والفِعْلُ ككَرُمَ وضَرَبَ وعلى الأوَّلِ اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيّ والثّانِيَةُ نَقَلَهَا الصّاغَانِيُّ قال : وقَرَأَ نُبَيْحٌ وأَبُو وَاقِدٍ والجَرّاحُ " واغْلِظْ عَلَيْهِم " بكَسْرِ اللامِ في التَّوْبَةِ والتَّحْرِيمِ .
فهو غَلِيظٌ وغُلاَظٌ كغُرَابٍ والأُنْثَى غَلِيظَةٌ وجَمْعُهَا غِلاَظٌ ومِنْهُ قَوْلُه تعالَى : " عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ " . وقال العَجَّاجُ : قَدْ وَجَدُوا أَرْكَانَنَا غِلاظَا . والغَلْظُ بالفَتْحِ : الأَرْضُ الخَشِنَةُ عن ابنِ عَبّادٍ . ورَوَى أَبُو حَنِيفَةَ عن النَّضْرِ : الغَلْظُ : الغَلِيظُ من الأَرْضِ ورُدَّ ذلِكَ عَلَيْهِ وقِيلَ : إِنَّمَا هو الغِلَظُ قالُوا : ولم يَكُنِ النَّضْرُ بِثقَةٍ ونَقَلَ ابنُ سِيدَه قَوْلَهم : أَرْضٌ غَلِيظَة : غَيْرُ سَهْلَةٍ وقد غَلُظَتْ غِلَظاً ورُبما كُنِيَ عن الغَلِيظِ من الأَرْضِ بالغِلَظِ قالَ : فلا أَدْرِي أَهو بمعْنَى الغَلِيظِ أَم هو مصْدَرٌ وُصِفَ به ؟ .
قُلْتُ : ومِمّا يُؤَيِّد أَبا حَنِيفَةَ قَوْلُ كُرَاع : الغَلْظُ من الأَرْضِ : الصُّلْبُ من غَيْرِ حِجَارَةٍ . فَتَأَمَّلْ .
وأَغْلَظَ الرَّجُلُ : نَزَلَ بِهَا عَنْ ابْنِ عَبّادٍ . وقال الكِسَائِي : الغِلَظُ كما في التَّكْمِلَة فهو أَيْضاً تَأْكِيدٌ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ . وأَغْلَظَ الثَّوْبَ : وَجَدَهُ غَلِيظاً أَو اشْتَرَاهُ كذلِكَ الأَخِيرُ عنِ الجَوْهَرِيّ وقد رَدَّ عليه الصّاغَانِيُّ بقَوْلِهِ : ولَيْسَ هو من الشِّراءِ في شَيْءٍ وإِنَّمَا هو من بَابِ أَفْعَلْتُه أَيْ وَجَدْتُهُ عَلَى صِفَةٍ من الصِّفاتِ كقَوْلِهِمْ : أَحْمَدْتُهُ وأَبْخَلْتُهُ كما في التَّكْمِلَةِ . وفي العُبَابِ : والأَوَّلُ أَصَحُّ .
وأَغْلَظَ لَهُ في القَوْلِ : خَشَّنَ وهو مَجازٌ ولا يُقَالُ فيه غَلَّظَ .
وغَلَظُتِ السُّنْبُلَةُ واسْتَغْلَظَتْ : خَرَجَ فِيها الحَبُّ ومِنْهُ قَوْلُهُ تَعالَى : " فاسْتَغْلَظَ فاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ " . وكذلِكَ جَمِيعُ النَّبَاتِ والشَّجَرِ إِذا اسْتَحْكَمَتْ نِبْتَتُه وصارَ غَلِيظاً .
وبينهما غِلْظَةٌ بالكسر ومُغَالَظَةٌ أَيْ عَداَوةٌ عن ابنِ دُرَيْد . وغَلَّظَ عَلَيْهِ الشَّيْءَ تَغْلِيظاً ومِنْهُ الدِّيَةُ المُغَلَّظَةُ كمُعَظَّمة وهي الَّتِي تَجِبُ في شِبْهِ العَمْدِ كما في الصّحاح . وقال الشّافِعيُّ رَحِمَهُ الله تعالَى : الدِّيَةُ المُغَلَّظَةُ في العَمْدِ المَحْضِ والعَمْدِ الخَطَإِ وفي القَتل في الشهر الحرام والبَلَدِ الحَرَامِ وقَتْلِ ذِي الرَّحِمِ وهِيَ ثَلاثُونَ حِقَّةً مِنَ الإِبِلِ وثَلاثُونَ جَذْعَةً وأَرْبَعُونَ ما بَيْنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى بازِلِ عامِهَا كُلُّها خَلِفَةٌ أَي حامِلٌ .
واسْتَغْلَظَهُ أَي الثَّوْبَ : تَرَكَ شِرَاءَهُ لغِلَظِهِ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ . وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ : غَلَّظَ الشَّيْءَ تَغْلِيظاً : جَعَلَهُ غَلِيظاً . وعَهْدٌ غَلِيظٌ أَي مُؤَكَّدٌ مُشَدَّدٌ وهو مَجازٌ . ويُقَال : حَلَفَ بِأَغْلاظِ اليَمِينِ .
ورَجُلٌ غَلِيظٌ أَي فَظٌّ ذُو قَساوَةٍ . ورَجُلٌ غَلِيظُ القَلْبِ أَي سَيِّئُ الخُلُقِ . وأَمْرٌ غَلِيظٌ : شَدِيدٌ صَعْبٌ . وماءُ غَليظٌ : مُرٌّ . وكُلُّ ذلِكَ مَجَازٌ .
ويُقَالُ : طَعَنَهُ في مُسْتَغْلَظِ ذِراعِهِ ونَكَى فِيهم نِكَايَاتٍ غَلِيظَةً وهو مَجازٌ .
والمُغالَظَةُ : شِبْهُ المُعَارَضَةِ .
غ ن ظ .
غَنَظَه الأَمْرُ يَغْنِظُهُ غَنْظاً من حَدِّ ضَرَبَ : جَهَدَهُ وشَقَّ عَلَيْه فهو مَغْنُوظٌ كما في الصّحاح قال الشاعِرُ : .
إِذا غَنَظُونا ظَالِمِينَ أَعَانَنَا ... عَلَى غَنْظِهِم مَنٌّ مِنَ الله وَاسِعُ والغَنْظُ بالفَتْحِ : الكَرْبُ الشَّدِيدُ والمَشَقَّةُ . وفي الصّحاحِ : أَشَدُّ الكَرْبِ . قُلْتُ : وهو قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ . وقالَ ابنُ فارِسٍ : هو الهَمُّ اللازِمُ يُقَالُ : غَنَظَهُ الهَمُّ أَيْ لَزِمَهُ . ويُحَرَّكُ عن ابنِ دُرَيْدٍ وفي حَدِيثِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيزِ وقَدْ ذَكَرَ المَوْتَ فقال : غَنْظٌ لا كالغَنْظِ وكَظٌّ لَيْسَ كالكَظِّ