والتَّحْبِيكُ : التَّوْثيقُ عن شَمِرٍ ومنه حَبَّكْتُ العُقْدَةَ : إِذا وَثَّقْتَها كما في الأَساس . والتَّحْبِيكُ أيضاً : التَّخْطِيطُ يُقال : كِساءٌ مُحَبَّكٌ : إِذا كانَ مُخَطَّطاً كما في الأَساسِ . وفي صِفَةِ الدَّجّالِ : مُحَبَّك الشَّعَرِ : أي مُجَعَّدُه ويُروَى حُبُكُ الشَّعَرِ بضَمّتَين وهو بمَعْناه الأَخِيرَةُ عن ابنِ دُرَيْدٍ ونقَلَه الجَوْهرِيُّ أيضاً وفي المُصَنَّفِ لأبي عُبَيد في الحَدِيثِ المَرفُوعِ : رَأْسُه حُبُكٌ حُبُكٌ وقد تَقَدَّمَ .
ومما يُستَدْركُ عليه : الحِباكُ ككِتابٍ : أَنْ يُجْمَعَ خَشَبٌ كالحَظِيرَةِ ثُمَّ يشَدُّ في وَسَطِه بحَبل يَجْمَعُه قاله اللّيثُ . وقالَ الأزهرِيّ : الحِباكُ : الحَظِيرَةُ بقَصَباتٍ تُعَرَّضُ ثم تُشَدّ تَقُولُ : حُبِكَت الحَظِيرةُ بقَصَباتٍ كما تُحْبَكُ عُرُوسُ الكَرمِ بالحِبالِ . والحَبائِكُ : الطّرائِقُ في السَّماءِ ومنه قول عَمْرِو بنِ مُرًةَ رضي اللّهُ عنه يَمْدَح النبيَ صَلّى اللّهُ عليهِ وسَلَّم : .
لأصبَحْتَ خَيرَ النّاس نفْساً ووالِدا ... رَسُولَ مَلِيكِ النّاسِ فوقَ الحَبائِكِ يَعْني بها السَّماواتِ ؛ لأَنَّ فيها طُرُقَ النُّجُومِ .
وحَبَكَ عُروش الكَرمِ : قَطَعَها .
والحُبكُ أيضاً : طَرائقُ الجَبَلِ قال رُؤْبَةُ : .
" صَعَّدَكُم في بَيتِ نَجْمٍ مُنْسَمكْ .
" إِلى المَعالي طَوْدُ رَعْنٍ ذي حبُكْ وحِباكُ الثَّوْبِ : كِفافه عن الزَّمَخْشَرِيِّ . وحِباكُ اللِّبدِ : الخُيُوطُ السّودُ التي تُخاطُ بِها أَطْرافُه عن ابنِ عَبّادٍ . والحُبكَة بالضم : القارُورَةُ الضَّيِّقَة الفَمِ والجمع حُبَك . وحَبَك محركة : قريَةٌ بحَوْرانَ منها الحلاءُ عَلي بنُ زِيادَةَ بنِ عبدِ الرَحْمن هكذا ضَبَطَه ابنُ قاضِي شَهْبَة في الطَّبَقاتِ . وقُرِئ : " ذَاتِ الحِبِك " بكَسرَتَين وبكسرٍ وضَم وبالعَكسِ وصَرَّحُوا في الثاني أَنّه من تَداخُلِ اللُّغَتَين وفي الثّالِثِ أَنّه مُهْمَلٌ لم يُستَعْمَل ومثلُ هذا كان واجِبَ التَّنْبِيه أَشارَ له شيخُنا نَقْلاً عن الشِّهابِ في العِنايَةِ . قلتُ : وتَفْصِيلُ هذا في كتابِ الشَّواذِّ لابنِ جِنِّى قال : قراءة الحَسَنِ الحُبك بضَم فسُكُون ورُوى عنه الحِبِك بكسرتينِ وروى عنه الحِبك بكسر الحاءِ ووَقفِ الباءِ وكذلك قرأَ أَبو مالكٍ الغِفارِيّ وروى عنه الحِبُك بكسر الحاءِ وضَمِّ الباءِ وروى عنه الحَبَكُ بفَتْحَتَيْن وروى عنه الحُبُك بضَمَّتَينْ الوجه السّادس كقِراءةِ النّاسِ ورُوِى عن عِكْرِمَةَ وجهٌ سابعٌ وهو الحُبَك بضَم ففَتْحٍ جميعُه هو طَرائقُ الغَيم وأَثَرُ حُسنِ الصَّنْعةِ فيه وهو الحَبِيكُ في البيض ويُقالُ : حَبِيكَةُ الرَّمْلِ وحبائِكُ وكذلك أيضاً حُبُكُ الماءِ لطَرائِقِهِ وأَمّا الحُبكُ فمُخَفَّفٌ من الحُبُك وهو لُغَةُ بني تَمِيمٍ كرُسْلٍ وعُمْدٍ في رُسُلٍ وعُمُدٍ وأَما الحِبِك ففِعِل وذلك قَلِيلٌ منه إِبِلٌ وِإطِلٌ وامرأَةٌ بِلِزٌ : أي ضَخْمَةٌ وبأَسْنانِه حِبِرٌ وأَما الحِبكُ فمُخَفَّفٌ منه كإِطْلٍ وِإبْل وأَمّا الحِبُك بكسرٍ فضم فأَحْسَبه سَهْواً وذلك أَنَّه ليسَ في كلامِهِم فِعُلٌ أَصلاً بكسر الفاءِ وضَمِّ العَيْنِ وهو المثالُ الثاني عَشَرَ من تركِيبِ الثُّلاثيِّ فإِنّه ليسَ في اسمٍ ولا فِعْلٍ أَصْلاً أَلْبتَّةَ ولعلَّ الذي قرأَ به تَداخَلَتْ عليه القراءَتانِ بالكسر والضَّمِّ فكأَنَّه كسرَ الحاءَ يريدُ الحِبِكَ فأَدرَكَه ضَمُّ الباءِ على صُورة الحُبُك فجمع بين أَوّلِ اللفظةِ على هذه القِراءةِ وبين آخِرِها على القِرَاءةِ الأخْرَى وأَمّا الحَبَكُ فكأَنّ واحِدتَهَا حَبَكَةٌ كطَرَقَةٍ وطَرَقٍ وعَقَبَة وعَقَب وأَمّا الحُبَك فعَلَى حُبكَة وحُبَكٍ كطُرفَةٍ وطُرَفٍ وبُرقَةٍ وبُرَقٍ ولا يَجُوزُ أَن يكونَ حُبَك مَعْدُولاً إِليها عن حُبُكٍ تَخْفِيفاً إِنما ذلِكَ شَيءٌ يُستَسهَلُ به في المُضاعَفِ خاصَّةً كقَوْلِهِم في جُدُدٍ : جُدَدٌ وفي سُرُرٍ سُرَر وفي قلُل قُلَل . انتهى وبذلك تَعْلَمُ ما في كلامِ شيخِنا من التَّساهُلِ وما في عِبارةِ المُصَنِّفِ من القُصور الزّائد فتأَمّلْ والله أَعلم .
ح ب ت ك