قُلْتُ : أَنْشَدَهُ ابْنُ دُرَيْدٍ لِسُوَيْدِ بنِ خَذّاقٍ العَبْدِيّ ويُرْوَى لِلْمَعْلُوطِ بنِ بَدَلٍ القُرَيْعِيّ وصَدْرُه : .
مَتَى ما يَرَى النّاسُ الغَنِيَّ وجارُه ... فٌقِيرٌ يَقُولُوا : عاجِزٌ وجَليدُ قال ابنُ بَرّيّ : إِنَّمَا أَتَاه الغِنَى لِجَلادَتِه وحُرِم الفَقِيرُ لِعَجْزِه وقِلّةِ مَعْرِفَتِهِ ولَيْس كما ظَنُّوا بَلْ ذلِك مِنْ فِعْلِ القَسَّامِ وهو اللهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى لِقَوْله : " نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَعِيشَتَهم " قال : وقَوْلُهُ : أحَاظٍ على غَيْر قِياسٍ وَهَمٌ منه بل أَحاظٍ جَمْع أَحْظٍ وأَصْلُه أَحْظُظٌ فقُلِبت الظّاءُ الثّانِيَةُ ياءً فصارَتْ أَحْظٍ ثُمّ جُمِعَتْ على أَحاظٍ . في الكَثِيرِ : حِظَاظٌ وحِظاءٌ يكَسْرِهِمَا الأَخِيرُ مَمْدُودٌ عن أَبِي زَيْدٍ . والحِظَاظُ عن ابن جِنّي وأَنْشد : .
وحُسَّدٍ أَوْشَلْتُ من حِظاظِهَا ... عَلَى أَحاسِي الغَيْظِ واكْتِظاظِها وفي اللّسَان : أَحاظٍ وحِظَاءٍ من مُحوَّل التَّضْعِيف ولَيْسَ بِقِيَاسٍ وقد تَقَدَّم ما فِيه قَرِيباً .
وقال أَبُو زَيْدٍ : جَمْعُ الحَظّ حُظٌّ وحُظُوظٌ وزادَ ابنُ عَبّادٍ : حُظُوظَةٌ بضَمِّهِنّ وهي جُمُوعُ الكَثْرَة ومنهُ قَوْلُ الشِّهَاب المَقَرِيّ في أَوّل قَصِيدَتهِ المَشْهُورَة : .
سُبْحَانَ من قَسَمَ الحُظُو ... ظَ فلا عِتَابَ ولا مَلامهْ ورَجُلٌ حَظٌّ وحَظِيظٌ نَقَلَهُمَا الجَوْهَرِيّ وحَظِّيٌّ على النَّسَبِ كما في النُّسَخ أَو مَنْقُوص كما نَقَلَهُ الأَزْهَرِيُّ قالَ : وأَصْلُه حَظّ والجَمْعُ أَحِظّاء ومَحْظُوظٌ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ أَيْضاً وهو قول أَبي عَمْرٍو أَي مَجْدُودٌ ذُو حَظٍّ مِنَ الرِّزْق . وقدْ حَظِظْتَ بالكَسْرِ تَحَظُّ في الأَمْرِ حَظَّاً نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ . والحُظُظُ بضَمَّتَيْن وكصُرَدٍ : صَمْغٌ كالصَّبِر وقِيلَ : هو عُصارَةُ الشَّجَرِ المُرِّ وقِيلَ : هو كُحْلُ الخَوْلانِ . قال الأَزْهَرِيُّ : هو الحُدُلُ .
وقال الجَوْهَرِيّ : هو دَواءٌ وقد مَرَّتْ لُغَاتُه فصارَ فيه سِتُّ لُغَاتٍ . وأَنْشَدَ شَمِرٌ على هذِه اللُّغَةِ : .
" أَمَرَّ مِنْ مَقْرٍ وصَبْرٍ وحُظَظْ وأحَظَّ الرَّجُلُ : صارَ ذَا حَظٍّ وبَخْتٍ .
وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ : قال : اللَّيْثُ : ونَاسٌ من أَهْلِ حِمْصَ يَقُولُونَ لِلْحَظِّ : حَنْظ فإِذا جَمَعُوا رَجَعُوا إِلَى الحُظُوظِ وتِلْكَ النُّونُ عِنْدَهُمْ غُنَّةٌ ولَيْسَتْ بأَصْلِيَّةٍ .
وفُلانٌ أَحَظُّ من فُلانٍ أَي أَجَدُّ منه نقله الجَوْهَرِيّ . فأَمَّا قَوْلُهُمْ : أَحْظَيْتُه عَلَيْه فقد يَكُونُ من هذَا البَابِ عَلَى أَنَّه من المُحَوَّلِ وقد يَكُونُ من الحُظْوَةِ وسَيَأْتِي في المُعْتَلِّ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى .
وقال أَبو الهَيْثَم فِيما كَتَبَه لابْنِ بُزُرْجَ : يُقَالُ : هُمْ يَحَظُّونَ بهم ويَجَدُّون نَقَلَهُ الأَزْهَرِيُّ رادَّاً به قَوْلَ اللَّيْثِ السَّابِقَ : وَلَمْ أَسْمَعْ من الحَظِّ فِعْلاً .
ورَوَى سَلَمَةُ عن الفَرَّاءِ قال : الحَظِيظُ : الغَنِيُّ المُوسِرُ .
وقال غَيْرُه : أَحَظَّ الرَّجُلُ إِذَا اسْتَغْنَى كما في العُبَابِ والتَّكْمِلَةِ .
ح ف ظ .
حَفِظَهُ كعَلمِهُ حِفْظَاً : حَرَسَه كما في الصّحاح .
و حَفِظَ القُرْآنَ : اسْتَظْهَرَهُ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ أَيضاً أَي وَعَاهُ على ظَهْرِ قَلْبٍ كما في المِصْبَاح وهو من ذلِكَ . ومنهُ قَوْلُ المُحَدِّثين : عَرَض مَحْفُوظَاتهِ علَى فُلانٍ .
وحَفِظَ المَالَ والسِّرَّ : رَعاهُ وحَفِظَ الشَّيْءَ حِفْظاً فهو حَفِيظٌ عن اللِّحْيَانِيّ . ورَجُلٌ حافِظٌ مِنْ قَوْمٍ حُفَّاظٍ وهُمْ الَّذِينَ رُزِقُوا حِفْظَ ما سَمِعُوا وقَلَّمَا يَنْسَوْنَ شَيْئاً يَعُونَهُ وحافِظٌ من قَوْمٍ حَفَظَةٍ مُحَرَّكة ككَاتِبٍ وكَتَبةٍ . ورَجُلٌ حَافِظُ العَيْنِ أَيْ لا يَغْلِبُه النَّوْمُ عن اللِّحْيَانيّ وهو من ذلِكَ لأَنَّ العَيْنَ تَحْفَظُ صاحِبَها إِذا لَمْ يَغْلِبْهَا النَّوْمُ