أَي الشَّمْسُ كاسِفَةٌ لمَوْتِكَ تَبْكِي عَلَيْكَ الدَّهْرَ أَبَداً قالَ شَيْخُنا : هو بِناءٌ على أَنَّ نَصْبَ النُّجُوم والقَمَر على الظَّرْفِيَّةِ لا المَفْعُولِيَّة وهو مُخْتارُ كَثِيرٍ مِنْهُم الشَّيْخُ ابنُ مالِكٍ كما في شَرْحِ الكافِيَةِ قال : وجَوِّزَ ابنُ إيازٍ في شَرْح فُصُلِ ابنِ مُعْطِي كونَ نُجومِ اللَّيْلِ مَفْعُولاً معه على إِسْقاطِ الواوِ من المَفْعُولِ معه قالَ شيخُنا : فما إخالُه يُوافَقُ على مِثْلِه . قلتُ : وأَنشَدَه اللَّيْثُ هكذا وقالَ : أَرادَ ما طَلَع نَجْمٌ وما طَلَع قمرٌ ثم صَرَفه فنَصَبَه وهذا كما تَقُول : لا آتيكَ مَطْرَ السَّماءِ : أَي ما مَطَرَت السَّماءُ وطُلُوعَ الشَّمْسِ أَي ما طَلَعَتْ الشَّمْسُ ثم صَرَفْتَه فنَصَبْتَه وقالَ شَمِرٌ : سَمِعْتُ ابنَ الأَعرابيِّ يَقُولُ : تَبْكِي عليكَ نُجومَ اللًّيْل والقَمَرَ : أَي ما دامَت النُّجومُ والقمرُ وحُكِىَ عن الكِسائيِّ مثلُه ووَهِمَ الجوهريُّ فغَيرَ الرِّوايةَ بقوله : " فالشَّمْسُ طالِعَةٌ لَيْسَتْ بكاسِفةٍ " قال الصاغانيُّ : هكذا يَرويه النُّحاةُ مُغَيَّراً قالَ شيخُنا : وهي رواية جميع البصرِيينَ كما هو مَبْسُوطٌ في شَرْح شَواهدِ الشَّافِيَةِ في الشَّاهدِ الثالِثَ عَشَرَ وعلى هذهِ الرِّواية اقْتَصَرَ ابنُ هشامٍ في شَواهِدِه الكُبْرَى والصُّغْرَى ومُوقِدِ الأَذْهانِ ومُوقِظ الوسَنْانِ وغيرِها وتَكَلَّفَ لمَعْناهُ وهو قولهُ : أَي لَيْسَت تَكْسِفُ ضوءَ النُّجُومِ مع طُلُوعِها لِقلَّةِ ضَوْئِها وبُكائِها عليكَ . وفي اللِّسانِ : وَكَسَفَت الشَّمْسُ النُّجُومَ إذا غَلَبَ ضَوْءها على النُّجُوم فلم يَبْدًُ منها شَيءٌ فالشَّمْسُ حِينَئذٍ كاسِفَةُ النُّجُومِ فلم يَبْدُ منها شَيءٌ فالشَّمْسُ حِينَئذٍ كاسِفَةُ النُّجُوم وأَنْشَدَ قولَ جَرِيرٍ السابِقَ قالَ : ومَعْناه أَنَّها طالِعَةٌ تَبْكِي عليكَ ولم تَكْسِفْ ضوءَ النُّجوم ولا القَمَر لأَنَّها في طُلُوعِها خاشِعَةٌ باكِيَةٌ لا نُورَ لَها . قلتُ : وكذلك ساقَهُ المُظَفَّرُ سيفُ الدَّولَةِ في تارِيخهِ وقالَ إنَّ ضوءَ الشَّمْسِ ذَهَبَ من الحُزْنِ فلم تَكْسِف النُّجومَ والقمَرَ فهما مَنْصُوبانِ بكاسِفَةٍ أَو على الظَّرْفِ ويجوزُ تُبْكِي من أَبْكَيْتُه يُقالُ : أَبْكَيْتُ زَيْداً على عَمرٍو قالَ شيخُنا : وكلامُ الجوهريُّ كما تَراه في غايةِ الوُضُوح لا تَكَلُّفَ فيه بل هو جارٍ على القَوانِين العَربيةِ وكَسَفَ يُسْتَعْمَلُ لازِماً ومُتَعَدِّياً كما قالَه المصنفُ نَفْسُه وهذا من الثانِي . ولا يَحْتاج إلى دَعْوَى المُغالَبَةِ كما قالَه بعضٌ واللهُ أعلم .
قلتُ : قالَ شَمِرٌ : قلتُ للفَرّاءِ : إِنَّهُم يَقُلُونَ فيه : إِنّه على معنَى المُغالَبَةِ : باكَيْتُه فبَكَيْتُه فالشمسُ تَغْلِبُ النجومَ بُكاءً فقالَ : إنَّ هذا لوَجْهٌ حَسَنٌ فقلتُ : ما هذا بحَسَنٍ ولا قَرِيبٍ منه ثم قالَ شيخُنا : وقد رأَيْتُ من صَنَّفَ في هذا البَيْتِ على حِدَةٍ وأَطالَ بما لا طائِلَ تحتَه وما قالهُ يَرجعُ إلى ما أَشرنا إليه والله أعلم .
ومما يُسْتَدْرَكُ عليه : أَكْسَفَ اللهُ الشَّمْسَ مثلُ كَسَفَ وكَسَفَ أَعْلَى . وأَكْسَفَه الحُزْنُ : غَيَّرَهُ . وكَسَّفَ الشَّيءَ تَكْسِيفاً : قَطَّعَه وخَصَّ بَعْضُهم به الثَّوْبَ والأَدِيمَ . وكِسْفُ السَّحابِ وكِسَفُه : قِطَعُه وقِيلَ : إذا كانَتْ عَريضَةً فهي كِسْفً . وكَسَفْتُ الشيءَ كَسْفاً : إذا غَطَّيْتَه . وقالَ ابنُ السِّكَّيتِ : يقالُ : كَسفَ أَمَلُه فهو كاسِفٌ : إِذا انْقَطَع رَجاؤُه مِما كانَ يَأْمُلُ ولم يَنْبَسِط . والكِسْفُ بالكَسْرِ : صاحِبُ المَنْصُورِيَّة نَقَله ابنُ عَبّادٍ .
ك - ش - ف