وثَنَاءٌ أبْلَغُ : مُبَالِغٌ فيهِ قالَ رُؤْبَةُ يَمْدَحُ المُسَبِّحَ بنَ الحَوَارِيِّ بنِ زِيادِ بنِ عَمْروٍ العَتَكِيَّ : .
" بَلْ قُلْ لِعَبْدِ اللهِ بَلِّغْ وابْلُغِ .
" مُسَبِّحاً حُسْنَ الثَّناءِ الأبْلَغِ وشَيءٌ بالِغٌ أي : جَيِّدٌ وقدْ بَلَغَ في الجَوْدَةِ مَبْلَغَاً .
وقالَ الشافعِيُّ رحمَهُ اللهُ في كتابِ النِّكَاحِ : جارِيَةٌ بالِغٌ بغَيْرِ هاءٍ هكذا رَوَى الأزْهَرِيُّ عن عبْدِ المَلِكِ عن الرَّبِيعِ عَنْهُ قالَ الأزْهَرِيُّ : والشَّافِعِيُّ فَصِيحٌ حُجَّةٌ في اللُّغَةِ قالَ : وسَمِعْتُ فُصَحاءَ العَرَبِ يَقُولُونَ : جارِيَةٌ بالِغٌ وهكذا قَوْلُهُمْ : امْرَأَةٌ عاشِقٌ ولِحْيَةٌ ناصِلٌ قال : ولوْ قالَ قائِلٌ : جارِيَةٌ بالِغَةٌ لمْ يَكُنْ خَطَأً لأنَّهُ الأصْلُ أي : مُدْرِكَةٌ وقَدْ بَلَغَتْ .
ويُقَالُ : بُلِغَ الرَّجُلُ كعُنِيَ : جُهِدَ وأنْشَدَ أبو عُبَيْدٍ : .
" إنَّ الضِّبابَ خَضَعَتْ رِقَابُها .
" للسَّيْفِ لما بُلِغَتْ أحْسَابُها أي : مَجْهُودُهَا وأحْسَابُها : شَجاعَتُها وقُوَّتُهَا ومَنَاقِبُها .
والتَّبْلِغَةُ : حَبْلٌ يُوصَلُ بهِ الرِّشَاءُ إلى الكَرَبِ ومنْهُ قَوْلُهم : وَصَلَ رِشَاءَهُ بتَبْلِغَةٍ قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : وهُوَ حَبْلٌ يُوصَلُ بهِ حتى يَبْلُغَ الماءَ .
ج : تَبَالِغُ يُقَالُ : لا بُدَّ لأرْشِيَتِكُمْ منْ تَبالِغَ .
وقالَ الفَرّاءُ : يُقَالُ : أحْمَقُ بَلْغٌ بالفَتْحِ ويُكْسَرُ وبَلْغَةٌ بالفَتْحِ أي : هُوَ مَعَ حَماقَتِهِ يَبْلُغُ ما يُرِيدُ أو المُرَادُ : نِهايَةٌ في الحُمْقِ بالِغٌ فيهِ .
قالَ : ويُقَالُ : اللهُمَّ سَمْعٌ لا بَلْغٌ وسَمْعاً لا بَلْغاً ويُكْسَرانِ أي : نَسْمَعُ بهِ ولا يَتِمُّ كما في العُبَابِ وفي اللِّسانِ : ولا يَبْلُغُنَا يُقَالُ ذلكَ إذا سَمِعُوا أمْراً مُنْكَراً أو يَقُولهُ منْ سَمِعَ خَبَراً لا يُعْجِبُه قالَهُ الكِسَائِيُ أو للخَبَرِ يَبْلُغُ واحِدَهُمْ ولا يُحَقِّقُونَهُ .
وأمْرُ اللهِ بَلْغٌ بالفَتْحِ أي : بالِغٌ نافِذٌ يَبْلُغُ أيْنَ أُرِيدَ بهِ قالَ الحارِثُ بنُ حِلِّزَةَ : .
فهدَاهُمْ بالأسْوَدِيْنِ وأمْرُ ال ... لهِ بَلْغٌ تَشْقَى بهِ الأشْقِياءُ وهو من قوله تعالى : إنَّ اللهَ بالِغُ أمْرِه .
وجَيْشٌ بَلْغٌ كذلكَ أي : بالغٌ .
وقالَ الفَرّاءُ : رَجُلٌ بِلْغٌ مِلْغٌ بكَسْرِهِمَا : إتْباعٌ أي خَبِيثٌ مُتَناهٍ في الخَباثَةِ .
والبَلْغُ بالفَتْحِ ويُكْسَرُ والبِلَغُ كعِنَبٍ والبَلاغَي مثل : سَكَارَى وحُبَارَى ومِثْلُ الثّانِيَةِ : أمْرٌ بِرَحٌ أي : مُبَرِّحٌ ولَحْمٌ زِيَمٌ ومَكَانٌ سِوىً ودِينٌ قِيَمٌ وهو : البَلِيغُ الفَصِيحُ الّذِي يَبْلُغُ بعَبارَتِه كُنْهَ ضَمِيرِه ونِهَايَةَ مُرَادِه وجَمْعُ البَلِيغِ : بُلَغاءَ وقدْ بَلُغَ الرَّجُلُ ككَرُمَ بَلاغَةً قالَ شَيْخُنا : وأغْفَلَه المُصَنِّف تَقْصِيراً أي : ذِكْرَ المَصْدَرِ والمَعْنَى : صارَ بَلِيغاً .
قلتُ : والبَلاغَةُ على وَجْهَيْنِ : أحَدُهُما : أنْ يَكُونَ بذاتِهِ بَلِيغاً وذلكَ بأنْ يَجْمَعَ ثلاثَةَ أوْصَافٍ : صَوَاباً في مَوْضَوعِ لُغَتِه وطِبْقاً للمَعْنَى المَقْصُودِ بهِ وصِدْقاً في نَفْسِه ومتى اخْتُرِمَ وَصْفٌ منْ ذلكَ كانَ ناقِصاً في البَلاغَة .
والثّانِي : أنْ يَكُونَ بَلِيغاً باعْتِبَارِ القائِلِ والمَقُولِ لَهُ وهُوَ أنْ يَقْصِدَ القائِلُ بهِ أمْراً ما فيُوِدَهُ على وجْهٍ حَقِيقٍ أنْ يَقْبَلَهُ المَقُولُ لَهُ .
وقوْلُه تعالى : وقُلْ لَهُمْ في أنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً يَحْتَمِل المَعْنَييْنِ وقولُ من قالَ : معناهُ : قُل لَهُمْ إنْ أظْهَرْتُمْ ما في أنْفُسِكُمْ قُتِلْتُم وقَوْلُ من قالَ : خَوِّفْهُمْ بمَكارِهَ تَنْزِلُ بهم فإشارَةٌ إلى بَعْضِ ما يَقْتَضيه عُمُومُ اللَّفْظِ قالَهُ الرّاغِبُ .
وقَرَأْتُ في مُعْجَمِ الذَّهَبِيِّ في تَرْجَمَةِ صُحارِ بنِ عَيّاشٍ العَبْدِيِّ رضي اللهُ عنه سألَهُ مُعَاويَةُ عنِ البَلاغَةِ فقال : لا تُخْسئْ ولا تُبْطئْ