وقالَ أبو الهَيْثَم : الظِّلُّ كُلُّ ما لَمْ تَطَّلِعْ عليهِ الشَّمْسُ والفَيْءُ لا يُدْعَى فَيْئاً إِلاَّ بَعْدَ الزَّوالِ إِذا فاءَتِ الشِّمْسُ أي رَجَعتْ إلى الجانِبِ الغَرْبِيِّ فَما فَاءَتْ منهُ الشّمْسُ وَبَقِيَ ظِلاًّ فهو فَيْءٌ والفَيْءُ شَرْقِيٌّ والظِّلُّ غَرْبِيٌّ وإِنَّما يُدْعَى الظِّلُّ ظِلاًّ مِنْ أَوَّلِ النَّهارِ إِلى الزَّوالِ ثُمَّ يُدْعَى فَيْئاً بعدَ الزَّوالِ إِلى اللِّيْلِ وأَنْشَدَ : .
" فلا الظِّلَّ مِنْ بَرْدِ الضُّحَى تَسْتَطِيعُهُولا الفَيْءَ مِنْ بَرْدِ العَشِيِّ تَذُوقُ والظِّلُّ : الْجَنَّةُ قيلَ : ومِنْهُ قولُهُ تَعالى : " وما يَسْتَوِي الأَعْمَى والْبَصِيرُ ولا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ وَلاَ الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ " حَكَاهُ ثَعْلَب قالَ : والحَرُورُ : النَّارُ قالَ : وأَنا أَقُولُ : الظِّلُّ : الظِّلُّ بِعَيْنِهِ والحَرُورُ : الحَرُّ بِعَيْنِهِ . وقالَ الرَّاغِبُ : وقد يُقالُ ظِلٌّ لِكُلِّ شَيْءٍ ساتِرٍ مَحْمُوداً كان أو مَذْمُوماً فمِنَ المَحْمودِ قولُهُ عَزَّ وجَلَّ : " ولاَ الظِّلُّ ولاَ الحَرُورُ " ومن المَذْمُوم قولُهُ تَعالى : " وظَلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ " . والظِّلُّ أيضاً : الْخَيالُ مِنَ الْجِنِّ وغَيْرِهِ يُرَى وفي التَّهْذِيبِ : شِبْهُ الخَيالِ مِنَ الجِنِّ . والظِّلُّ أيضاً : فَرَسُ مَسْلَمَةَ بْنِ عبدِ الْمَلِكِ بنِ مَرْوانَ . ويُعَبَّرُ بالظِّلِّ عن الْعِزِّ والْمَنَعَةِ والرَّفاهِيَةِ ومنهُ قولُه تَعالى : " إِنَّ الْمُتَّقِينَ في ظِلاَلٍ وعُيُونٍ " أي في عِزَّةٍ ومَناعَةٍ وكذا قُولُه تَعالَى : " أُكُلُهَا دَائِمٌ وظِلُّهَا " وقولُه تَعالَى : " هُمْ وأَزْواجُهُمْ في ظِلاَلٍ " وأظَلَّنِي فُلانٌ : أي حَرَسَنِي وجَعَلَنِي في ظِلِّه أي عِزِّهِ ومَناعَتِهِ قالَهُ الرَّاغِبُ . والظِّلُّ : الزِّئْبِرُ عن ابنِ عَبَّادٍ . والظِّلُّ : اللَّيْلُ نَفْسُه وهو قَوْلُ المُنَجِّمِين زَعَمُوا ذلكَ قالُوا : وإِنَّما اسْوَدَّ جِدّاً لأَنَّهُ ظِلُّ كُرَةِ الأَرْضِ وبِقَدْرِ ما زادَ بَدَنُها في العِظَمِ ازْدَادَ سَوادُ ظِلِّها وقالَ أبو حَيَّانَ : وظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ ذَراهُ وسِتْرُهُ ولذلكَ سُمِّيَ اللَّيْلُ ظِلاًّ . أو ظِلُّ اللَّيْلِ : جُنْحُهُ وفي الصِّحاحِ والفَرْقِ لابنِ السِّيد : سَوادُهُ يُقالُ : أَتانا في ظِلِّ اللَّيْلِ قال ذُو الرُّمَّةِ .
" قد أَعْسِفُ النَّازِحَ المَجْهُولَ مَعْسِفُهُفي ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هامَهُ الْبُوم قالَ الجَوْهَرِيُّ : هو اسْتِعَارَةٌ لأَنَّ الظِّلَّ في الحقيقةِ إِنَّما هو ضَوْءُ شُعاعِ الشَّمْسِ دونَ الشُّعاعِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ضَوْءٌ فهو ظُلْمَةٌ وليسَ بِظِلٍّ . والظِّلُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ : شَخْصُهُ لِمَكانِ سَوادِهِ ومنهُ قَوْلُهم : لا يُفَارِقُ ظِلِّي ظِلَّكَ كَما يَقولونَ : لا يُفَارِقُ سَوادِي سَوادَكَ . وقالَ الرَّاغِبُ : قال بعضُ أهلِ اللُّغَةِ : يُقالُ لِلشَّخْصِ ظِلٌّ . قال : ويدُلُّ على ذلكَ قَوْلُ الشاعِرِ : .
" لَمَّا نَزَلْنا رَفَعْنَا ظِلَّ أَخْبِئَةٍ وقال : ليسَ يَنْصِبُونَ الظِّلَّ الذي هو الفَيْءُ إِنَّما يَنْصِبُونَ الأَخْبِئَةَ وقالَ آخَرُ : .
" تَتَبَّعُ أَفْياءَ الظِّلالِ عَشِيَّةً أي أَفْياءَ الشُّخُوصِ . وليسَ في هذا دَلالَةٌ فَإِنَّ قولَه : رَفَعْنا ظِلَّ أَخْبِئَةٍ معناه : رَفَعْنا الأَخْبِئَةَ فَرَفعْنا بهِ ظِلَّها فكأَنَّهُ رَفَعَ الظِّلَّ وقولُه : أَفْياءَ الظِّلالِ فالظِّلالُ عامٌّ والفَيْءُ خَاصٌّ ففيه إِضافَةُ الشَّيْءِ إلى جِنْسِهِ فتَأَمَّلْ أو ظِلُّ الشَّيْءِ : كِنُّهُ والظِّلُّ مِنَ الشَّبَابِ : أَوَّلُهُ هكذا في النُّسَخ والصَّوابُ على ما في نَوادِرِ أبي زَيْدٍ : يُقالُ : كانَ ذلكَ في ظِلِّ الشِّتَاءِ أي في أَوَّل ما جاءَ مِنَ الشِّتاءِ . والظِّلُّ مِنَ الْقَيْظِ : شِدَّتُهُ قالَ أبو زَيْدٍ : يُقالُ : فَعَلَ ذلكَ في ظِلِّ القَيْظِ أي في شِدَّةِ الحَرِّ وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ : .
" غَلَّسْتُهُ قبلَ القَطا وفُرَّطِهْ .
" في ظِلِّ أَجَّاجِ المَقِيظِ مُغْبِطِهْ