فيهِ قالَ الشَّماخُ يَصِفُ إِبلاً : .
يُبَاكِرْنَ العِضاةَ بمُقْنَعاتِ ... نَوَاجِذُهُنَّ كالحِدأ الوَقيعِ وقالَ ابنُ ميّادَةَ يصِفُ الإبِلَ أيضاً : .
" تُباكِرُ العِضاةَ قَبْلَ الإشْراقْ .
" بِمُقْنعاتٍ كقِعابِ الأوْرَاقْ يَقُولُ : هيَ أفْتَاءٌ فأسْنانُهَا بِيضٌ .
وأمّا قَوْلُ الرّاعِي النُّمَيْريِّ وهُوَ مِنْ بَنِي قَطَنِ بنِ رَبِيعَةَ بنِ الحَارِثِ بن نُمَيْرِ : .
زجِلَ الحُدَاءِ كأنَّ في حَيْزُومِه ... قَصَباً ومُقْنِعَةَ الحَنِينِ عَجُولا فإنَّهُ يُرْوَى بفَتْحِ النُّونِ ويُرَادُ بِهَا النّايُ لأنَّ الزّامِرَ إذا زَمَرَ أقْنَعَ رَأسَه هكذا زَعَمَ عُمَارَةُ بنُ عَقيل فقِيل له : قَدْ ذَكَرَ القَصَبَ مَرَّةً فقال : هيَ ضُروبٌ ورَوَاهُ غيرُه بكَسْرِها ويُرَادُ بها ناقَةٌ رَفَعتْ حَنِينَها أرَادَ وصَوْتَ مُقْنِعَة فحذَفَ الصَّوْت وأقام مُقْنِعَةَ مُقَامَه وقِيلَ : المُقْنِعَةُ : المَرْفُوعَةُ والعَجُولُ : الّتِي ألْقَتْ وَلَدَها بغير تَمام .
وقَنَّعَهُ تَقْنِيعاً : رَضَّاهُ ومنه الحَديث : طُوبَى لِمَنْ هُدِيَ للإسْلامِ وكانَ عَيْشُه كفَافاً وقُنِّعَ به كذا رَوَاهُ إبْراهِيمُ الحَرْبِيُّ .
قلتُ : ومنه أيضاً حديثُ الدُّعَاءِ : اللَّهُمَّ قَنِّعْنِي بما رَزَقْتَنِي .
وقَنَّعَ المَرْأَةَ : ألْبَسَها القِنَاعَ نَقَله الجَوْهَرِيُّ وقَنَّعَ رَأْسَه بالسَّوطِ : غَشّاهُ بهِ ضَرْباً نَقَله الجَوْهَرِيُّ وكذا بالسَّيفِ والعَصَا ومنه حَديثُ عُمرَ رضيَ اللهُ عنهُ : أنَّ أحَدَ وُلاتِه كَتَبَ إليْهِ كِتَاباً لَحَنَ فيهِ فكَتَبَ إليْهِ عُمَرُ : أنْ قَنِّعْ كَاتِبَك سَوْطاً وهو مجازٌ .
وقَنَّعَ الدِّيكُ : إذا رَدَّ بُرائِلَه إلى رأْسِه نَقَله الجَوْهَرِيُّ وأنْشَدَ : .
" ولا يَزالُ خَرَبٌ مُقَنَّعُ .
" بُرَائِلاهُ والجَنَاحُ يَلْمَعُ قلتُ : وقد تَبِعَ الجَوْهَرِيُّ أبا عُبَيْدَة في إنْشَادِه هكَذا وهو غَلَطٌ والصَّوابُ أنَّه منْ أُرْجُوَزَةِ مَنْصُوبَةِ أنْشَدَها أبو حاتِمٍ في كتابِ الطَّيْرِ لغَيْلانَ بنِ حُرَيْثِ من أبْياتٍ أوَّلُهَا : .
" شَبَّهْتُه لَمّا ابْتَدَرْنَ المَطْلَعَا ومِنْهَا : .
" فلا يَزَالُ خَرَبُ مُقَنِّعَا .
" بُرَائِلَيْهِ وجَناحاً مُضْجَعَا وقد أنْشَدَه الصّاغَانِيُّ في العُبَاب على وَجْهِ الصَّوابِ .
ومن المَجَازِ رَجُلٌ مُقَنَّعٌ كمُعَظَّمٍ : مُغَطى بالسِّلاحِ أو عَلَيْهِ أي على رَأْسِه مِغْفَرٌ وبيْضَةُ الحَدِيدِ وهِيَ الخُوذَةُ : لأنَّ الرَّأسَ مَوْضِعُ القِنَاعِ وفي الحَدِيثِ : أنَّه A زارَ قَبْرَ أُمِّه في ألْفِ مُقَنَّعٍ أي في ألفِ فارِس مُغَطّىً بالسِّلاحِ .
وتَقَنَّعَتِ المَرْأَةُ : لَبِسَتِ القِنَاعَ وهُوَ مُطَاوِعُ قَنَّعْهُا .
ومن المَجَازِ : تَقَنَّعَ فُلانٌ أيْ : تَغَشَّى بثَوْبٍ ومنهُ قوْلُ مُتمِّمِ بنِ نُوَيْرَةَ رضيَ الله عنه يصِفُ الخَمْرَ : .
ألْهُوا بها يَوْماً وأُلْهِي فِتْيَةً ... عَنْ بَثِّهِمْ إذْ أُلْبِسُوا وتَقَنَّعُوا قالَ الصّاغَانِيُّ في آخِرِ هذا الحَرْفِ : والتَّرْكِيبُ يَدُلُّ على الإقْبالِ على الشَّيءِ ثُمَّ تَخْتَلِفُ مَعَانِيه مَعَ اتِّفاقِ القِياس وعلى اسْتِدَارَةِ في شَيءٍ وقد شَذَّ عن هذا التَّرْكِيبِ الإقْناعُ : ارْتِفاعُ ضَرْعِ الشّاةِ ليسَ فيه تَصَوُّبٌ وقد يُمكِنُ أنْ يُجْعَلَ هذا أصْلاً ثالِثاً ويُحْتَجُّ فيهِ بقَوْلِه تعالَى : مُهْطِعينَ مُقْنعِي رُؤُسِهِمْ قالَ أهْلُ التَّفْسيرِ : أي رافِعي رُؤُسهِم .
وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه : رَجُلٌ قُنْعَانِيٌّ بالضَّمِّ كقُنْعَانٍ : يُرْضَى برأيِه .
وهو قُنْعانٌ لَنا منْ فُلانِ أي : بَدَلٌ مِنْهُ يكونُ ذلكَ في الذَّمِّ وفي غَيْرِهِ قالَ الشاعِرُ : .
" فقُلْتُ له : بُؤْ بامْرئِ لَسْتَ مِثْلَهُوإنْ كُنْتَ قُنْعاناً لِمَنْ يَطْلُبُ الدَّما ورَجُلٌ قُنْعَانٌ : يَرْضَى باليَسير .
والقُنُوعُ بالضَّمِّ : الطَّمَعُ والمَيْلُ وبه سُمِّيَ السّائِلُ قانِعاً لِمَيْلِه على النّاسِ بالسُّؤالِ كما قِيلَ : المِسْكِينُ لسُكُونِه إليْهِم