والجِذْعُ بالكَسْرِ : سَاقُ النَّخْلَةِ وقال بَعْضُهُمْ : لا يُسَمَّى جِذْعاً إِلاّ بَعْد يُبْسِهِ . وقِيلَ : إِلاَّ بَعْد قَطْعِهِ وقِيل : لا يَخْتَصُّ باليَابِسِ ولا بما قُطِعَ لقَوْلهِ تَعَالَى : " وهُزِّي إِلَيْكِ بجِذْعِ النَّخْلَةِ " ورُدَّ بأَنَّهُ كانَ يَابِساً في الوَاقِعِ فلا تَدُلُّ الآيَةُ علَى تَقْيِيدٍ ولا إِطْلاقٍ كَمَا حُرِّرَ في تَفْسِيرِ البَيْضاوِيّ وحَوَاشِيهِ . وفي الحَدِيثِ : يُبْصِرُ أَحْدُكُمُ القَذَى في عَيْنِ أَخِيهِ وَيَدَعُ الجِذْعَ في عَيْنَيْهِ والجَمْع أَجْذَاعٌ وجُذُوعٌ . وجِذْعُ بنُ عَمْروٍ الغَسَّانِيُّ مَشْهُورٌ ومِنْهُ خُذْ مِنْ جِذْعٍ ما أَعْطَاكَ يُقَالُ : كَانَتْ غَسَّانُ تُؤَدِّي كُلَّ سَنَةٍ إِلى مَلِكِ سَلِيحٍ دِينَارَيْن من كُلِّ رَجُلٍ وكانَ الَّذِي يَلِي ذلِكَ سَبْطَةُ بنُ المُنْذِر السَّلِيحِيُّ فجَاءِ سَبْطَةُ إِلى جِذْعٍ يَسْأَلُهُ الدِّينَارَيْنِ فدَخَلَ جِذْعٌ مَنْزِلَهُ فَخَرَجَ مُشْتَمِلاً بسَيْفِهِ فضَرَبَ بِه سَبْطَةَ حَتَّى بَرَدَ وقَالَ : خُذْ مِنْ جِذعٍ ما أَعْطَاكَ وامْتَنَعَتْ غَسّانُ مِنْ هذِه الإِتَاوَةِ بَعْدَ ذلِكَ وهذا هو المُعَوَّلُ عَلَيْه في أَصْل المَثَل : قاله الصّاغانِيُّ .
قُلْتُ : والَّذِي في كِتَابِ الأَمْثَالِ لِلأَصْمَعِيّ : جِذْعٌ : رَجْلٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ كَانَ المُلْك فِيهِم ثم انْتَقَل إِلى سَلِيحٍ فجاؤُا يُصَدِّقُونَهُمْ فَسَامُوهُمْ أَكثرَ مِمَّا عَلَيْهِمْ فقَالَ ثَعْلبَةُ - وهو أَخُر جِذْعٍ - : هذاكَ جِذْعٌ فاذْهَبْ إِلَيْه حتى يُعْطِيكَ ما سَأَلْتَ فأَتّاهُ فَقَالَ : هذا سَيْفِي مُحلّىً فخُذْهُ . فنَاوَلَهُ جَفْنَهُ ثُمَّ انْتَضاهُ فضَرَبَهُ حَتَّى قَتَلَهُ فقالَ ثَعْلَبَةُ أَخُوهُ : خُذْ مِنْ جِذْعٍ ما أَعْطَاكَ . أَوْ أَصْلُ المَثَلِ أَنَّهُ أَعْطَى بَعْضَ المُلُوكِ سَيْفَهُ رَهْناً فلَمْ يَأْخُذْه مِنْهُ وقال : اجْعَلْ هذا في كَذَا مِنْ كَذَا أَيْ من أُمِّكَ فَضَرَبَهُ به فَقَتَلَهُ وقَالَهُ وهكَذا أَوْرَدَهُ الجَوْهِرِيُّ وتَبِعَة صاحِبُ اللّسَانِ قالَ الصّاغَانِيّ بَعْدَ ما نَقَلَ الوَجْهَ الأَوّلَ : يُضْرَبَ في اغْتِنَامِ ما يَجُودُ به البَخِيلُ .
وفي الصّحاحِ : تَقُولُ لوَلَدِ الشّاةِ في السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وللبَقَرِ أَي لولد البقر وذَوَاتِ الحَافِرِ في السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وللإِبِلِ فِي السَّنَةِ الخَامِسَة : أَجْذَعَ إِجْذَاعاً .
قَلْتُ : وتَقَدَّمَ تَحْقِيقُه قَرِيباً في أَوّلِ المادَّةِ فأَغْنَاهَا عَنْ ذِكْرِهِ ثانِياً .
وقالَ ابنُ عَبّادٍ : المُجذعُ : كمُكْرَم ومُعْظَّم : كُلُّ ما لا أَصْلَ لَهُ ولا ثَبَاتَ ولو قالَ : كمُحْصَنٍ بَدَلَ كمُكْرَمٍ كما فَعَلَهُ الصّاغَانِيُّ لأَشَارَ إِلى لُحُوقِهِ بِنَظَائِرِهِ التي جَاءَتْ عَلَى هذَا البَابِ وقَدْ ذُكِرَ فِي سهب ولفج وسَيَأْتِي بَعْضُ ذلِكَ أَيْضاً .
قال : وخَرُوفٌ مُتَجَاذِعٌ : وَانٍ مِن الإِجْذَاعِ هكذا في نُسَخِ العُبَابِ : وَانٍ بالوَاوِ وفِي التَّكْمِلَةِ : دَانٍ بالدّالِ ومِثْلُهُ في الأَسَاسِ ولَعَلَّهُ الصَّوابُ . ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ : الجُذُوعَةُ بالضَّمّ : الاسْمُ من الإِجْذاعِ . وقَوْلهُ - أَنْشَدَهُ ابنُ الأَعْرَابِيّ - : .
" إِذا رَأَيْتَ بَازِلاً صَارَ جَذَعْ .
" فاحْذَرْ وإِنْ لَمْ تَلْقَ حَتْفاً أَن تَقَعْ فَسَّرَهُ فقالَ : مَعْنَاهُ : إِذا رَأَيْتَ الكَبِيرَ يَسْفَهُ سَفَهَ الصَّغِيرِ فاحْذَرْ أَنْ يَقَعَ البَلاَءُ ويَنْزِلَ الحَتْفُ . وقالَ غَيرُ ابنِ الأَعرابِيّ : مَعْنَاهُ إِذا رَأَيْتَ الكَبِيرَ قَد تَحَاتَّتْ أَسْنَانُه فذَهَبَتْ فإِنَّهُ قد فَنِيَ وقَرُبَ أَجَلُه فاحْذَرْ - وإِنْ لَمْ تَلْقَ حَتْفاً - أَنْ تَصِيرَ مِثْلَه واعمَل لنَفْسِك قَبْلَ المَوْت ما دُمْتَ شابّاً