بحَرْشَاءَ مِطْحَانٍ كأَنَّ فَحِيحَهَا ... إذا فَزِعَتْ ماءٌ هُرِيقَ علَى الجَمْرِ وقال الجَوْهَرِيّ بعد إنْشَاد هذا البيت : والحَرِيشُ نَوعٌ من الحَيّاتِ أَرْقَطُ وقال الصّاغَانِيّ : وهو تصحيفٌ والصواب : حِرْبِشٌ كهِجْرِسٍ . قلت : وقد سَبَقه إلى ذلك أبو زَكَرِيّا وقال : المَحْفُوظ حِرْبِشٌ وكأَنَّ الصّاغانِيَّ قلَّدَه مع أَنَّ أَبا زكرِيّا لمْ يُوَهِّمْه والعَجَبُ من المُصَنِّفِ كيْف أغفْل عن هذا التَّوْهيمِ للجَوْهَرِيّ مع أَنّه غايَة مُناه . وأَنا أَقُولُ : إنّ الصّوَابَ مع الجَوْهَرِيّ ؛ فإنّ هذا النَّوْعَ من الحَيَّاتِ - الَّذِي يَكُونُ أَرْقطَ - من شَأْنِه خُشُونَةُ الجِلْدِ دائماً وقدْ جَوَّزُوا وَصْفَ الحَيَّة بالحَرْشاء اتفاقاً وتقدم عن ابنِ دُرَيْدٍ قَوله : أَفْعَى حِرْبِيشٌ : خَشِنٌ فجازَ وَصْفُهَا بالحَرِيشِ كالحِرْبِيِشِ هذا مَا يَقْتَضِيهُ الاشْتِقاقُ وأَما الحِفْظُ والنّقْلُ فنَاهِيكَ بالجَوْهَرِيِّ وشَرْطُهُ في كِتَابِهِ أَن لا يَذْكُرَ فيه إلاَّ ما صَحَّ وسُمِع من الثِّقَاتِ فتَأَمَّلْ . والحَرْشاءُ : نَبْتٌ سُهْلِيٌّ كالصَّفراءِ والغَبْرَاءِ وهي أَعْشَابٌ معروفةٌ تَسْتَطِيبُهَا الرّاعِيةُ قاله الأَزْهَرِيّ وقيلَ : الحَرْشَاءُ : ضَرْبٌ من السُّطَاحِ أَخْضَرُ يَنْبُتُ مُتَسَطِّحاً على وَجْهِ الأَرْضِ وفيه خُشُونَةٌ قال أَبو النَّجْمِ : والخَضِرُ السُّطّاحُ من حَرْشائِهِ . أَو هُوَ خَرْدَلُ البَرِّ قالَهُ أَبو نَصْرٍ وأَنشَدَ الجَوْهَرِيُّ لأَبِي النَّجْمِ : .
وانْحَتَّ مِنْ حَرْشَاءِِ فَلْج خَرْدَلُهْ ... وأَقْبَلَ النَّمْلُ قِطَاراً تَنْقُلُهْ قالَ الصّاغَانِيُّ : وقد سَقَطَ بَيْن المَشْطُورَيْنِ مَشْطُورانِ والرّوَايَة : واخْتَلَفَ النَّمْلُ . والحَرْشَاءُ الجَرْبَاءُ مِنَ النُّوقِ الَّتِي لم تُطْلَ قالَه أَبو عَمْروٍ وقالَ الأَزْهَرِيُّ : سُمِّيَت حَرْشَاءَ لخُشُونةِ جِلْدِها . والحَرَشُونُ كحَلَزُون ورأَيْتُه في نُسْخَةِ الصّحاح مَضْبُوطاً بالضْمِّ مُجَوَّداً : حَسَكَةٌ صَغِيرةٌ صُلْبَةٌ تَتَعَلَّقُ بصُوفِ الشاءِ قال الشّاعر : كمَا تَطايَرَ مَنْدُوفُ الحَرَاشِينِ . ويُقَال : إنّه شَئٌ من القُطْنِ لا تَدْمَغُه المَطَارِقُ ولا يكونُ ذلِكَ إلاَّ لخُشُونَةٍ فيه . والحَرِشُ كَكَتِفٍ بالحاءِ والخاء : مَنْ لا يَنَامُ قالَهُ الأُمَوِيّ وقِيلَ : جُوعاً ونَقَلَه الأَزْهريُّ وقال : أَظُنّ . والحَرْشُ والتّحْرِيشُ : الإِغْرَاءُ بينَ القَوْمِ أَو الكِلاَبِ وقِيلَ : الحَرْشُ والتَّحْريشُ : إغراؤُك الإنسانَ والأَسَدَ لِيَقَعَ بِقرْنه . وحَرَشَ بَيْنَهُم : أَفْسَدَ وأَغْرَى بَعْضَهُمُ ببعَض وفي الحَدِيث أَنَّهُ نَهَى عن التَّحْرِيشِ بَيْنَ البَهَائمِ هُوَ الإِغْرَاءُ وتَهْيِيجُ بَعْضِهَا على بَعْضٍ كما يُفْعَل بينَ الجِمَالِ والكِبَاش والدُّيُوكِ وغَيْرِهَا . واحْتَرَشَ لِعِيَالِه : جَمَع لَهُم واكْتَسَبَ وأنَشْدَ : .
لَوْ كُنْتَ ذَالُبٍّ تَعِيشُ بهِ ... لفَعَلْتَ فِعْلَ المَرْءِ ذِي اللُّبِّ .
لَجَعَلْتَ صَالِحَ ما احْتَرَشْتَ ومَا ... جَمَّعْتَ من نهَبٍْ إلَى نَهْبِ