وكُلُّ ما أَلِفَ مِن الدَّوابِّ المَنازِلَ فَأَهْلِيٌِّ وما لم يَأْلَفْ : فوَحْشِيٌّ وقد ذُكِر ومنه الحديثُ : " نَهى عن أكل لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيِّةِ " . كذلك أَهلٌ ككَتِفٍ . قولُهم في الدُّعاءِ : مَرحَباً وأهْلاً : أي أَتَيتَ سَعَةً لا ضِيقاً وأَتيتَ أَهْلاً لا غُرَباءَ ولا أَجانِبَ فاسْتَأْنِسْ ولا تَشتَوْحشْ . وأَهَّلَ به تَأْهِيَلاً : قال له ذلك وكذلك : رَحَّبَ به . وقال الكِسائِيُّ والفَرَّاءُ : أَنِسَ به ووَدِقَ به : اسْتَأْنَسَ به . قال ابنُ بَرِّيّ : المُضارِع منه : آهَلُ به بفتح الهاء . أَهِلَ الرجُلُ كفَرِحَ : أَنِسَ . وهو أَهْلٌ لِكذا : أي مُستَوْجِبٌ له ومُسْتَحِقٌّ . ومنه قولُه تعالى : " هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ المَغْفِرَةِ " لِلواحِدِ والجَمِيع وأهَّلَهُ لذلك تَأْهِيلاً وآهَلَهُ بالمَدّ : رآه لَه أهْلاً ومُستَحِقّاً أو جَعله أهْلاً لذلك . واسْتَأْهَلَه : اسْتَوْجَبَه لُغَةٌ وإنكارُ الجَوْهَرِيّ لَها باطِلٌ . قال شيخُنا : قول المُصَنِّف : باطِلٌ هو الباطِلُ . وليس الجَوْهَرِيّ أوَّلَ مَن أنكره بل أنكره الجَماهِيرُ قبلَه وقالوا : إنه غيرُ فَصِيحٍ وضَعَّفه في الفَصِيح وأَقرَّه شُرَّاحُه وقالوا : هو وارِدٌ ولكنه دُونَ غيرِه في الفَصاحة وصَرَّح الحَرِيرِيُّ بأنه من الأوهام ولا سِيَّما والجَوهرِيّ التَزَم أن لا يذكُرَ إلاَّ ما صَحَّ عندَه فكيف يُثْبِثُ عليه ما لم يَصِحَّ عندَه فمِثْلُ هذا الكلامِ مِن خُرافاتِ المُصنِّف وعَدمِ قِيامِه بالإنصاف . انتهى . قلت : وهذا نكيرٌ بالِغٌ من شيخِنا على المصنِّف بما لا يستأهله فقد صرَّح الأزهريُّ والزَّمَخْشرِيّ وغيرُهما من أئمّة التحقيق بجَوْدَةِ هذه اللُّغة وتَبِعهم الصاغانِيُّ . قال في التهذيب : خَطَّأَ بعضُهم قولَ مَن يقول : فلانٌ يَسْتأْهِلُ أن يُكْرَمَ أو يُهانَ بمعنى يَسْتَحِقّ قال : ولا يكون الاستِئهالُ إلاَّ مِن الإهالَةِ قال : وأمّا أنا فلا أُنْكِره ولا أخَطِّئُ مَن قاله ؛ لأني سمعتُ أعرابِيّاً فصيحاً مِن بني أسَدٍ يقول لرَجُلٍ شَكَر عنده يَداً أولِيَها : تَسْتَأْهِلُ يا أبا حازِمٍ ما أُوليتَ وحضر ذلك جماعةٌ مِن الأعراب فما أنكرُوا قولَه قال : ويُحَقِّق ذلك قولُه تعالَى : " هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ " انتهى . قلتُ : وسمعتُ أيضاً هكذا مِن فُصحاء أعراب الصَّفْراء يقول واحِدٌ للآخَر : أنت تَسْتَأْهِلُ يا فُلانُ الخَيرَ وكذا سمعتُ أيضاً مِن فُصحاء أعراب اليَمن . قال ابن بَرِّيّ : ذكر أبو القاسم الزَّجَّاجِيّ في أَمالِيه لأبي الهَيثم خالِدٍ الكاتبِ يُخاطب إبراهيمَ بن المَهْدِيّ لمَّا بُويعَ له بالخِلافةِ : ٍ .
كُن أنتَ للرَّحْمَةِ مُستَأْهِلاً ... إن لم أُكْن مِنْكَ بمُسْتَأْهِلِ .
أليسَ مِن آفَةِ هذا الهَوَى ... بُكاءُ مَقْتُولٍ على قاتِلِ قال الزَّجّاجِيّ : مُسْتأهِل : ليس مِن فَصيحِ الكَلام وقولُ خالدٍ ليس بحُجّة لأنهُ مولَّد . اسْتَأهَلَ فُلانٌ : أخَذ الإِهالَةَ أو أكلها قال عمرو بن أَسْوَى مِن عَبْدِ القَيسْ : .
لا بَلْ كُلِي يا مَيَّ واسْتَأْهِلِي ... إنّ الذي أنْفَقْتِ مِن مالِيَهْ ويُقال : اسْتَأْهِلِي إهالتي وأحْسِنِي إيالتي . والإهَالَةُ : اسمٌ للشَّحْمِ والوَدَكِ أو ما أُذِيبَ مِنه أو من الزَّيْتِ وكُلِّ ما ائتُدِمَ بِه مِن الأدْهان كزبْدٍ وشَحْمٍ ودُهْنِ سِمْسِم . في المَثَلِ : سَرعانَ ذا إهالَةً ويروَى : وشَكْانَ ذُكِر في حَرفِ العَين في س - ر - ع وأشرنا إليه في - ش - ك أيضاً . وآلُ اللّهِ ورَسُولِه : أوْلِياؤُه وأنصارُه ومنه قولُ عبدِ المُطَّلِبِ جَدِّ النبي صلّى اللّه تعالَى عليه وسلَّم في قِصَّة الفيل : .
وانْصُر على آلِ الصَّلِي ... بِ وعابِدِيه اليَوْمَ آلَكْ وأصْله : أَهْلٌ قِيل : مَقْلُوبٌ مِنه وتَقدَّم قريباً في أول . وكانوا يُسمُّون القُرَاءَ أهْلَ اللّهِ . الإهالَةُ ككِتابَة : ع . قال ابنُ عَبّادٍ : يقولون : إنَّهُم لأَهْلُ أَهِلَةٍ كفَرِحةٍ : أي مالٍ والأَهْلُ : الحُلُولُ . أُهَيلٌ كزُبَيرٍ : ع نَقَله الصاغانيُّ .
وممّا يُستَدْرَكُ عليه :