جَهِلَه كسَمِعَه جَهْلاً وجَهالَةً : ضِدُّ عَلِمَهُ . وقال الحَرالِيّ : الجَهْلُ : التَّقدُّمُ في الأُمور المُنْبَهِمَةِ بِغَير عِلْمٍ . وقال الراغِبُ : الجَهْلُ علَى ثلاثَةِ أَضْرُبٍ : الأول : هو خُلُوُّ النَّفْسِ مِن العِلْم وهذا هو الأصلُ وقد جَعل ذلك بعضُ المُتكلِّمين معنًى مُقتضِياً للأفعال الخارِجةِ عن النِّظام كما جَعَل العِلْمَ معنًى مقتضياً للأفعال الجارِية علَى النِّظام . والثاني : اعتقادُ الشيء بخِلافِ ما هو عليه . والثالث : فِعْلُ الشيء بخلاف ما حَقه أن يُفْعَلَ سواءٌ اعتُقِد فيه اعتِقاداً صحيحاً أم فاسِداً كتارِكِ الصَّلاةِ عَمداً . وعلى ذلك قولُه تعالى : " أَتتخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ " فجَعل فِعلَ الهُزُؤِ جَهلاً . وقولُه تعالى : " فَتَبيّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوماً بِجَهَالَةٍ " . والجاهِلُ يُذْكَر تارَةً على سَبيلِ الذّمِّ وهو الأكثَرُ وتارَةً لا علَى سَبيلِه نحو : " يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ " أي مَن لا يَعرِفُ حالَهم . انتهى . قلت : والجَهْلُ عَلَى قِسمين : بَسِيطٍ ومُرَكَّب فالبَسِيطُ : عَدَمُ العِلْمِ عمّا مِن شأنِه أن يُعْلَمَ والمُركَّب : اعتِقادٌ جازمٌ غيرُ مُطابِقٍ للواقِع قاله ابنُ الكَمال . وقال العَضُد : أصحابُ الجَهلِ البَسِيطِ كالأَنْعام لفَقْدِهم ما به يمتازُ الإنسانُ عنها بل هم أَضَلُّ ؛ لتَوجُّهِها نحوَ كمالاتِها ويُعالَجُ بمُلازَمةِ العُلماء ليَظْهَر له نَقصُه عندَ مُحاوراتِهم . والجَهْلُ المُركَّبُ إن قَبِلَ العِلَاجَ فبمُلازَمَةِ الرياضاتِ ليَطْعَمَ لَذَّةَ اليَقِين ثم التَّنبيهِ على مُقَدِّمةٍ مُقَدِّمةٍ بالتَّدْريج . وقال شَمِرٌ : المعروفُ مِن كَلام العَرَب : جَهِلْتُ الشيء : إذا لم تَعْرِفْه تقول : مِثْلِي لا يَجْهَلُ مِثْلَك وأمّا قولُه تعالى : " إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ " فإنه مِن قولِك : جَهِلَ فُلانٌ رأْيَه . جَهِل علَيه : أظْهَر الجَهْلَ كتجَاهَلَ أَرَى مِن نَفسِه أنه جاهِلٌ . وهو جاهِلٌ وجَهُولٌ ج : جُهْلٌ بالضّمّ وبضمَّتين وكَرُكَّعٍ وجُهّالٌ كرُمّانٍ . وجهَلاءُ وهو جاهِلٌ مِنه : أي جاهِلٌ بِه غيرُ مُخْتَبِرٍ لحالِهِ . المَجْهَلَةُ كمَرْحَلَةٍ : ما يَحْمِلُكَ علَى الجَهْلِ من أَمْرٍ أو أرْضٍ أو خَصْلَةٍ ومنه الحديث : " الوَلَدُ مَبخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ " وفي رواية " مَجْهَلَة " . وجَهَّلَهُ تَجْهِيلاً : نَسَبه إليه وقال عُمر بنُ عبدِ العزيز : زَعَمَت المرأةُ الصالِحةُ خَوْلَةُ بنتُ حَكِيمٍ امرأةُ عُثمانَ بنِ مَظْعُونٍ رضي الله تعالى عنهما : أنّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم خرجَ ذاتَ يومٍ وهو مُحْتَضِنٌ أحدَ ابني ابنتِه وهو يقول : " واللّهِ إنّكُم لَتُجَبِّنُونَ وتُبَخِّلُونَ وتُجَهِّلُونَ وإنَّكُم لَمِنْ رَيْحانِ اللّهِ " أي يُوقِعُه الوَلَدُ في الجَهْلِ شُغْلاً به عن طَلَبِ العِلْم . وأَرْضٌ مَجْهَلٌ كمَقْعَدٍ لا أعلامَ فِيها لا يُهْتَدَى فيها إلّا بالآرامِ قال مُزاحِمٌ العُقَيلِيّ : .
غَدَتْ مِنْ عَلَيهِ بعدَما تَمَّ خِمْسُها ... تَصِلُّ وعَن قَيضٍ بِزَيْزاءَ مَجْهَلِ والجَمْعُ : مَجاهِلُ وهي خِلافُ المَعالِم . وقال الراغِبُ : المَجْهَلُ : الأَمرُ والأرضُ والخَصْلَةُ التي تَحْمِلُ الإنسانَ على الاعتقادِ بالشيء خِلافَ ما هو عليه . لا تُثَنَّى ولا تُجْمَعُ قال شيخُنا : بل ثَنَّوْهُ وجَمعُوهُ . وذكره عِياضٌ في خُطْبَةِ الشِّفاء وأقَرَّه شُرّاحُه وناهِيكَ به . واسْتَجْهَلَهُ : استَخَفَّهُ قال النابِغَةُ الذُّبْيانيّ : .
دَعاكَ الهَوَى واسْتَجْهَلَتْكَ المَنازِلُ ... وكيف تَصابى المَرْءِ والشَّيبُ شامِلُ وفي المَثَل : .
" نَزْوَ الفُرارِ اسْتَجْهَل الفُرارا