وذكَرَ أبو عَبَيْدٍ في تَفْسيرِ الحَديثِ : ليْسَ في الجَبْهَةِ ولا في النَّخَّةِ ولا في الكُسْعَةِ صَدَقَةٌ . أنَّ أبا عُبَيْدَةَ قالَ : الكُسْعَةُ : الحَمِيرُ وعَلَيهِ اقتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ قِيلَ : لأنَّهَا تُكْسَعُ في أدْبَارِهَا وعَلَيْها أحْمَالُها وقالَ أبو سَعِيدٍ : الكُسْعَةُ تَقَعُ أيْضاً على الإبِلِ العَوامِلِ والبَقَر العَوَامِل والرَّقِيقِ لأنَّها تُكْسَعُ بالعصا إذا سِيقَتْ قالَ : والحَمِيرُ لَيْسَتْ بأوْلَى بالكُسْعَةِ من غَيْرِها وقالَ ثَعْلبٌ : هِيَ الحَمِيرُ والعَبِيدُ وقالَ ابنُ الأعْرَابِيّ الكُسْعَةُ : الرَّقِيقُ سُمِّيَ كُسْعَةً لأنَّكَ تَكْسَعُه إلى حاجَتِكِ .
والكُسْعَةُ : اسمُ صَنَمٍ كانَ يُعْبَدُ .
وقالَ أبو عمْروٍ : الكُسْعَةُ : المَنِيحَةُ .
والكُسَعُ كَصُرَدٍ : كسِرُ الخُبْزِ وحُكِيَ عن ابنُ الأعْرَابِيّ كما في اللِّسَانِ وفي العُبَابِ حُكِيَ عن أعْرَابِيٌّ أنَّه قالَ : ضِفْتُ قَوْماً فأتَوْنِي بكُسَعٍ جَبِيَزاتٍ مُعَشِّشاتٍ أي اليابِسَاتِ المُكَرِّجاتِ .
وكُسَعُ : حَيٌّ باليَمَنِ رُماةٌ نَقَلَه اللَّيْثُ : قال : أو حَيٌّ منْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بنِ سَعْدِ بنِ قَيْسِ عَيْلانَ ومِنْه غامِدُ بنُ الحارِثِ الكُسَعِيُّ وقال حَمْزَةُ : هُوَ رَجُلٌ مِنْ كُسَعَةَ واسمُه مُحَارِبُ بنُ قَيْسٍ وقالَ غَيْرُه : هُوَ منْ بَنِي كُسع ثمَّ مِنْ بَنِي مُحَاربٍ وهُو الّذِي اتَّخَذَ قَوْساً يُقَالُ : إنَّه كانَ يَرْعَى إبْلاً لَهُ بوادٍ مُعْشِب وقد بَصُرَ بنَبْعَةٍ في صَخْرَةٍ فأعْجَبَتْهُ وفي اللِّسَانِ : في وادٍ فيهِ حَمْضٌ وشَوْحَطٌ نابِتاً في صَخْرَةِ فأعْجَبَتْه فقال : يَنْبَغِي أنْ تَكُونَ هذهِ قَوساً فجَعَلَ يَتَعَهَّدُهَا حَتَّى إذا أدْرَكَتْ قَطَعَها وجَفَّفَها فلمَّا جَفَّتْ اتَّخَذَ منهَا قَوْساً وأنْشَأ يَقولُ : .
" يا ربِّ سَدِّدني لنَحْتِ قَوْسي .
" فإنَّهَا منْ لَذَّتِي لِنَفْسِي .
" وانْفَعْ بقوْسِي وَلَدِي وعِرْسِي .
" انْحَتُها صَفْرا كَلَوْنِ الوَرْسِ .
" كَبْدَاءَ لَيْسَتْ كالقِسِيِّ النُّكْسِ ثُمَّ دَهَنَها وخَطَمَها بَوَترٍ ثمّ عَمَدَ إلى ما كانَ مِنْ بُرايَتِها وجَعَل مِنْهُ خَمْسَة أسْهُمٍ وجَعلَ يُقَلِّبُها في كَفِّهِ ويقولُ : .
" هُنَّ ورَبِّي أسْمُهٌ حِسانٌ .
" يَلَذّ للرَّامِي بها البَنَانُ .
" كأنَّمَا قَوَّمَها مِيزانُ .
" فأبْشِرُوا بالخِصْبِ يا صِبْيانُ .
" إنْ لمْ يَعُقْنِي الشُؤْمُ والحِرْمانُ ثُمَّ خَرَجَ لَيْلاً وكَمَنَ في قُتْرَةٍ على مَوارِدِ حُمُرِالوَحْشِ فَمَرَّ قَطِيعٌ من الوَحْشِ فَرَمَى عَيراً مِنْها فأمْخَطَه السَّهْمُ أيْ أنْفَذَه وصَدَمَ الجَبَلَ فأوْرَى السَّهْمُ في الصَّوانَةِ ناراً فظَنَّ أنَّه قَدْ أخَطَأَ فقالَ : .
" أعُوذُ بالمُهَيْمِنِ الرَّحْمنِ .
" منْ نَكَدِ الجَدِّ معَ الحِرْمانِ .
" مالِي رَأيتُ السَّهْمَ في الصَّوّانِ يُورِي شَرارَ النّارِ كالعِقْيانِ .
" أخْلَفَ ظَنِّي ورَجَا الصِّبْيَانِ ثم وَرَدَت الحُمْرُ فَرَمى ثانِياً فكانَ كالذي مَضَى مِنْ رَمْيهِ فقالَ : .
" أعُوذُ بالرَّحْمن منْ شَرِّ القَدَرِ .
" لا بارَكَ الرَّحْمنُ في أُمِّ القُتَرْ .
" أأُمْغِطُ السَّهْمَ لإرْهَاقِ الضَّرَرْ .
" أمْ ذاكَ منْ سُوءِ احْتِيالٍ ونَظَرْ .
" أمْ لَيْسَ يُغْنِي حَذَرٌ عِنْدَ قَدَرْ ثُمَّ وَرَدَت الحُمُرُ ورَمى ثالثِاً فكانَ كما مَضَى منْ رَمْيَه فقال : .
" إنِّي لشُؤُمي وشَقَائِي ونَكَدْ .
" قَدْ شَفَّ مِنِّي ما أرَى حَرُّ الكَبِدْ .
" أخْلَفَ ما أرْجُو لأهْلٍ وولَدْ إلى آخِرِهَا وهو يَظُنُّ خَطَأهُ قال : .
" أبَعْدَ خَمْسِ قَدْ حَفِظْتُ عَدَّها .
" أحْمِلُ قَوْسِي وأُرِيدُ رَدَّها .
" أخْزَى إلهي لِينَها وشَدَّها .
" واللهِ لا تَسْلَمُ عِنْدِي بَعْدَها .
" ولا أُرَجِّي ما حَييتُ رِفْدَهَا