وكان حَدُّه مَخْيوطاً فَليَّنوا الياءَ كما لَيَّنوها في خاطٍ والْتَقَى ساكِنان : سُكونُ الياءِ وسُكونُ الواو فقالوا : مَخيطٌ لالْتِقاءِ الساكِنَيْن أَلْقَوْا أَحَدَهما . وكَذلِكَ : بُرٌّ مَكيل وأَصلُه مَكْيول قالَ الجَوْهَرِيّ : فمن قالَ مَخْيوطٌ أَخْرَجَه عَلَى التَّمام . ومن قالَ مَخِيطٌ بَناهُ عَلَى النَّقْصِ ؛ لنُقصانِ الياء في خِطْتُ والياءُ في مَخيط هي واوُ مَفْعولٍ انْقَلَبَتْ ياءً ؛ لسُكونِها وانْكِسارِ مَا قَبْلَها وإنّما حُرِّكَ مَا قَبْلَها لسُكونِها وسُكونِ الواوِ بعد سُقوطِ الياءِ وإنّما كُسِرَ ليُعْلَم أنَّ السَّاقِطَ ياءٌ . وناسٌ يَقولون : إنَّ الياءَ في مَخيطٍ هي الأصْلِيَّة والَّذي حُذِفَ واوُ مَفْعولٍ ليُعْرَفَ الواوِيُّ من اليائِيِّ والقول هو الأوَّل ؛ لأنَّ الواوَ مَزيدَةٌ للبِناءِ فلا يَنْبَغي لها أنْ تُحْذَف والأصْلِيُّ أَحقُّ بالحَذْفِ لاجْتِماعِ ساكِنَيْن أَو عِلَّةٍ توجِبُ أَنْ يُحْذَف حَرْفٌ . كَذلِكَ القول في كُلِّ مَفْعولٍ من ذَواتِ الثّلاثة إِذا كانَ من بَناتِ الياءِ فإِنَّه يَجيء عَلَى التَّمامِ إلاَّ حَرْفانِ : مِسْكٌ مَدْوُوف وثَوْبٌ مَصْوُون فإنَّ هذيْن جاءا نادِرَيْن وفي النَّحَويِّين من يَقيسُ عَلَى ذلِكَ فيقول : قولٌ مَقْوُولٌ وفرسٌ مَقْوُودٌ قِياساً مُطَّرِداً . ومن المَجَازِ : أَخَذَ اللَّيْلُ في طَيِّ الرَّيْط وتَبَيَّن الخَيْطُ من الخَيْطِ يُعْنَى بِهما الخَيْط الأبْيَض والخَيْط الأسْوَد وفي التَّنْزيل العَزيز : " حتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُم الخَيْطُ الأبْيَضُ من الخَيْطِ الأسْوَدِ من الفَجْرِ " وهُما بَياضُ الصُّبْحِ وسَوادُ اللَّيْلِ عَلَى التَّشْبيه بالخَيْطِ لدِقَّتِه . وفي حديث عَدِيِّ بن حاتِمٍ : " إنَّك لعَريضُ القَفا لَيْسَ المعنى ذلك ولكنَّه بَياضُ الفَجْرِ من سَوادِ اللَّيْلِ " وفي النِّهاية : ولكنَّه يُريدَ بَياضَ النَّهارِ وظُلْمَة اللَّيْلِ وقال أُمَيَّةُ بن أَبي الصَّلْتِ : .
" الخَيْطُ الأبْيَضُ ضَوْء الصُّبْحِ مُنْفَلِقٌوالخَيْطُ الأسْوَدُ لَوْنُ اللَّيْلِ مَرْكومُ وفي الصّحاح : الخَيْطُ الأسْوَدُ : الفَجْرُ المُسْتَطيل ويُقَالُ : سَوادُ اللَّيْل والخَيْط الأبْيَضُ : الفَجْرُ المُعْتَرِض قالَ أَبُو دُوادٍ الإياديُّ : .
فَلَمَّا أَضاءتْ لنا سُدْفَةٌ ... ولاحَ من الصُّبْحِ خَيْطٌ أَنارا قالَ أَبُو إسحاقَ : هُما فَجْرانِ أَحَدُهما يَبْدو أَسْوَدَ مُعْتَرِضاً وهو الخَيْطُ الأسْوَدُ والآخَرُ يَبْدو طالِعاً مُسْتَطيلاً يَمّلأ الأُفُق وهو الخَيْطُ الأبْيَضُ وحَقيقتُه : حتَّى يَتَبَيَّن لكُم اللَّيلُ من النَّهارِ . وقِيل : الخَيْطُ في البَيْتِ : اللَّوْنُ قالَ أَبُو عُبَيْدٍ : ويَدُلُّ له تَفْسيرُ النَّبيِّ صَلّى اللهُ عليه وسَلّم إيّاهُما بقوله : " إنَّما هو سَوادُ اللَّيْلِ وبَياضُ النَّهارِ " . قُلْتُ : وكذا يَشْهد له قَوْلُ أُمَيَّةَ السَّابِقُ . ومن المَجَازِ : خَيَّطَ الشَّيْبُ رَأْسَه وفي رَأسِه ولِحْيَتِه تَخْييطاً إِذا بَدا فيه وظَهَر طَرائِقَ مثلُ وَخَطَ أو : صارَ كالخُيوطِ . وفي الأَسَاسِ : هو مثلُ نَوَّرَ الشَّجَرُ ووَرَّدَ فتَخَيَّطَ رَأسُه بالشَّيْبِ قالَ بَدْرُ بن عامِرٍ الهُذَلِيّ : .
تالله لا أَنْسَى مَنيحَةَ واحِدٍ ... حتَّى تَخَيَّطَ بالبَياضِ قُروني هَكَذا في اللّسَان . قُلْتُ : والرِّواية : أَقْسَمْت لا أَنْسى ويُرْوى : تَوَخَّطَ . والقُرونُ : جَوانِبُ الرَّأْسِ ومَنيحَة واحِدٍ يريد مَنيحة رَجُلٍ . وفي العُبَاب : يَعْني به أبا العِيالِ الهُذَلِيّ . وقال ابنُ بَرِّيّ : قالَ ابن حَبيب : إِذا اتَّصَل الشَّيْبُ في الرَّأسِ فَقَدْ خَيَّطَ الرَّأسَ الشَّيْبُ فجَعَل خَيَّطَ مُتَعَدِّياً قالَ : فتَكونُ الرِّوايَةُ عَلَى هذا : .
" حتَّى تُخَيَّطَ بالبَياضِ قُروني