وقالَ أَبو حَنِيفَةَ : زعمَ بعضُ الرواةِ أَنّ الزَّعفْرانَ يُقالُ لهُ : الرَّيْهُقانُ ولم أَجِدْ ذلِكَ مَعْرُوفاً . قُلْتُ : ولا عِبْرَةَ إِلى إِنْكاره هذا فقد أَثْبَتَه غَيْرُ واحِدٍ من الأئِمَّةِ . ويُقال : القَوْمُ رُهاقُ مائَةٍ كغُرابٍ وكِتاب أي : زُهاؤُها ومِقْدارُها حكاهُ ابنُ السِّكِّيتِ عن ابْن دُرَيدٍ . وأَرْهَقَه طُغْياناً أي : أَغشاهُ إِيّاهُ وأَلْحَق ذلِك به يُقال : أرْهَقَنِي فُلانٌ إِثْماً حَتَّى رَهِقْتُه أي : حَمَّلَنِي إِثْماً حَتّى حَمَلْتُه وقالَ أَبو خِراشٍ الهُذَلِي : .
ولَوْلا نَحْنُ أَرْهَقَهُ صُهَيْبٌ ... حُسامَ الحَدِّ مَطْرُورًا خَشِيبَا أَي : أَغْشاهُ إِيّاه . وقالَ أبُو زَيْد : أرْهَقَه عُسْرًا أَي : كَلَّفَه إِياهُ ومنه قولُه تَعالى : " ولا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً " وقيلَ : معناهُ لا تُغْشِنِي شَيئاً . ومن المَجازِ : أَرْهَقَ الصَّلاةَ : إِذا أَخَّرَها حَتّى كادَتْ أنْ تَدْنو من الأُخرَى عن الأَصْمَعِيِّ ومنه حَدِيث ابنِ عُمَرَ : " وقد أَرْهَقْنا الصُّلاةَ ونَحن نَتَوَضَّأُ فقالَ : وَيْلٌ للأعْقابِ من النّارِ " . وأرْهَقْتُه أَنْ يُصَلِّيَ أَي : أَعجَلتُه عَنْها ويُقال : لا تُرْهِقْني لا أرْهَقَكَ اللّهُ أَي : لا تُعْسِرْنِي لا أَعْسَرَكَ اللهُ وهي تَتِمَّةٌ لقَوْلِ أَبِى زَيْدٍ السابِقِ .
والمُرْهَقُ كمُكْرَم : مَنْ أدْرِكَ زادَ الصاغانِيُّ : ليُقْتَلَ وأَنشدَ : .
ومُرْهَقٍ سالَ إمْتاعاً بأُصدَتِه ... لَمْ يَسْتَعِنْ وحَوامِي المَوْتِ تَغْشاهُ .
فَرَّجْتُ عنه بِصَرْعَيْنَا لأَرْمَلَةٍ ... أَو بائِسٍ جاءَ مَعْناهُ كمَعْناهُ قالَ ابنُ بَرِّي : أنْشَدَه أَبو عَلِيّ الباهِلِيُّ غَيْثُ بن عَبْدِ الكَرِيم لبَعْض العَرَب يَصِفُ رَجُلاً شَرِيفاً ارْتُثَّ في بَعْضِ المَعارِكِ فسَألَهُم أَن يُمتِعُوهُ بأُصْدَتِه وهِيَ ثَوْبٌ صَغيرٌ يُلْبَسُ تحْتَ الثِّياب أي : لا يُسْلَبُ وقوله : لَمْ يَسْتَعِنْ أَي : لم يَحْلِقْ عانَتَه وهو في حالِ المَوْتِ والصَّرْعانِ : الإِبِلان تَرِدُ إحْداهُما حِينَ تَصْدُرُ الأُخرىَ لكَثْرَتِها يَقُولُ : افتَدَيْته بصَرْعَيْن من الإبلِ فأَعْتَقْتُه بِهما وإِنّما أعْدَدْتُهما للأرامِلِ والأَيْتام أفْدِيهِم بهِما . قُلْتُ : ورَوَى أَبو عُمَرَ في اليَواقِيتِ صَدْرَ البَيْتِ الأَول : .
" مثل البِرام غَدا في أُصْدَةٍ خَلَقٍ وقد مَرَّ الإيماءُ إِلى ذلك في " ص ر ع " أَيضاً وقالَ الكُميْتُ : .
تَنْدَى أَكفهمُ وفي أَبْياتِهِم ... ثِقَةُ المُجاوِرِ والمُضافِ المُرْهَقِ والمُرَهَّقٌ كمُعَظَّم : هو المَوْصُوفُ بالرَّهَقِ مُحَرَّكَةً وهو الجَهْلُ والخِفَّةُ في العَقْل قاله اللَّيْثُ وأَنشَدَ : .
إِنّ في شُكْرِ صالِحِينا لَمَا يَدْ ... حَضُ قَوْلَ المُرَهّقِ المَوْصُومِ وقِيلَ : المُرَهَّقُ : مَن يُظَن به السُّوءُ أَو يُتَّهَم ويُؤَبَّنُ بشَرٍّ أَوْسَفَه ومنه الحَدِيثُ : " أَنَّهُ صَلَّى على امْرَأَة كانَتْ تُرَهَّقُ " .
والمُرَهَّقُ : مَنْ يَغْشاهُ الناسُ كَثِيراً وتَنْزِلُ به الأَضيافُ قالَ زُهَيْرٌ يَمْدَحُ هَرِمَ بنَ سِنان : .
ومُرَهَّقُ النِّيرانِ يُطْعِمُ في ال ... لأْواءِ غَيْرُ مُلْعَّنِ القِدْرِ وقالَ ابنُ هَرْمَةَ : .
خَيْرُ الرِّجالِ المُرَهقُونَ كما ... خَيْرُ تِلاع البِلادِ أوْطَؤُها وراهَقَ الغُلامُ مُراهَقَةً : قارَبَ الحُلُمَ فهو مُراهِق والجارِيَةُ مُراهِقَةٌ . وفي حَدِيثِ سَعْدٍ - رضِيَ اللهُ عنه : " أَنّه كانَ إِذا دَخَلَ مَكةَ مُراهِقاً خَرَج إِلى عَرَفَةَ قبلَ أَنْ يَطُوفَ بالبَيْتِ وبَيْنَ الصَّفا والمَرْوَةِ ثم يَطُوف بعدَ أَنْ يَرْجعَ " أَي : مُقارِباً لآخِرِ الوَقْتِ كأَنّه كانَ يَقْدُمُ يومَ التَّرْوِيَةِ أَو يَوْمَ عَرَفَةَ فيَضِيقُ عليه الوَقتُ حَتّى كادَ يَفوتُه التَّعْرِيفُ كذا في النِّهاية والعُبابِ وهو مَجازٌ .
ومما يسُتدْرَكُ عليه :