" الفَصُّ للخَاتَمِ مُثَلَّثَةً " ذَكَرَه ابنُ مَالِكٍ في مَثَلَّثِهِ وغَيْرُ وَاحِد ولكن صَرَّحُوا بِأَنَّ الفَتْحَ هو الأَفْصَحُ الأَشْهَرُ " والكَسْرُ غَيْرُ لَحْنٍ ووَهِمَ الجَوْهَرِيّ " ونَصُّه : فَصُّ الخَاتَمِ وَاحِدُ الفُصُوصِ والعامَّةُ تَقولُ : فِصٌّ بالكَسْرِ . انْتَهَى . وقال ابنُ السِّكِّيت في باب ما جَاءَ بالفَتْح : فَصُّ الخَاتَمِ ثمّ سَرَدَ بَعْدَ ذلِكَ كَلِمَاتٍ أُخَرَ وقال في آخِرِها : والكَلامُ على هذِه الأَحْرُفِ الفَتْحُ وقال اللَّيْثُ : وفَصُّ الخاتَمِ وفِصُّه بالفَتْح " والكَسْرُ " لُغَةُ العامَّةِ . ونَسَبَ الصّاغَانِيّ ما قَالَه الجوهري إلي ابن السكيت فإنه قال في آخِرِ الكَلام قال ذلِكَ ابْنُ السِّكِّيت . قُلْتُ : وتَبِعَهُ أَبُو نَصْرٍ الفَارَابيّ وغَيْرُه من الأَئِمَّة . فظَهرَ بِمَا ذَكَرْنَا من النُّصُوصِ أَنَّ مُرَادَ الجَوْهَرِيّ بأَنَّها لَحْنٌ أَي غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ أَو رَدِيئَةٌ كما قال غَيْرُه يَعْنِي أَنَّهَا بالنِّسْبَةِ للفُصَحاءِ لَحْنٌ لأَنَّهُم إِنَّمَا يَتَكَلَّمُون بالفَصِيح كما قَالُوا في قَوْلِ أَبي الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيّ : .
" ولا أَقُولُ لِقِدْرِ القَوْمِ قَدْ غَلِيَتْ البَيْت أَي أَنّه فَصِيحٌ لا يَتَكَلَّم باللُّغَةِ الغَيْرِ الفَصِيحَةِ فلا وَهَمَ في إِطْلاقِ اللَّحْنِ عَلَيْهَا ولا سِيَّمَا إِذا لم تَصِحَّ عِنْدَه أَو لم تَثْبُتْ فكَلامُه لا يَخْلُو من تَحامُلٍ لِلْقُصُورِ وغَيْرِهِ حَقَّقَهُ شَيْخُنَا . على أَنّه لَيْسَ في نَصِّ الجَوْهَرِيّ لَفْظُ اللَّحْنِ كما رَأَيْتَ سِياقَه . ونِسْبَتُه للعَّامَّةِ لا يُوجِبُ كَوْنَه لَحْناً وإِنَّمَا يُقَالَ إِنَّهَا في مُقابَلَةِ الأَفْصَحِ الأَشْهر فتَأَمَّلْ . " ج فُصُوصٌ " وأَفُصٌّ وفِصَاصٌ الأَخِيرَتان عن اللَّيْث . قال ابنُ السِّكِّيت : الفَصُّ " مُلْتَقَى كُلِّ عَظْمَيْنِ " ويُقَال للفَرَسِ إِنَّ فُصُوصَه لَظِمَاءٌ أَي لَيْسَت برَهِلَةٍ كَثِيرَةِ اللَّحْمِ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ والصّاغَانِيّ وهي مَفَاصِلُه وهو مَجازٌ ويُجْمَعُ أَيضاً على أَفُصٍّ . وقيل : المَفَاصِلُ كُلُّهَا فُصُوصٌ إِلاّ الأَصابِع فإِنَّ ذلِكَ لا يُقَال لِمَفاصِلِها . وقال أَبو زَيْد : الفُصُوصُ : المَفَاصِلُ من العِظَام كُلِّها إِلاّ الأَصَابعَ . قال شَمِرٌ : خُولِفَ أَبُو زَيْدٍ في الفُصُوصِ فقِيل : إِنّهَا البَرَاجِكُ والسُّلاَمَيَاتُ . وقال ابنُ شُمَيْلٍ في كِتَابِ الخَيْل : الفُصُوصُ مِنَ الفَرَسِ : مَفَاصِلُ رُكْبَتَيْهِ وأَرْساغَهِ وفِيهَا السُلاَمياتُ ؛ وهي عِظَامُ الرُّسْغَيْنِ وأَنْشَدَ غَيْرُه في صِفَةِ الفَحْل من الإِبِل : .
قَرِيعُ هِجَانِ لم تُعَذَّبْ فُصُوصُهُ ... بقَيْدٍ ولَمْ يُرْكَبْ صِغِيراً فيُجْدَعَا من المَجَازِ : الفَصُّ " مِنَ الأَمْرِ : مَفْصِلُه " أَي مَحَزُّه وأَصْلُه ذكَرَهُ ابْنُ السِّكِّيت فيما جاءَ بالفَتْحِ . ويُقَال : هو يَأْتِيكَ بالأَمْرِ من فَصِّهِ أَي يُفَصِّلُهُ لَكَ . ويُقَال : قَرَأْتَ في فَصِّ الكِتَابِ كَذَا . ومِنْهُ سَمَّى أَبُو العَلاءِ صاعِدٌ اللُّغَوِيُّ كِتَابَه : الفصوص ؛ وهو كِتَابٌ جَلِيلٌ في هذَا الفَنّ وقد نَقَلْنَا مِنْهُ في كِتَابِنَا هذا في بَعْضِ المَوَاضِعِ مَا يَتَعَلَّقُ به الغَرَضُ وكَذَا السُّهَرْوَرْدِيُّ سَمَّى كِتَابَه في التَّصَوفِ : فُصُوص الحِكَمِ وكُلّ ذلِكَ مَجَازٌ . وفي اللِّسَان : فَصُّ الأَمْرِ : حَقِيقَتُه وأَصْلُهُ . وفَصُّ الشّيءِ : حَقِيقَتُهُ وكُنْهُه . والكُنْهُ : جَوْهَرُ الشَّيْءِ ونِهَايَتُه . يُقَال : أَنا آتِيكَ بالأَمْرِ من فَصِّهِ يَعْنِي من مَخْرَجِه الّذِي قد خَرَجَ منه . قال الشّاعرُ قِيلَ هو الزُّبَيْرُ بنُ العَوّامِ وقيل : عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِب رَضِيَ الله تَعَالَى عنهما : .
ورُبَّ امْرِئٍ شاخِصٍ عَقْلُهُ ... وقد يَعْجَبُ النَّاسُ من شَخْصِهِ .
وآخَرَ تَحْسَبُه مائِقاً ... ويَأْتِيكَ بالأَمْرِ من فَصِّهِ ويُرْوَى : .
" ورُبَّ امْرئٍ خِلْتَه مائقاً وهو رواية الجَوْهَرِيّ ويروَى :