والسُّلْطانُ : الحُجَّةُ والبُرْهانُ ومِنْهُ قوله تعالى : " لا تَنْفُذونَ إلاَّ بِسُلْطانٍ " وَقَدْ يُرادُ به المُعْجِزَةُ كقوله تعالى : " إذْ أَرْسَلْناهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بسُلْطانٍ مُبينٍ " وإذا كانَ بمَعْنى الحُجَّةِ لا يُجْمَعُ ؛ لأنَّ مَجْراه مَجْرى المَصْدَرِ . قالَ مُحمَّد بن يَزيد : هو من السَّليطِ وهو دُهْنُ الزَّيْتِ لإضاءتِه أَي فإِنَّ الحُجَّةَ من شَأْنِها أن تَكُونَ نَيِّرَةً . قالَ ابن عبّاسٍ : وكُلُّ سُلْطانٍ في القُرْآنِ حُجَّةٌ . وفي البَصائر : إنَّما سُمِّيَ الحُجَّةُ سُلْطاناً لما لِلْحَقِّ من الهُجومِ عَلَى القُلوبِ لكِنَّ أكْثَرَ تَسَلُّطِه عَلَى أَهْلِ العِلْمِ والحِكْمَةِ . وقالَ اللَّيْثُ : السُّلْطان : قُدْرَةُ من جُعِلَ ذلِكَ لهُ وإن لم يَكُنْ مَلِكاً كقولك : قَدْ جَعلتُ لكَ سُلْطاناً عَلَى أَخْذِ حَقّي من فُلانٍ . وتُضَمُّ لامُهُ يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ . وقالَ ابن السِّكِّيتِ : السُّلْطانُ مُؤَنَّثَةٌ يُقَالُ : قَضَتْ به عَلَيْهِ السُّلْطانُ وَقَدْ آمَنَتْهُ السُّلْطانُ . قالَ الأّزْهَرِيّ : ورُبَّما ذُكِّرَ السُّلْطانُ ؛ لأنَّ لَفْظَه مُذَكَّرٌ وقالَ الله تعالى : " بسُلْطانٍ مُبينٍ " . والسُّلْطانُ : الوالي وهو ذو السَّلاطَةِ وإطلاقُه عَلَيْهِ هو الأكْثَرُ يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ وقالَ محمَّدُ بن يَزيد : هو مُؤَنَّثٌ وذلِكَ لأَنَّهُ في معنى الجمعِ أَي أَنَّهُ جمعُ سَلِيطٍ للدُّهْنِ مِثْلُ : قَفيزٍ وقُفْزانٍ وبَعيرٍ وبُعْرانٍ . ومن ذَكَّرَه ذَهَبَ به إِلَى معنى الواحِدِ قالَ الأّزْهَرِيّ : ولم يَقُلْ هذا غيرُه . كأَنَّ به يُضيءُ المُلْكُ . وفي البَصائرِ : سُمِّيَ به لتَنْويرِهِ الأَرْضَ وكَثْرَةِ الانْتِفاع به أَو لأَنَّه بمَعْنَى الحُجَّةِ وإِنَّما قِيل للخَليفَةِ : سُلْطانٌ ؛ لأنَّه ذو السُّلْطان أَي ذو الحُجَّة . وقِيل : لأَنَّه به تُقامُ الحُجَجُ والحُقوقُ . وقالَ أَبُو بكر : في السُّلْطانِ قولانِ : أَحَدُهما أَن يكونَ سُمِّيَ لتَسْليطِهِ والآخرُ أَن يكونَ سُمِّيَ لأَنَّه حُجَّةٌ من حُجَجِ الله . قُلْتُ : ويُؤَيِّدُهُ الحَديثُ : " السُّلْطانُ ظِلُّ الله في الأَرْضِ يأْوي إِلَيْه كلُّ مَظْلُوم " . وَقَدْ يُذَكَّرُ ذَهَاباً هو من قولِ الفَرَّاءِ : ونَصُّه : السُّلْطانُ عندَ العَرَبِ : الحُجَّةُ ويُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ فمن ذَكَّرَهُ ذَهَبَ به إِلَى معنى الرَّجُلِ ومن أَنَّثَهُ ذَهَبَ به إِلَى معنى الحُجَّةِ . وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ : سُلْطَانُ الدَّمِ : تَبَيُّغُه . والسُّلْطانُ من كلِّ شيءٍ : شِدَّتُه وحِدَّتُه وسَطْوَتُه قالَ : ومِنْهُ اشْتِقاقُ السُّلْطان . وسُلْطَانُ بنُ إبراهيمَ : فقيهُ القُدْسِ . قُلْتُ : وأَبو العَزَائمِ سُلْطَانُ بنُ أَحمدَ بنِ سَلامَةَ بنِ إِسْماعيلَ المَزَّاحِيُّ فَقيهُ أَهلِ مِصَرَ ومُحَدِّثُهُم ومُقْرِئُهم أَخَذَ عن الشَّيخِ سَيْفِ الدِّين بنِ عطاءِ اللهِ الفَضَالِيُّ البَصيرِ والنُّورِ الزِّيادِيّ والشِّهابِ أَحمدَ بنِ خَليلٍ السُّبْكِيِّ وسالمِ بنِ محمَّدٍ السَّنْهورِيّ وأَبي بَكْرٍ بن إِسْماعيلَ الشَّنَوَانِيّ والبُرْهانِ إِبراهيمَ اللَّقانِيِّ والشَّمسِ محمَّدٍ الخَفاجِيِّ والشَّمسِ المَيْمونِيّ وغيرِهم وتوفِّي سنة 1075 وكانت وِلادَتُه سنة 985 وعنه الحافظُ شَمْسُ الدِّينِ البابليُّ . والنُّورُ عليٌّ الشَّبْرامَلسيّ ومنْصورُ بنُ عبدِ الرَّزَّاق الطُّوخيّ وشاهينُ الأَرْمَناوِيُّ الحَنَفِيُّ والشِّهابُ أَحمدُ بنُ عبدِ اللَّطيفِ البَشْبيشِيُّ وأَرَّخَ موتَه الفاضلُ محمَّدُ ابنُ عبدِ الوهَّابِ البِبْلاوِيّ : .
شافِعِيُّ العَصْرِ وَلَّى ... وله في مِصْرَ سُلْطَانْ .
في جُمادَى أَرَّخُوه ... في نَعيمِ الخُلْدِ سُلْطَانْ والسِّلْطَةُ بالكَسْرِ : السَّهْمُ الدَّقيقُ الطَّويلُ واقْتَصَرَ الجَوْهَرِيّ عَلَى الوَصْفِ الأَخيرِ ج : سِلَطٌ بكَسْر ففَتْح وهذه عن ابن عَبَّادٍ وسِلاَطٌ بالكَسْرِ أَيْضاً وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيّ للمُتَنَخِّلِ : .
كأَوْبِ الدَّبْرِ غامِضةً وليْسَتْ ... بمُرْهَفَةِ النِّصالِ ولا سِلاَطِ