ذُو عِرْضِهِم : أَشْرَافُهُم وقيل : ذُو حَسَبِهِم . ويُقَال : فُلانٌ كَرِيمُ العِرْضِ أَيْ كَرِيمُ الحَسَبِ وهو ذُو عِرْضٍ إِذَا كَانَ حَسِيباً . " وقد يُرَادُ بِهِ " أَي بالعِرْض " الآبَاءُ والأَجْدَادُ " ذَكَرَه أَبُو عُبَيْدٍ . يُقَال : شَتَمَ فُلانٌ عِرْضَ فُلانٍ مَعْنَاهُ : ذَكَرَ أَسْلافَه وآبَاءَه بالقَبِيح . وأَنْكَرَ ابنُ قُتَيْبَةَ أَنْ يَكُون العِرْضُ الأَسْلافَ والآباءَ وقال : العِرْضُ : نَفْسُ الرَّجُلِ وبَدَنُه لا غَيْرُ . وقال في حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِير رَضيَ الله عنه : " فمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ استَبْرَأَ لدِينِهِ وعِرْضِهِ " أَي احْتَاطَ لنَفْسِهِ . لا يَجُوزُ فيه مَعْنَى الآبَاءِ والأَسْلافِ . قيل عِرْضُ الرَّجُلِ : " الخَلِيقَةُ المَحْمُودَةُ " منه نَقَلَه ابنُ الأَثِير . وقال أَبُو بكْرِ بنُ الأَنْبَارِيّ : وما ذَهَبَ إِلَيْه ابْنُ قُتَيْبَةَ غَلَطٌ دَلَّ على ذلِكَ قَوْلُ مِسْكِينٍ الدَّرامِيّ : .
رُبَّ مَهْزُولٍ سَمِينٌ عِرْضُه ... وسَمِينِ الجِسْمِ مَهْزُولُ الحَسَبْ فلو كانَ العِرْضُ البَدَنَ والجِسْمَ على مَا ادَّعَى لم يَقُل مَا قَالَ إِذْ كانَ مُسْتَحِيلاً للقائِلِ أَنْ يَقُولَ : رُبَّ مَهْزُولٍ سَمِينٌ جِسْمُه لأَنَّه مُنَاقَضَةٌ وإِنَّمَا أَرادَ : رُبَّ مَهْزُولٍ جِسْمَه كَرِيمَةٌ آبَاؤُه ويَدُلُّ لِذلِك أَيْضاً قَولُه صلَّى اللهُ عَليْه وسَلَّم : " دَمُه وعِرْضُه " فلَوْ كان العِرْضُ هو النَّفْس لكان دَمُهُ كافِياً من قَوْلِهِ عِرْضُه لأَنَّ الدَّمَ يُرَادُ به ذَهَابُ النَّفْسِ . وقال أَبُو العَبَّاس : إِذا ذُكِرَ عِرْضُ فُلانٍ فمَعْنَاه أُمُورُهُ الَّتي يَرْتَفِعُ أَو يَسْقُطُ بذِكْرِهَا من جِهَتِهَا بحَمْدٍ أَو بذَمٍّ فيجُوزُ أَنْ يكُونَ أُموراً يُوصَفُ بها هو دُونَ أَسْلافِه ويَجُوزُ أَن تُذكَر أَسْلافَه لِتَلْحَقَه النقيصَةُ بعَيْبِهم لا خِلافَ بَيْنَ أَهْلِ اللّغَةِ إِلاَّ ما ذَكَرَهُ ابنُ قُتَيْبَةَ من إِنْكَارِه أَن يَكُون العِرْضُ الأَسْلافَ والآباءَ : قلْتُ : وقد احْتَجَّ كُلٌّ مِنَ الفَرِيقَيْن بِمَا أَيَّدَ به كَلامَهُ ويَدُلُّ لابْنِ قُتَيْبَةَ قَوْلُ حَسّانَ السّابِقُ ولو ادُّعِيَ فِيهِ العُمُومُ بَعْدَ الخُصُوصِ وحَدِيثُ أَبِي ضَمْضَمٍ : " إِنّي تَصَدَّقْت بعِرْضِي على عِبَادِك " وكَذَا حَدِيثُ أَهْلِ الجَنَّةِ السَّابِقُ وكذا حَدِيثُ " لَيُّ الوَاجِدِ يُحِلُّ عُقُوبَتَه وعِرْضَه " وكَذا حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وكَذَا قَوْلُ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا " أَقْرِضْ مِن عِرْضِكَ لِيَوْمِ فَقْرِكَ " . وإِنْ أُجِيبَ عن بَعْضِ ذلِكَ . وأَمّا تَحَامُلُ ابْنِ الأَنْبَارِيّ وتَغْلِيظُه إِيَّاه فمَحَلُّ تَأَمُّلٍ . وقد أَنْصَفَ أَبُو العَبَّاسِ فِيمَا قالَه فإِنَّه جَمَعَ بين القَوْلَيْنِ ورَفَعَ عن وَجْهِ المُرَادِ حِجَابَ الشَّيْن فتَأَمَّلْ واللهُ أَعْلَمُ . العِرْضُ : " الجِلْدُ " أَنْشَدَ إِبْرَاهِيمُ الحَرْبِيّ : .
وتَلْقَى جَارَنَا يُثْنِي عَلَيْنَا ... إِذَا مَا حَانَ يَوْمٌ أَن يَبِينَا .
ثَنَاءٌ تُشْرِقُ الأَعْرَاضُ عَنْهُ ... به نَتَوَدَّعُ الحَسَبَ المَصُونَا العِرْضُ : " الجَيْشُ " الضَّخْمُ " ويُفِتَح " وهذَا قد تَقَدَّمَ بعَيْنِه في كَلامِه فهو تَكْرارٌ . العِرْضُ : " الوَادِي " يكون " فِيه قُرىً ومِيَاهٌ أَوْ " كُلُّ وَادٍ فيه " نَخيلٌ " وعَمَّهُ الجَوْهَرِيّ فقالَ : كُلُّ وَادٍ فيه شَجَرٌ فهو عِرْضٌ وأَنْشَدَ : .
لَعِرْضٌ من الأَعْرَاض تُمْسِي حَمَامُه ... وتُضْحِي عَلَى أَفْنَانِهِ الغِينِ تَهْتِفُ .
أَحَبُّ إِلى قَلْبِي مِنَ الدِّيكِ رَنَّةً ... وبابٍ إِذا ما مَالَ للغَلْقِ يَصْرِفُ العِرْض : " وَادٍ " بعَيْنِه " باليَمَامَةِ " عَظِيمٌ وهُمَا عِرْضَانِ عِرْضُ شَمَامِ وعِرْضُ حَجْرٍ . فالأَوَّل يَصُبّ في بَرْكٍ وتَلْتَقِي سُيُولُهُمَا بجَوٍّ في أَسْفَلِ الخِضْرِمَة فإِذا الْتَقَيَا سُمِّيَا محقّفاً وهو قاعٌ يَقْطَع الرَّمْلَ . قال الأَعْشَى :