وشاعرِ قومٍ أُولِى بِغْضَةٍ ... قَمَعْتُ فَصارَوا لِئَاماً ذِلالاَ وقولُه تعالى : " ولَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ " : أي لم يَتَّخِذْ وَلِيَّاً يُعاوِنُهُ ويُحالِفُهُ لِذِلَّةٍ به وهو عَادَةُ الْعَرَبِ كانتْ تُحالِفُ بَعْضُها بعضاً يَلْتَمِسُون بذلك العِزَّ والمَنَعَةَ فَنَفَى ذلك جَلَّ ثَناؤُهُ .
وفي حديثِ ابنِ الزُّبَيْرِ : الذُلّ أَبْقَى لِلأَهْلِ والْمَالِ . تَأْوِيلُهُ أَنَّ الرجلَ إذا أصابَتْهُ خُطَّةُ ضَيْم يَنالُهُ فيها ذُلٌّ فصبَرَ عليها كان أَبْقَى له ولأهْلِهِ ورُبَّما كان ذلك سَبَباً لِهَلاكِهِ . وقوله تعالى : " سيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ " قيل : الذِّلَّةُ ما أُمِرُوا به مِنْ قَتْلِ أَنْفُسِهم وقيل : هي أَخْذُ الجِزْيَةِ قال الزَّجَّاجُ : الجِزْيَةُ لم تَقَعْ في الذينَ عَبَدُوا العِجْلَ لأنَّ الله تابَ عَليهم بقَتْلِهم أنْفُسَهُمْ . وقوله تعالى في صِفَةِ المُؤمنين : " أَذِلَّةٍ عَلى المُؤْمِنينَ أَعِزَّةٍ على الْكافِرِينَ " قالَ ابن الأَعْرابِيِّ : مَعْناهُ رُحَماءَ رَفِيقينَ على المؤمنين غِلاظٍ شِدادٍ عَلى الكافِرين . وقولُ الشاعرِ : .
لِيَهْنِئْ تُراثِي لاِمْرِئٍ غيرِ ذِلَّةٍ ... صَنَابِرُ أُحْدَانٌ لَهُنَّ حَفِيفُ أرادَ : غيرَ ذليلٍ أو غيرَ ذِي ذِلَّةٍ ورفَعَ صَنَابِر على البَدَلِ من تُراث . وأَذَلَّهُ هو إذْلاَلاً واسْتَذَلَّهُ مثل ذَلَّلَهُ سَواء ومنه الحديثُ : مَنْ فَارَقَ الْجَماعَةَ واسْتَذَلَّ الإمَارَةَ لَقِيَ اللهَ ولا وَجْهَ له عندَه . واسْتَذَلَّهُ : رآهُ ذَلِيلاً كما في المُحْكَمِ أو وَجَدَهُ كذلك كاسْتَحْمَدَهُ إذا وَجَدَهُ حَمِيداً . واسْتَذَلَّ الْبَعِيرَ الصَّعْبَ : نَزَعَ الْقُرادَ عنه لِيَسْتَلِذَ فَيَأْنَسَ به ويَذِلَّ وإِيَّاهُ عَنَى الحُطَيْئَةُ بِقَولِه : .
لَعَمْرُكَ ما قُرَادُ بَنِي قُرَيْعٍ ... إذا نُزِعَ القُرادُ بِمُسْتَطاعِ وأَذَلَّ الرَّجُلُ : صَارَ أَصْحابُهُ أَذِلاَّءَِ وأَذَلَّ فُلاناً : وَجَدَهُ ذَلِيلاً وقولهُم : ذُلٌّ ذَلِيلٌ : أي مُذِلٌّ أو مُبالَغَةٌ وأنشدَ سِيبَوَيْه لِكَعْبِ بن مالِكٍ : .
لقد لَقِيَتْ قُرَيْظَةُ ما سَآها ... وحَلَّ بِدَارِهِمْ ذُلّق ذَلِيلُ والذُّلُّ بالضَّمِّ ويُكْسَر : ضِدُّ الصُّعوبَةِ ذَلَّ يَذِلُّ ذُلاًّ فهو ذَلُولٌ يكونُ في الإِنْسانِ والدَّابَةِ قالَ : .
وما يَكُ مِن عُسْري ويُسْرِي فَإِنَّنِي ... ذَلُولٌ بِحَاجِ المُعْتَفِينَ أَرِيبُ عَلَّقَ ذَلُولاً بالباءِ لأنَّ فيه معنى رَفِيقٍ ورَؤُوفٍ .
ودابَّةٌ ذَلُولٌ الذَّكَرُ والأُنْثَى في ذلك سَواء وقد ذَلَّلْتُهُ وقال الرَّاغِبُ : ذَلَّتِ الدَّابَّةُ بعدَ شِماسٍ ذُلاًّ وهي ذَلُولٌ : ليست بصَعْبَةٍ جج : ذُلُلٌ بضَمَّتَيْنِ وأَذِلَّةٌ قال الشاعرُ : .
سَاقَيْتُهُ كَأْسَ الرَّدَى بِأَسِنَّةٍ ... ذُلُلٍ مُؤَلَّلَةِ الشِّفارِ حِدَادِ