وقال اللَّيثُ : فَلَّكْتُ الجَدْيَ وهو قَضِيبٌ يُدارُ على لِسانِه لِئلاّ يَرضَع قالَ الأَزْهَرِيّ : والصّوابُ في التَّفْلِيكِ ما قالَ أَبو عَمْرو . وكُلّ مستَدِيرٍ فَلْكَةٌ . والفُلْكُ بالضّمِّ : السَّفِينَةُ قال شَيخُنا : على الضّمِّ اقْتَصَر الجَماهِيرُ كالمُصَنِّفِ وقِيلَ : إِنّه يُقال : فُلُكٌ بضَمَّتَيْنِ أَيضًا وأَشارَ الرضي في شَرحِ الشافِيَةِ إِلى جوازِ أَنْ يَكونَ بضمَّتَيْنِ هو الأَصْلُ وأَن ضَمَّ الأَولِ وتَسكِينَ الثاني لَعَلَّه تَخْفِيفٌ منه كعُنق وأَطالَ في تَوْجِيهِه يُؤَنَّثُ ويُذَكَّرُ وهو للواحِدِ والجَمِيع قالَ تَعالَى : " في الفُلْكِ المَشْحُونِ " فذَكَّر الفُلْكَ وجاءَ بهِ مُوَحَّدا ويجوزُ أَنْ يُؤَنث واحِدُه كقوله تعالَى : " جاءَتْها ريحٌ عاصِفٌ " فأَنث وقال : " وتَرَى الفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ " فجَمَع وقالَ تَعالَى : " والفُلْكِ التي تَجْرِي في البَحْرِ " فأنَّثَ . ويحتمل جَمْعًا واحِداً وقال تَعالى : " حَتّى إِذا كُنْتُم في الفُلْكِ وجَرَيْنَ بِهم " فجَمَعَ وأَنث فكأَنّه يُذْهَبُ بها إِذا كانَتْ واحِدَةً إِلى المَركَبِ فيُذَكَّر وِإلى السَّفِينَةِ فيُؤَنَّث كما في الصِّحاحِ فإِن شِئْتَ جَعَلْتَه من بابِ جُنُب وإِنْ شِئْتَ منِ بابِ دِلاص وهِجانٍ وهذا الوَجْهُ الأخِيرُ هو مَذْهَبُ سيبَوَيْه أَعْني أَن تَكُونَ ضَمَّةُ الفاءِ من الواحِدِ بمَنْزِلَةِ ضَمَّةِ باءِ بُرد وخاءِ خُرج وضَمَّةُ الفاءِ في الجَمْعِ بمَنْزِلَة ضَمَّةِ حاءِ حُمْرٍ وصادِ صُفْر جَمْعِ أَحْمَرَ وأَصْفَرَ وِإلى هذا أَشارَ المُصَنِّفُ بقولِه : أَو الفُلْكُ التي هي جَمْعٌ تَكْسِيرٌ للفُلْكِ التي هي واحدٌ وهذا نَصّ الصِّحاحِ والعُبابِ قال ابنُ بَرّي هُنا : صوابُه للفُلْكِ الذي هو واحِدٌ قال سِيبَوَيْهِ : ولَيسَت كجُنُب التي هي ونص الصِّحاحِ والعُباب : الذي هُو واحِدٌ وجَمْعٌ وأَشْباهُه من الأَسْماءِ كالطِّفْل وغيره : قال شَيخُنا : وقد سُمِع من العَرَبِ فُلْكانِ مُثَنَّى فُلْك ولم يُسمَع جُنُبانِ مثنى جنب قالوا : وما لم يُثَنَّ ليسَ بجَمْعٍ بل مُشْتَرَكٌ وما ثُنِّي جَمْعٌ مقَدَّرُ التَّغْيِيرِ لا اسْمَ جَمْعٍ وِإن رَجَّحَه ابنُ مالِك في التَّسهيلِ ثم قالَ سِيبَوَيْه مُعَلِّلاً : لأَنّ فُعْلاً بالضَّمِّ وفَعَلاً بالتّحْريكِ يَشْتَرِكانِ في الإِطْلاقِ على الشّيءِ الواحِدِ كالعُرب والعَرَب والعُجْمِ والعَجَمِ والرهْبِ والرَّهَبِ قال شَيخُنا : كاشْتِراكِهِما في جَمْعِهما على أَفْعال وفي وُرُودِهِما مَصْدَرَيْنِ لكَثِير من الأَفْعالِ كبُخْلٍ وبَخَلٍ وسُقْمٍ وسَقَم ورُشْدٍ ورَشَد ولمّا جازَ أَنْ يُجْمَعَ فَعَلٌ بالتَّحْرِيكِ على فُعْلٍ بالضّمِّ كأَسَدٍ وأُسْدٍ جازَ أَنْ يُجْمَعَ فُعْلٌ على فُعْلٍ بالضَّمِّ فِيهما أَيضًا . قال ابنُ بَرِّيّ : إِذا جَعَلْتَ الفُلْكَ واحِدًا فهو مُذَكَّرٌ لا غيرُ وِإنْ جَعَلْتَه جَمْعًا فهو مُؤنَّثٌ لا غَيرُ وقد قِيلَ : إِنَّ الفُلْكَ يُؤَنَّثُ وِإن كانَ واحِدًا قال اللَّهُ تَعالَى : " قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُل زَوْجَين اثْنَين " . وقال ابنُ جِني في الشَّواذِّ : الفُلْكُ عِنْدنا اسمٌ مكَسَّرٌ وليسَ عِنْدَنا كما ذَهَبَ إِليه الفَرّاءُ فيهِ من أَنّه اسمٌ مُفْرَدٌ يقع على الواحِدِ والجَمِيعِ كالطّاغوتِ ونَحْوِه وِإذا كانَ جَمْعًا مُكَسَّرًا أَشبهَ الفِعْلَ من حيثُ كان التَّكْسِيرُ ضَربًا من التَّصَرُّفِ وأَصلُ التَّصَرّفِ للفعل أَلا ترى أَن ضرَبًا من الجمَعِ أَشبهَ الفعلَ فمُنِعَ من الصّرفِ وهو باب مَفاعِلَ ومَفاعِيل إِلى آخر ما قال قال شَيخُنا : واخْتَلَفوا فيه فقال بعضٌ إِنّه جمعٌ وقيل : اسمُ جَمْعٍ وبه جَزَم الأَخْفَشُ وقِيلَ : مشتَرَكٌ بينَ الواحِدِ والجَمعِ وهذا أَوْلَى من اعْتِبار سُكُونِ الواحِدِ غير سُكُون الجَمْعِ ؛ لأَنَّ السكونَ أَمْرٌ عَدَمِي كما قالَه عبدُ الحَكِيمِ في حَواشِي البَيضَاوِيِّ . وفَلَّكَ الرّجُلُ تَفْلِيكًا : لَجَّ في الأَمْر . وفَلَّكَت الكَلْبَةُ : أَجْعَلَتْ وحاضَتْ نقله الصاغاني . والفَلِكُ ككَتِفٍ : المُتَفَكِّكُ العِظامِ وقال ابنُ عَبّاد : هو الضَّعِيفُ المُتَخَلِّعُ العِظامِ المُستَرخِي