ومن المَجَازِ : النَّبْطُ : غَوْرٌ المَرْءِ . يُقَالُ : فُلانٌ لا يُدْرَك نَبْطُه ولا يُدْرَكُ لَهُ نَبْطٌ أَيْ لا يُعْلَمُ غَوْرُهُ وغَايَتُهُ وقَدْرُ عِلْمِه . وقال ابنُ سِيدَه : فُلانٌ لا يُنَالُ له نَبْطٌ إِذا كَانَ دَاهِياً لا يُدْرَكُ لَهُ غَوْرٌ . والنَّبَطُ : جِيلٌ يَنْزِلُونَ بالبَطَائحِ بَيْنَ العِراقَيْنِ كَذَا في الصّحاح . وفي التَّهْذِيب : يَنْزِلُون السَّوَادَ . وفي المُحْكَمِ : سَوَادَ العِرَاقِ كالنَّبِيطِ كَأَمِيرٍ كالحَبَشِ والحَبِيشِ في التَّقْدِير . وهُم الأَنْبَاطُ جَمْعٌ وهُوَ نَبَطِيٌّ مُحَرَّكَة ونَبَاطِيٌّ مُثَلَّثَةً ونَبَاطٍ كثَمانٍ مِثْلُ يَمَنِيّ ويَمَانِيٍّ ويَمَانٍ . نَقَلَ الجَوْهَرِيُّ التَّحْرِيكَ والفَتْحَ في الثّاني . قال : وحَكَى يَعْقُوبُ نُبَاطِيّ بالضّمِّ أَيْضاً .
وقال ابْن الأَعْرَابِيّ : رَجُلٌ نُبَاطِيٌّ بضَمّ النُّونِ ونَبَاطِيّ ولا تَقُلْ نَبَطيّ ويُقَالُ : إِنَّمَا سُمُّوا نَبَطاً لاسْتِنْبَاطِهم ما يَخْرِجُ من الأَرْضِينَ وفي حَدِيثٍ ابْنِ عَبّاسٍ : نَحْنُ مَعاشِرَ قُرَيْشٍ مِنَ النَّبَطِ من أَهْلِ كُوثَى رَبِّي قِيلَ : إِنَّ إِبْرَاهِيمَ الخَلِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ وُلِدَ بِهَا وكانَ النَّبَطُ سُكَّانَها .
قُلْتُ : وقد وَرَدَ هكَذَا أَيضاً عن عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْه كما رَوَاهُ ابْنُ سِيرِينَ عن عُبَيْدَةَ السّلمانِيّ عَنْه : مَنْ كانَ سَائِلاً عَنْ نِسْبَتِنَا فإِنّا نَبَطٌ من كُوثَى . وهذا القَوْلُ مِنْهُ ومِن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم إِشارَةٌ إلى الرَّدْعِ عن الطَّعْنِ في الأَنْسَابِ والتَّبَرَّى عن الافْتِخَارِ بِها وتَحْقِيقٌ لِقَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ : " إِنّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكمْ " .
وقَدْ تَقَدَّم تَحْقِيقُ ذلِكَ في ك و ث بأَبْسَطَ مِنْ هذا فَراجِعْهُ .
وفي حَدِيثِ عَمْرِو بنِ مَعْدِي كَرِبَ سَأَلَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ سَعِدِ بنِ أَبِي وَقّاصٍ فقالَ : أَعْرَابِيٌّ في حِبْوَتِهِ نَبَطِيٌّ في جِبْوَتِهِ . أَرادَ أَنَّه في جِبَايَةِ الخَرَاجِ وعِمَارَةِ الأَرَاضِي كالنَّبَطِ حِذْقاً بِهَا ومَهَارَةً فِيهَا . لأَنَّهم كانَوا سُكَّانَ العِرَاقِ وأَرْبابَها . وفي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى : " كُنَّا نُسْلِفُ نَبِيطُ أَهْلِ الشّام وفي رِوَايَة : أَنْبَاطاً مِنْ أَنْبَاطِ الشَّام . وفي حَدِيثِ الشَّعْبِيّ : أنَّ رَجُلاً قال لآخَرَ : يا نَبَطِيٌّ فقالَ : لا حَدَّ عَلَيْه كُلُّنَا نَبَطٌ . يريد الجِوَارَ والدَّارَ دُونَ الوِلاَدَةِ . وحَكَى أَبُو عَلِيٍّ أَنَّ النَّبَطَ وَاحِدٌ بِدلالَةِ جَمْعِهِمْ إِيّاهُ في قَوْلهِم : أَنْبَاطٌ . فأَنْبَاطٌ في نَبَطٍ كأَجْبَالٍ في جَبَل . والنَّبِيطُ كالكَلِيبُ والمَعِيزُ . وتَنَبَّطُ الرَّجُلُ : تَشَبَّهَ بِهِم . ومنه الحَدِيثُ : لا تَنَبَّطُوا في المَدائن أَيْ لا تَشَبَّهُوا بالنَّبَطِ في سُكْنَاهَا واتّخاذِ العَقارِ والمِلْكِ . أَو تَنَبَّطَ : تَنَسَّبَ إِلَيْهِمْ وانْتَمَى وتَنَبَّطَ الكَلامَ : اسْتَخْرَجُهْ هكَذَا هو في النُّسَخ . والصَّوابُ : انْتَبَطَ الكلامَ كما رَوَاهُ الصّاغَانِيّ عن ابنِ عَبّاد . وأَنْشَدَ لِرُؤْبَةَ : .
يَكْفِيك أَثْرِي القَوْلَ وانْتِباطِي ... عَوَارِماً لَمْ تُرْمَ بالإِسْقاطِ ونُبَيْطٌ كزُبَيْرٍ ابنُ شُرَيْطِ بن أَنَسٍ الأَشْجَعِيّ : صَحابِيٌّ لَهُ أَحادِيثُ وعَنْهُ سَلَمَةُ في سُنَنِ النَّسَائِيّ .
قُلْتُ : وتِلْكَ الأَحَادِيثُ وَصَلَتْ إِلَيْنَا من طِرِيقِ حَفِيدِه أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْراهِيمَ بْنِ نُبَيْطِ بنِ شُرَيطٍ وقَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ وفي سَلَمَةَ .
وفي الأَخِيرِ قَال البُخَارِيّ : يُقَال : اخْتَلَطَ بِأَخَرَةٍ كما في دِيوانِ الذَّهَبِيّ