ : .
" وانْتَعَلَ الظِّلَّ فَكانَ جَوْرَبَاً والمُظِلُّ : ماءٌ في دِيَارِ بَني أبي بَكْرِ ابنِ كِلاَبٍ . قالَهُ نَصْرٌ . والمُسْتَظِلُّ : لَحْمٌ رَقِيقٌ لازِقٌ بِبَاطِنِ المَنْسِمِ مِنَ البَعِيرِ . نَقَلَهُ الأَزْهَرِيُّ عن أَعْرَابِيٍّ مِنْ طَيِّءٍ قالَ : وليسَ في البَعِيرِ مُضْفَةٌ أَرَقُّ ولا أَنْعَمُ مِنْها غيرَ أَنَّهُ لا دَسَمَ فيه . وقالَ أبو عُبَيْدٍ في بابِ سُوءِ المُشارَكَةِ في اهْتِمامِ الرَّجُلِ بِشَأْنِ أَخِيهِ : قالَ أبو عُبَيْدَةَ : إِذا أرادَ المَشْكُوُّ إِلَيْهِ أَنَّهُ في نَحْوٍ مِمَّا فيه صَاحِبُهُ الشَّاكِي قالَ له : إِنْ يَدْمَ أَظَلُّكَ فقد نَقِبَ خُفِّي . يَقولُ : إِنَّهُ في مِثْلِ حالِكَ . والمِظَلَّةُ : ما تَسْتَظِلُّ بهِ المُلُوكُ عِنْدَ رُكُوبِهِم وهي بالْفَارِسِيَّة جتر . والظّلِّيلَةُ مُشَدَّدَةَ الَّلام : شَيْءٌ يَتَّخِذُهُ الإِنْسَانُ مِنْ شَجَرٍ أَوْ ثَوْبٍ يَسْتَتِرُ بِهِ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ عامِّيَّةٌ . وأَيْكَةٌ ظَلِيلَةٌ : مُلْتَفَّةٌ . وهذا مُناخِي ومَحَلِّي وبَيْتِي ومِظَلَّي . ورَأَيْتُ ظِلاَلَةً مِنَ الطَّيْرِ بالكسْرِ : أي غَيايَةً . وانْتَقَلْتُ عن ظِلِّي : أي هَجَّرْتُ عن حَالَتِي . وهو مَجازٌ كذا : هو يَتْبَعُ ظِلَّ نَفْسِهِ . وأَنْشَدَنا بَعْضُ الشُّيوخِ : .
مَثَلُ الرِّزْقِ الذي تَتْبَعُهُ ... مَثَلُ الظِّلِّ الذي يَمْشِي مَعَكْ .
أنتَ لا تُدْرِكُهُ مُتَّبِعاً ... فَإِذا وَلَّيْتَ عنهُ تَبِعَكْ